للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَفْظُ) مَا يُشْتَقُّ مِنْ (تَزْوِيجٍ أَوْ إنْكَاحٍ وَلَوْ بِعَجَمِيَّةٍ) يَفْهَمُ مَعْنَاهَا الْعَاقِدَانِ وَالشَّاهِدَانِ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَاقِدَانِ الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَلَفْظِ بَيْعٍ وَتَمْلِيكٍ وَهِبَةٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ»

(وَصَحَّ) النِّكَاحُ (بِتَقَدُّمِ قَبُولٍ) عَلَى إيجَابٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ

ــ

[حاشية الجمل]

وَجَازَ أَوَّلًا رُخْصَةً لِلْمُضْطَرِّ ثُمَّ حُرِّمَ عَامَ خَيْبَرَ ثُمَّ جَازَ عَامَ الْفَتْحِ وَقَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ حُرِّمَ أَبَدًا بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي لَوْ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِلِّهِ مُخَالِفًا كَافَّةَ الْعُلَمَاءِ اهـ. ز ي وَهُوَ أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا نَظَّمَهَا السُّيُوطِيّ فِي قَوْلِهِ

وَأَرْبَعٌ تَكَرَّرَ النَّسْخُ لَهَا ... جَاءَتْ بِهَا النُّصُوصُ وَالْآثَارُ

فَقِبْلَةٌ وَمُتْعَةٌ وَخَمْرَةٌ ... كَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا تَمَسُّ النَّارُ

وَالنَّسْخُ فِي الْقِبْلَةِ تَكَرَّرَ مَرَّتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَعْبَةِ فَكَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ اسْتِقْبَالُهَا إلَى أَيِّ جِهَةٍ مِنْهَا ثُمَّ نُسِخَ اسْتِقْبَالُهَا وَوَجَبَ اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ وَفِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيلَ كَانَ يَجْعَلُ الْكَعْبَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وَقِيلَ كَانَ يَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَاسْتَمَرَّ يَسْتَقْبِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ إلَى مَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ سِتَّةَ عَشْرَ شَهْرًا فَنَسَخَتْ هَذَا الْقِبْلَةُ وَوَجَبَ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ فَقَدْ وَجَبَ اسْتِقْبَالُ الْكَعْبَةِ أَوَّلًا ثُمَّ رُفِعَ ثُمَّ وَجَبَ ثَانِيًا، وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يَتَكَرَّرْ نَسْخُهُ، وَإِنَّمَا نُسِخَ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: وَلَفْظُ مَا يُشْتَقُّ) مِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَقِّ الْمُضَارِعُ وَلَا بُدَّ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ وَعْدًا، وَاشْتِرَاطُ الِاشْتِقَاقِ وَمِنْهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْإِيجَابِ، وَأَمَّا الْقَبُولُ فَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ وُقُوعُهُمَا فِيهِ إنْ كَانَا مَعَ مُشْتَقٍّ مِنْ غَيْرِهِمَا كَقَوْلِهِ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ تَزْوِيجٍ أَوْ إنْكَاحٍ) وَلِذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ إلَّا ثَلَاثَةً النِّكَاحُ وَالسَّلَمُ وَالْكِتَابَةُ كَمَا مَرَّ فِي السَّلَمِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ تَزْوِيجٍ أَوْ إنْكَاحٍ) كَزَوَّجْتُكَ أَوْ أَنْكَحْتُكَ وَأَطْلَقَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي مُضَارِعِهِمَا ثُمَّ بَحَثَ الصِّحَّةَ إذَا انْسَلَخَ عَنْ مَعْنَى الْوَعْدِ بِأَنْ قَالَ الْآنَ وَكَأَنَا مُزَوِّجُكَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْآنَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي حَالِ التَّكَلُّمِ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَا يُوهَمُ الْوَعْدَ حَتَّى يُحْتَرَزُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ جَوَّزْتُك بِالْجِيمِ بَدَلَ الزَّايِ أَوْ أَنْأَحْتُكَ بِالْهَمْزَةِ بَدَلَ الْكَافِ صَحَّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ فِي الْمُرَاجَعَةِ رَاجَعْتُ جَوْزَتِي لِعَقْدِ نِكَاحِي فَلَا يَضُرُّ أَوْ قَالَ زَوَّزْتُكَ أَوْ زَوِّزْنِي اهـ. ع ش وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَكَذَا يَصِحُّ زَوَّجْتُ لَكَ أَوْ إلَيْكَ أَوْ زَوَّجْتُكَهُ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَلَا يَضُرُّ إبْدَالُ الْجِيمِ زَايًا وَعَكْسُهُ وَلَا إبْدَالُ الْكَافِ هَمْزَةً وَلَا زِيَادَةُ هَمْزَةٍ كَأَزْوَجْتُك وَلَا نَقْصُهَا فِي أَنْكَحْتُكَ وَلَا فَتْحُ تَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَضَمُّ تَاءِ الْمُخَاطَبِ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ لَحْنٌ سَوَاءٌ كَانَ عَامِّيًّا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتَهُ أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ نَعَمْ إنْ عَرَفَ لَفْظًا مِنْهَا مُخَالِفًا لِلْمُرَادِ وَقَصَدَهُ لَمْ يَصِحَّ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ حَجّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ خَالَفَ فِي بَعْضِ مَا ذُكِرَ. اهـ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَافُقُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي إحْدَى الْمَادَّتَيْنِ حَتَّى لَوْ صَدَرَ الْإِيجَابُ بِإِحْدَاهُمَا وَالْقَبُولُ بِالْأُخْرَى، فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعَجَمِيَّةٍ) وَهِيَ مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ لَا يَصِحُّ بِهَا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ الْوَارِدِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَاقِدَانِ الْعَرَبِيَّةَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ. مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: يَفْهَمُ مَعْنَاهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِإِخْبَارِ ثِقَةٍ عَارِفٍ اهـ. ح ل لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ، فَإِنْ فَهِمَهَا ثِقَةٌ دُونَهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا بِمَعْنَاهَا فَوَجْهَانِ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ كَمَا فِي الْعَجَمِيِّ الَّذِي ذَكَرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَأَرَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ قَالَ وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يَعْرِفَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَوْ أَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ (قَوْلُهُ بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِنَّ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ هِيَ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ مِنْ نَحْوِ {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: ٣٧] اهـ. ع ش عَلَى م ر وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ غَيْرُ اللَّفْظَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ ضَرْبًا مِنْ التَّعَبُّدِ اهـ. ح ل

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِتَقَدُّمِ قَبُولٍ) كَأَنْ يَقُولَ قَبِلْت نِكَاحَ فُلَانَةَ أَوْ تَزْوِيجَهَا أَوْ رَضِيت نِكَاحَ فُلَانَةَ أَوْ أَحْبَبْته أَوْ أَرَدْته؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ كَافِيَةٌ فِي الْقَبُولِ كَمَا يَأْتِي لَا فَعَلْت وَلَا يَضُرُّ مِنْ عَامِّيٍّ فَتْحُ التَّاءِ وَكَذَا مِنْ الْعَالِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الصِّيغَةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ. كَالْخَطَأِ فِي الْإِعْرَابِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ اهـ. ح ل وَفِي شَرْحِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>