أَوْ وَطِئَ بِفَاسِدِ نِكَاحٍ (حَرُمَ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا وَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَبِشُبْهَةٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ سَوَاءٌ أُوجِدَ مِنْهَا شُبْهَةٌ أَيْضًا أَمْ لَا وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَنْ وَطِئَهَا بِزِنًا أَوْ بَاشَرَهَا بِلَا وَطْءٍ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَلَا بِنْتُهَا وَلَا تَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبِتُ نَسَبًا وَلَا عِدَّةً
(وَلَوْ اخْتَلَطَتْ) امْرَأَةٌ (مُحَرَّمَةٌ) عَلَيْهِ (بِ) نِسْوَةٍ (غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ) بِأَنْ يَعْسُرَ عَدُّهُنَّ عَلَى الْآحَادِ كَأَلْفِ امْرَأَةٍ (نَكَحَ مِنْهُنَّ) جَوَازًا وَإِلَّا لَانْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ الْجَمِيعَ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ أَوْ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ حَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَقَالَ الْأَقْيَسُ عِنْدِي الثَّانِي لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ تَنَاوُلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مُتَيَقِّنِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ كَعِشْرِينَ فَلَا يَنْكِحُ مِنْهُنَّ شَيْئًا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ زَوْجَتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُطْلَقًا وَلَوْ بِاجْتِهَادٍ إذْ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ
ــ
[حاشية الجمل]
الْفَاعِلِ وَهُوَ لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ لِأَنَّ فَاعِلَهُ غَافِلٌ وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَإِذَا انْتَفَى تَكْلِيفُهُ انْتَفَى وَصْفُ فِعْلِهِ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِهِمْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يَتَّصِفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ وَالْقِسْمُ الثَّانِي شُبْهَةُ الْمَحَلِّ وَهُوَ حَرَامٌ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ فَإِنْ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِالْحِلِّ فَلَا حُرْمَةَ وَإِلَّا حَرُمَ اهـ ح ل وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُبْهَتَهُ وَحْدَهُ تُوجِبُ مَا عَدَا الْمَهْرَ إذْ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ وَشُبْهَتُهَا وَحْدَهَا تُوجِبُ الْمَهْرَ فَقَطْ وَشُبْهَتُهُمَا تُوجِبُ الْجَمِيعَ وَلَا يَثْبُتُ بِهَا مَحْرَمِيَّةٌ مُطْلَقًا فَلَا يَحِلُّ نَحْوُ نَظَرٍ وَلَا مَسٍّ وَلَا خَلْوَةٍ اهـ ز ي.
(قَوْلُهُ أَوْ وَطِئَ بِفَاسِدِ نِكَاحٍ) هَلْ مِنْ فَاسِدِ النِّكَاحِ الْعَقْدُ عَلَى خَامِسَةٍ أَوْ لَا لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَجْهَلُهُ فَلَا يُعَدُّ شُبْهَةً حَرِّرْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا أُمُّهَا وَبِنْتُهَا) أَيْ وَتَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ فِي صُورَةِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَا تَثْبُتُ فِي صُورَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَيُشِيرُ إلَيْهِ صَنِيعُ الشَّارِحِ فِي التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَمِنْ جُمْلَةِ آثَارِ عَقْدِ النِّكَاحِ ثُبُوتُ الْمَحْرَمِيَّةِ لِأُمِّ الزَّوْجَةِ وَبِنْتِهَا وَبِقَوْلِهِ وَبِشُبْهَةٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ أَيْ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِلَمْسِهَا وَهَكَذَا بَقِيَّةُ أَحْكَامِ الْأَجْنَبِيَّةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ) أَيْ مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْعَقْدِ يَقْتَضِي حِلَّ بِنْتِهَا لِأَنَّ الْبِنْتَ لَا تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ مَنْ وَطِئَهَا بِزِنًا) أَيْ حَقِيقِيٍّ بِخِلَافِ مَا عَلَى صُورَتِهِ كَوَطْءِ الْمُكْرَهِ وَالْمَجْنُونِ وَأَسْقَطَ شَيْخُنَا الْمُكْرَهَ لِأَنَّ وَالِدَهُ يَرَى أَنَّ وَطْءَ الْمُكْرَهِ لَا يُثْبِتُ النَّسَبَ وَلَيْسَ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ كَوَطْءِ الْمَجْنُونِ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ مُحَرَّمَةٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ عَلَامَةٌ يَحْصُلُ بِهَا تَمْيِيزٌ كَنَسَبٍ وَنَحْوِهِ وَأَشَارُوا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى أَنَّ الْحِلَّ وَالْحُرْمَةَ يُوجَدَانِ مَعَ غَيْرِ التَّعَيُّنِ فِيهِمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ كَنَسَبٍ لَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ.
وَعِبَارَةُ س ل نَعَمْ لَوْ تَيَقَّنَ صِفَةَ الْمُحَرَّمَةِ كَسَوَادٍ نَكَحَ غَيْرَ ذَاتِ السَّوَادِ مُطْلَقًا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْسُرَ إلَخْ) أَيْ فِي بَادِئِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْفِكْرَ يَحْكُمُ بِعُسْرِ الْعَدِّ وَقَوْلُهُ كَأَلْفِ امْرَأَةٍ أَيْ أَوْ سَبْعِمِائَةٍ فَمَا فَوْقُ وَأَمَّا الْمَحْصُورُ فَمِائَتَانِ فَمَا دُونَ وَأَمَّا الثَّلَثُمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ وَالْخَمْسُمِائَةِ وَالسِّتُّمِائَةِ فَيُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ز ي أَنَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِ خَمْسُمِائَةٍ فَمَا فَوْقُ وَأَنَّ الْمَحْصُورَ مِائَتَانِ فَمَا دُونَ وَأَمَّا الثَّلَثُمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ فَيُسْتَفْتَى فِيهَا الْقَلْبُ قَالَ وَالْقَلْبُ إلَى التَّحْرِيرِ أَمْيَلُ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ بِأَنْ جَمَعَ ذَلِكَ الْمُخْتَلَطَ بِهِ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّهُمْ نَظَرُوا فِي ذَلِكَ إلَى مَا مِنْ شَأْنِهِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَحِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَحْ لَهُ ذَلِكَ رُبَّمَا انْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَسَفَرِهِ هُوَ وَقَوْلُهُ فَعُلِمَ أَيْ مِنْ مَفْهُومِ مِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَهَلْ يَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ كَمَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَلَا يُخَالِفُهُ تَرْجِيحُهُمْ فِي الْأَوَانِي الْأَخْذُ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ إذْ النِّكَاحُ يُحْتَاطُ لَهُ فَوْقَ غَيْرِهِ وَمَا فَرَّقَ بِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ فَيُبَاحُ الْمَظْنُونُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ بِخِلَافِهِ هُنَا مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ مِنْ حِلِّ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مَعَ وُجُودِ مُتَيَقَّنَةِ الْحِلِّ اهـ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَقْيَسُ) أَيْ عَلَى مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِمَحْصُورَاتٍ ابْتِدَاءً فَيَقِيسُ الدَّوَامَ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَإِنْ كَانَ الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ يَجُوزُ فِيهِمَا الْعُدُولُ إلَى الْمَظْنُونِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَيَقَّنِ فَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ يُحْتَاطُ لَهَا أَزْيَدُ مِنْ غَيْرِهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ) أَيْ فِي حِلِّهِ وَجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِالِاحْتِيَاطِ لِلْأَبْضَاعِ لِأَنَّهَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِالْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ ارْتَضَعَ مَعَهَا وَشَكَّ هَلْ ارْتَضَعَ خَمْسًا أَمْ لَا وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ يُحْتَاطُ لَهُ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالظَّنِّ الْمُثْبَتُ ثُمَّ وَالْمَنْفِيُّ هُنَا النَّاشِئُ عَنْ الِاجْتِهَادِ قَرُبَتْ صِحَّةُ ذَلِكَ الْفَرْقِ وَيُرَدُّ هَذَا بِأَنَّ مَا هُنَا جُوِّزَ رُخْصَةً وَمَسْأَلَةُ الرَّضَاعِ ضَعُفَ فِيهَا الشَّكُّ فَثَبَتَ اسْتِصْحَابُ الْحِلِّ فَمَا عَدَا ذَلِكَ يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ظَاهِرًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْأَذْرَعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّ الشَّكَّ فِي الْمَنْكُوحَةِ مُحَرِّمٌ لَهَا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إذْ لَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُجْتَهَدِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَلَّامَةِ فِيهِ مَجَالٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute