للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَكِنْ جَوَّزَهُ الْقَمُولِيُّ وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] (تَحْرُمُ أُمٌّ) أَيْ نِكَاحُهَا وَكَذَا الْبَاقِي (وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْك أَوْ) وَلَدَتْ (مِنْ وَلَدِك) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْهَا نَسَبُك بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (وَبِنْتٌ وَهِيَ مَنْ وَلَدْتهَا أَوْ) وَلَدْت (مَنْ وَلَدَهَا) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَإِنْ شِئْت قُلْت كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي إلَيْك نَسَبُهَا بِالْوِلَادَةِ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (لَا مَخْلُوقَةٌ مِنْ) مَاءٍ (زِنَاهُ) فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا نَعَمْ يُكْرَهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا

ــ

[حاشية الجمل]

فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ إلَخْ) دَلِيلُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا بِجَعْلِ الْأَزْوَاجِ مِنْ أَنْفُسِنَا لِيَتِمَّ السُّكُونُ إلَيْهَا وَالتَّأَنُّسُ بِهَا وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ مَا ذُكِرَ وَالْإِلْفَاتُ الِامْتِنَانُ وَفِي حَدِيثٍ حَسَنٍ «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ»

(فَائِدَةٌ) الْجِنُّ أَجْسَامٌ هَوَائِيَّةٌ وَنَارِيَّةٌ أَيْ يَغْلِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهُمْ مُرَكَّبُونَ مِنْ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ كَالْمَلَائِكَةِ عَلَى قَوْلٍ وَقِيلَ أَرْوَاحٌ مُجَرَّدَةٌ وَقِيلَ نُفُوسٌ بَشَرِيَّةٌ مُفَارِقَةٌ عَنْ أَبْدَانِهَا وَعَلَى كُلٍّ فَلَهُمْ عُقُولٌ وَفَهْمٌ وَيَقْدِرُونَ عَلَى التَّشْكِيلِ بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ وَعَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ فِي أَسْرَعِ زَمَنٍ وَصَحَّ خَبَرٌ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ ذُو أَجْنِحَةٍ يَطِيرُونَ بِهَا وَحَيَاةٍ وَآخَرُونَ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَآهُمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَعُزِّرَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقُرْآنَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ عَلَى زَاعِمِ رُؤْيَةِ صُوَرِهِمْ الَّتِي خُلِقُوا عَلَيْهَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ مُؤْمِنِيهِمْ مُثَابُونَ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَدْخُلُونَهَا وَثَوَابُهُمْ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ بِالْعَوَافِي رَدَّهُ اهـ حَجّ بِاخْتِصَارٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَوَّزَهُ الْقَمُولِيُّ) أَيْ فَجَوَّزَ نِكَاحَ آدَمِيٍّ لِجِنِّيَّةٍ وَعَكْسُهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر وَأَتْبَاعُهُ وَعَلَيْهِ فَتَثْبُتُ الْأَحْكَامُ لِلْإِنْسِيِّ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي فَلِلْآدَمِيَّةِ تَمْكِينُ زَوْجِهَا الْجِنِّيَّ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبٍ حَيْثُ ظَنَّتْ زَوْجِيَّتَهُ وَلِلْآدَمِيِّ وَطْءُ زَوْجَتِهِ الْجِنِّيَّةِ وَلَوْ عَلَى صُورَةِ نَحْوِ كَلْبَةٍ حَيْثُ ظَنَّ زَوْجِيَّتَهَا وَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِمَسِّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْبَهِيمَةِ وَلَا يَصِيرُ أَحَدُهُمَا بِوَطْئِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُحْصَنًا وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ إنْ كَانَا عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي مَنْعِهَا مِنْ أَكْلِ نَحْوِ عَظْمٍ وَفِي أَمْرِهَا بِمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَفِي نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ آيَةُ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ التَّحْرِيمَ يَرْجِعُ إلَى الْعَقْدِ وَإِلَى الْوَطْءِ وَقِيلَ إلَى الْعَقْدِ فَقَطْ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُحَرَّمٌ بِالْعَقْدِ اهـ قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي أَظُنُّ فَائِدَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ فِي غَيْرِ الْأُمِّ إنْ قُلْنَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَجَبَ الْحَدُّ لِأَنَّ النَّصَّ الْمَقْطُوعَ بِهِ يَمْنَعُ الشُّبْهَةَ وَإِلَّا فَلَا اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَهِيَ مَنْ وَلَدَتْك إلَخْ) وَحُرْمَةُ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَوْنِهِنَّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الِاحْتِرَامِ فَهِيَ أُمُومَةٌ غَيْرُ مَا نَحْنُ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) تَعْمِيمٌ فِي مِنْ الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا تَعْمِيمٌ فِي صِلَتِهَا وَهِيَ الْوِلَادَةُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا) وَهِيَ الْجَدَّةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ فَهِيَ أُمٌّ حَقِيقِيَّةٌ حَيْثُ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَك وَبَيْنَهَا مَجَازًا حَيْثُ تُوجَدُ حَيْثُ تُوجَدُ الْوَاسِطَةُ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ كُلُّ أُنْثَى يَنْتَهِي) أَيْ يَصِلُ وَالْمُرَادُ النَّسَبُ اللُّغَوِيُّ وَإِلَّا فَالِانْتِسَابُ شَرْعًا لِلْآبَاءِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَبِنْتٌ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا كَالْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْتَفِ عَنْهُ قَطْعًا وَلِهَذَا لَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ لَحِقَتْهُ وَمَعَ النَّفْيِ هَلْ يَثْبُتُ لَهَا مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ شَيْءٌ سِوَى تَحْرِيمِ نِكَاحِهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا كَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ بِقَتْلِهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِهَا أَمْ لَا وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَشْبَهُهُمَا نَعَمْ وَأَصَحُّهُمَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثَانِيهِمَا كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحَهُ وَإِنْ قِيلَ إنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النُّسَخِ السَّقِيمَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ اهـ وَالْأَوْجَهُ حُرْمَةُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا احْتِيَاطًا وَعَدَمُ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِهَا لِلشَّكِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ اهـ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ مِنْ مَاءِ زِنَاهُ) الْمُرَادُ مِنْ مَاءِ الزِّنَا مَا كَانَ حَالَ خُرُوجِهِ فَقَطْ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ فِي ظَنِّهِ وَالْوَاقِعُ مَعًا وَمِنْهُ مَا خَرَجَ مِنْ وَطْءِ الْمُكْرَهِ أَوْ مِنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا أَوْ مِنْ اللِّوَاطِ وَلَوْ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ إتْيَانِ الْبَهَائِمِ وَلَوْ فِي فَرْجِهَا أَوْ مِنْ الِاسْتِمْنَاءِ بِغَيْرِ يَدِ حَلِيلَتِهِ وَلَوْ بِيَدِهِ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ وَقُلْنَا بِحِلِّهِ حِينَئِذٍ نَظَرًا لِأَصْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْمُحَرَّمِ الِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ حَلِيلَتِهِ وَلَا الْخَارِجُ فِي نَحْوِ نَوْمٍ وَلَوْ بِاسْتِدْخَالِ أَجْنَبِيَّةٍ ذَكَرَهُ وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ وَحَمَلَتْ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي هَذِهِ يَنْبَغِي أَنَّهَا نَسِيبَةٌ لِأَنَّهَا لَاحِقَةٌ لَهُ بِالْفِرَاشِ وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ أَيْضًا.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَبِنْتِ الزِّنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا مَعَهَا فَتَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>