كُفْءٍ لَهَا مُوسِرٍ بِهِ كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً أَوْ مَجْنُونَةً لِكَمَالِ شَفَقَتِهِ وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيّ «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» وَقَوْلِي بِشَرْطِهِ مِنْ زِيَادَتِي (وَسُنَّ لَهُ اسْتِئْذَانُهَا مُكَلَّفَةً) تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهَا وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «وَالْبِكْرُ يَسْتَأْمِرُهَا أَبُوهَا» بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا اسْتِئْذَانُهَا كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلِي مُكَلَّفَةً مِنْ زِيَادَتِي وَمِثْلُهَا السَّكْرَانَةُ
(وَسُكُوتُهَا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا (إذْنٌ) لِلْأَبِ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي الْمَنْعِ كَصِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّزْوِيجِ لَا لِقَدْرِ الْمَهْرِ وَكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ
ــ
[حاشية الجمل]
عَدُوًّا لَهَا وَلَوْ بَاطِنًا حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ كَوْنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ حَالًّا كُلُّهُ وَالْمُرَادُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِيهَا وَلَوْ عَرُوضًا وَكَذَا يُقَالُ فِي الْحُلُولِ وَالْمُرَادُ بِقُدْرَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِقَدْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ قَالَ شَيْخُنَا وَإِذَا حَرُمَ الْإِقْدَامُ فَسَدَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فَقَطْ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْهُ قَالَ وَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا مَرَّ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا فِي نَحْوِ مَا لَوْ عُقِدَ لِمَنْ مَهْرُهَا مِائَةٌ بِمِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مِائَةٍ فَقَطْ فَرَاجِعْهُ وَخَرَجَ بِالْعَدَاوَةِ الْكَرَاهَةُ لِنَحْوِ بُخْلٍ أَوْ عَمًى أَوْ تَشَوُّهِ خِلْقَةٍ فَيُكْرَهُ التَّزْوِيجُ فَقَطْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا حَاجَةَ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ عَدَاوَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْوَلِيِّ تَدْعُوهُ إلَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ عَدُوِّهَا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ.
(تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى اعْتِبَارِ تِلْكَ الشُّرُوطِ عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ مَعَ جَهْلِ الْوَلِيِّ بِهَا فَرَاجِعْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي اعْتِبَارِ التَّحْلِيلِ عَنْ شَيْخِنَا م ر وَمَحَلُّ اعْتِبَارِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَرْأَةِ إذْنٌ فِي التَّزْوِيجِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخِيَارِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالظَّاهِرَةِ أَنْ يَعْرِفَهَا أَهْلُ مَحَلَّتِهَا وَالْبَاطِنَةُ خِلَافُهَا. اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مُوسِرٍ بِهِ) خَرَجَ الْمُعْسِرُ وَمِنْهُ مَا لَوْ زَوَّجَ الْوَلِيُّ مَحْجُورَهُ الْمُعْسِرَ بِبِنْتٍ بِإِجْبَارِ وَلِيِّهَا لَهَا ثُمَّ يَدْفَعُ أَبُو الزَّوْجِ الصَّدَاقَ عَنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ مُعْسِرًا فَالطَّرِيقُ أَنْ يَهَبَ الْأَبُ ابْنَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ مِقْدَارَ الصَّدَاقِ وَيُقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يُزَوِّجَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ عَنْ الِابْنِ مُقَدَّمَ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هِبَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهَا بَلْ قَدْ يُدَّعَى أَنَّهُ هِبَةٌ ضِمْنِيَّةٌ لِلْوَلَدِ، فَإِنَّ دَفْعَهُ لِوَلِيِّ الزَّوْجَةِ فِي قُوَّةٍ أَنْ يَقُولَ مَلَّكْتُ هَذَا لِابْنِي وَدَفَعْته لَك عَنْ صَدَاقِ بِنْتِك الَّذِي قُدِّرَ لَهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر فِي بَابِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» ) أَيْ فِي اخْتِيَارِهَا لِلزَّوْجِ أَوْ فِي الْإِذْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا أَحَقُّ بِنَفْسِهَا فِي الْعَقْدِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُخَالِفُ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ اهـ. عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ اسْتِئْذَانُهَا مُكَلَّفَةً) أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا إذْنَ لَهَا وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ فِي الْمُمَيِّزَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَوْجَبَهُ وَيُسْتَحَبُّ حِينَئِذٍ عَدَمُ تَزْوِيجِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ وَيُنْدَبُ أَنْ يُرْسِلَ لِمَوْلِيَّتِهِ ثِقَةً لَا يَحْتَشِمُهَا وَأُمُّهَا أَوْلَى لِتَعْلَمَ مَا فِي نَفْسِهَا اهـ. شَرَحَ م ر (قَوْلُهُ: وَقَوْلِي مُكَلَّفَةً مِنْ زِيَادَتِي) خَرَجَ بِهِ الصَّغِيرَةُ فَلَا يُسَنُّ اسْتِئْذَانُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهَا وَلَوْ مُمَيِّزَةً وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ نَدْبَهُ فِي الْمُمَيِّزَةِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ أَوْجَبَهُ وَفِي الْعُبَابِ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُ الْمُرَاهِقَةِ وَأُمِّهَا أَيْضًا اهـ. ح ل
(قَوْلُهُ: وَسُكُوتُهَا بَعْدَهُ إذْنٌ) أَمَّا إذَا لَمْ تُسْتَأْذَنْ، وَإِنَّمَا زَوَّجَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ بِحَضْرَتِهَا فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ مُجْبَرَةً بِبُلُوغِهَا فَزُوِّجَتْ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ أَكُنْ بَالِغَةً حِينَ أَقْرَرْت صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يُبْطِلُ النِّكَاحَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا السَّابِقِ مِنْهَا نَقِيضُهُ لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ إبْدَائِهَا عُذْرًا فِي ذَلِكَ اهـ. شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ: لِلْأَبِ وَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ (قَوْلُهُ: كَصِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَيَكْفِي أَحَدُهُمَا اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا) إذْنُهَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَسُكُوتُهَا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَسُكُوتُهَا كَإِذْنِهَا ثُمَّ حُذِفَتْ الْكَافُ مُبَالَغَةً فِي التَّشْبِيهِ وَقُدِّمَ الْمُشَبَّهُ بِهِ كَذَلِكَ هَكَذَا يَتَعَيَّنُ وَإِلَّا فَالسُّكُوتُ لَيْسَ إذْنًا حَتَّى يُجْعَلَ خَبَرًا عَنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَالْإِذْنِ اهـ. شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لَا لِقَدْرِ الْمَهْرِ) أَيْ وَلَا لِانْتِفَاءِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ كَتَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ مُوسِرٍ وَمِنْ عَدُوٍّ لَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا الصَّرِيحِ فِي هَذَا كُلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوِّجُ الْمُجْبِرَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِ الثَّيِّبِ بِهَذَا كُلِّهِ، فَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ هِيَ وَلَا الْبِكْرُ بِمَا ذُكِرَ بَطَلَ الْعَقْدُ عِنْدَ اخْتِلَالِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَبَطَلَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فَقَطْ دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ وَهَذَا فِي تَزْوِيجِ الْمُجْبِرِ وَغَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ كَتَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي شَرْحِ م ر هُنَا وَفِي بَابِ الْكَفَاءَةِ وَعِبَارَتُهُ هُنَا وَيَكْفِي فِي الْبِكْرِ سُكُوتُهَا الَّذِي لَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ بُكَاءٍ مَعَ صِيَاحٍ أَوْ ضَرْبِ خَدٍّ لِلْمُجْبِرِ قَطْعًا وَلِغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ وَلَوْ لِغَيْرِ نَحْوِ كُفْءٍ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ لَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ اهـ. وَنَصُّ عِبَارَتِهِ فِي بَابِ الْكَفَاءَةِ لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ أَوْ غَيْرُهُ غَيْرَ كُفْءٍ بِرِضَاهَا وَلَوْ سَفِيهَةً، وَإِنْ سَكَتَتْ الْبِكْرُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِيهِ صَحَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute