{وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] لِبَيَانِ أَنَّ زَوْجَةَ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] وَقَالَ {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْفِيَّةً بِلِعَانِهِ بِخِلَافِ أُمِّهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُمِّهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِتَرْتِيبِ أُمُورِهِ فَحَرُمَتْ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ بِنْتِهَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي زَوْجَتَيْ الِابْنِ وَالْأَبِ وَفِي أُمِّ الزَّوْجَةِ عِنْدَ عَدَمِ الدُّخُولِ بِهِنَّ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا
(وَمَنْ وَطِئَ) فِي الْحَيَاةِ وَهُوَ وَاضِحٌ (امْرَأَةً بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ مِنْهُ) كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
وَالْأَرْبَعَةُ هِيَ الِابْنُ وَالْأَبُ وَأُمُّ الزَّوْجَةِ وَبِنْتُ الْمَدْخُولَةِ اهـ (قَوْلُهُ لِبَيَانِ أَنَّ زَوْجَةَ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَا عَنْ وَلَدِ الرَّضَاعِ اهـ سم (قَوْلُهُ {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] لَمْ يُعِدْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ لِأُمَّهَاتِ نِسَائِكُمْ أَيْضًا وَإِنْ اقْتَضَتْ قَاعِدَةُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ رُجُوعِ الْوَصْفِ وَنَحْوِهِ لِسَائِرِ مَا تَقَدَّمَهُ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إنْ اتَّحَدَ الْعَامِلُ وَهُوَ هُنَا مُخْتَلِفٌ إذْ عَامِلُ نِسَائِكُمْ الْأُولَى الْإِضَافَةُ وَالثَّانِيَةُ حَرْفُ الْجَرِّ وَلَا نَظَرَ مَعَ ذَلِكَ لِاتِّحَادِ عَمَلِهِمَا خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَامِلِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلٍّ بِحُكْمٍ وَمُجَرَّدُ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَمَلِ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْحُجُورِ) جَمْعُ حَجْرٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مُقَدَّمُ الثَّوْبِ وَالْمُرَادُ بِهَا لَازِمُ الْكَوْنِ فِيهَا وَهُوَ كَوْنُهُنَّ فِي تَرْبِيَتِكُمْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ لَمْ تَحْرُمْ بِنْتُهَا) وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَلَمْ يُنَزِّلُوا الْمَوْتَ هُنَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ وَتَقْدِيرِ الْمَهْرِ وَسِرُّ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بَيَّنَهُ حَجّ اهـ ح ل وَعِبَارَتُهُ.
(تَنْبِيهٌ) لَمْ يُنَزِّلُوا الْمَوْتَ هُنَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّنْزِيلَ هُنَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَقْدَ مُحَرَّمٌ وَهُوَ خِلَافُ النَّصِّ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ لِلنَّصِّ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْمَوْتَ مُوجِبٌ لِلْإِرْثِ وَالتَّقْدِيرُ وَسِرُّهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْ الْبِنْتِ لَوْ حَلَّتْ لِلْوَطْءِ وَتَوَابِعِهِ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ إلَّا مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ الْأُمِّ لِإِمْكَانِهِ وَعَدَلُوا عَنْ ذَلِكَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِمَا مَرَّ وَالْمَقْصُودُ فِيهِمَا الْمَالُ وَلَا جِنْسَ لَهُ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مُقَرِّرٍ لِمُوجِبِهِ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ وَهُوَ الْمَوْتُ أَوْ الْوَطْءُ الْمُؤَكِّدُ لِذَلِكَ الْمُوجِبِ اهـ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَنْفِيَّةً بِلِعَانِهِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتَ الزَّوْجَةِ كَمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بِنْتَهُ احْتِمَالًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر أَنَّ الْبِنْتَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَهُ احْتِمَالًا وَمَثَّلَ لَهَا بِالْمَنْفِيَّةِ بِاللِّعَانِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ يَخْتَلِيَ بِهَا مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَلَا اسْتِدْخَالِ مَاءٍ ثُمَّ تَلِدُ بِنْتًا يُمْكِنُ كَوْنُهَا مِنْهُ فَيَنْفِيهَا بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَحِقَتْ بِهِ لِلْفِرَاشِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهَا مِنْهُ وَلِذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَى نَافِيهَا لِأَنَّ الْمَنْفِيَّةَ بِاللِّعَانِ لَهَا حُكْمُ النَّسَبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَهَا لَحِقَتْهُ وَلَا نَقْضَ بِمَسِّهَا لِأَنَّنَا لَا نَنْقُضُ بِالشَّكِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَحْرُمُ نَظَرُهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا احْتِيَاطًا وَلَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهَا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا وَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا اهـ وَمَنْ اسْتَلْحَقَ زَوْجَةَ ابْنِهِ أَوْ زَوْجَ بِنْتِهِ صَارَ ابْنَهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ وَإِذَا مَاتَ وَرِثَتْ مِنْهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْأُخْتِيَّةِ وَإِذَا طَلَّقَ بَائِنًا امْتَنَعَ التَّجْدِيدُ اهـ م ر اهـ ز ي (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْبِنْتِ حَيْثُ لَا تَحْرُمُ إلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى الْأُمِّ وَبَيْنَ الْأُمِّ حَيْثُ تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ قَالَ الرُّويَانِيُّ لِأَنَّ فِي الْأُمَّهَاتِ مِنْ الشَّفَقَةِ وَالرِّقَّةِ عَلَى بَنَاتِهِنَّ مَا لَيْسَ فِي الْبَنَاتِ لِأُمَّهَاتِهِنَّ فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ رِقَّةً لَمْ تُنَفِّسْ عَلَى بِنْتِهَا بِعُدُولِ الزَّوْجِ إلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَبِمَا رَضِيَتْ بِهِ وَالْبِنْتُ لَمَّا كَانَتْ أَقَلَّ حُبًّا تُنَفِّسُ عَلَى أُمِّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ يُفْضِي إلَى الْقَطِيعَةِ اهـ فَإِنْ قِيلَ قَوْله تَعَالَى {اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] صِفَةٌ مُتَأَخِّرَةٌ فَهَلَّا عَادَتْ إلَى النِّسَاءِ فِي تَحْرِيمِ أُمَّهَاتِهِنَّ أَيْضًا قِيلَ لِأَنَّهَا مَجْرُورَةٌ بِالْإِضَافَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَجْرُورٌ بِالْحَرْفِ فَلَمَّا اخْتَلَفَ الْعَامِلُ قُطِعَتْ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا) لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُ وَطْءٌ أَوْ اسْتِدْخَالٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُشْبِهُهُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَتُهُ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمْكِينِهَا الْمُعْتَبَرِ بِأَنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً وَلَمْ تَدَّعِ غَلَطًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمْكِينِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ نَحْوُ صَغِيرَةٍ أَوْ ادَّعَتْ نِسْيَانًا أَوْ غَلَطًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ ذَلِكَ أَيْ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِتَحْلِيفِهِ عَلَى نَفْيِهِ حَتَّى إذَا نَكَلَ حَلَفَتْ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا أُخْتُهُ نَسَبًا لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ فَكَذَا التَّحْرِيمُ وَلَوْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أَنَّهُ وَطِئَهَا نَحْوُ أَبِيهِ قَبْلَ قَوْلِهَا بِيَمِينِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَكَّنَتْهُ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ أَوْ الْقُبُلِ وَلَمْ تَزُلْ الْبَكَارَةُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ أَيْ السَّيِّدِ الْمُحْتَرَمِ حَالَ خُرُوجِهِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِشُبْهَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ) بِخِلَافِ الْخُنْثَى فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لِوَطْئِهِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ مَا أَوْلَجَ فِيهِ أَوْ بِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ بِشُبْهَةٍ مِنْهُ كَأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ) أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ أَمَةَ فَرْعِهِ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ بِجِهَةٍ قَالَ بِهَا عَالِمٌ يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَقْلِيدُهُ وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ الشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ يُقَالُ لَهُ شُبْهَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute