للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْعَنَتِ عُمُومُهُ لَا خُصُوصُهُ حَتَّى لَوْ خَافَ الْعَنَتَ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا لَمْ يَنْكِحْهَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلطَّوْلِ كَذَا فِي بَحْرِ الرُّويَانِيِّ وَالْوَجْهُ تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الطَّوْلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ نِكَاحِهَا عِنْدَ فَقْدِ الطُّولِ فَيَفُوتُ اعْتِبَارُ عُمُومِ الْعَنَتِ مَعَ أَنَّ وُجُودَ الطَّوْلِ كَافٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِهَا وَبِهَذَا الشَّرْطِ عُلِمَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا (وَ) ثَالِثُهَا (بِإِسْلَامِهَا لِمُسْلِمٍ) حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ أَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: ٢٥] وَأَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ وَفِي جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ مَعَ تَيَسُّرِ مُبَعَّضَةٍ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَغَيْرِهِ كِتَابِيَّيْنِ فَتَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ وَلَا بُدَّ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْحُرِّ مُطْلَقًا نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَلَا أَمَةِ مُكَاتَبِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِعْفَافِ وَلَا أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا

(وَطُرُوُّ يَسَارٍ أَوْ نِكَاحِ

ــ

[حاشية الجمل]

فِي الدُّنْيَا) أَيْ إنْ حُدَّ وَقَوْلُهُ وَالْعُقُوبَةُ فِي الْآخِرَةِ أَيْ إنْ لَمْ يُحَدَّ اهـ ح ل فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ عُقُوبَةُ الْإِقْدَامِ وَحِينَئِذٍ فَالْوَاوُ بِحَالِهَا (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ مَيْلِهِ إلَيْهَا) أَيْ وَتَعَشُّقِهِ لَهَا وَالْعِشْقُ دَاءٌ يُهَيِّجُهُ الْبَطَالَةُ وَإِطَالَةُ الْفِكْرِ وَكَمْ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَزَالَ عَنْهُ اهـ ح ل وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ

لَيْسَ الشُّجَاعُ الَّذِي يَحْمِي فَرِيسَتَهُ ... يَوْمَ الْقِتَالِ وَنَارُ الْحَرْبِ تَشْتَعِلُ

لَكِنَّ مَنْ غَضَّ طَرْفًا أَوْ ثَنَى قَدَمًا ... عَنْ الْحَرَامِ فَذَاكَ الْفَارِسُ الْبَطَلُ

(قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَتَيْنِ) أَيْ صَالِحَتَيْنِ فَمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ صَالِحَةٍ اهـ وَيُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْكِحَ الْحُرُّ أَرْبَعَ إمَاءٍ كَمَا لَوْ نَكَحَ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ سَافَرَ لِمَكَانٍ بَعِيدٍ وَخَافَ الزِّنَا وَلَحِقَهُ مَشَقَّةٌ فِي الذَّهَابِ إلَى زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ وَعَجَزَ عَنْ الْحُرَّةِ فَنَكَحَ أَمَةً ثُمَّ سَافَرَ عَنْهَا إلَى مَكَان بَعِيدٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَهَكَذَا إلَى أَنْ اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ إمَاءٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَإِنْ أَمِنَ الزِّنَا وَقَدَرَ عَلَى الْحُرَّةِ اهـ طب وم ر وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ سم (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْضًا) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً.

(قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ) أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ التَّسَرِّي بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر وحج فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي بِأَنَّ الْوَلَدَ رَقِيقٌ فِي النِّكَاحِ وَحُرٌّ فِي التَّسَرِّي لِكَوْنِهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ) أَيْ فِي الْحُرِّ أَيْ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْآيَةِ الْكُفْرُ أَيْ وَقَدْ وُجِدَتْ فَقِيسَ عَلَيْهِ بِالْمُسَاوَاةِ فَسَاوَى الْحُرَّ وَقَوْلُهُ كَالْمُرْتَدَّةِ تَنْظِيرٌ لِقَوْلِهِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَيْ لِلْحُرِّ وَغَيْرِهِ أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ أَيْ وَنَظِيرُهَا فِي عَدَمِ الْحِلِّ لَهُمَا الْمُرْتَدَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ نِكَاحِ أَمَةٍ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَنْ بَعْضُهَا رَقِيقٌ كَرَقِيقَةٍ فَلَا يَنْكِحُهَا الْحُرُّ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ إرْفَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ مَحْذُورٌ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَدَرَ عَلَى مُبَعَّضَةٍ وَأَمَةٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا وَهُوَ الرَّاجِحُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْأَرْجَحُ الْمَنْعُ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ اقْتَصَرَ الشَّيْخَانِ) أَيْ عَنْ ذِكْرِ التَّرْجِيحِ بَلْ اقْتَصَرَا عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمُسْلِمِ إلَخْ) وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ قَالَ السُّبْكِيُّ نَعَمْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي حِلِّ نِكَاحِ الْحُرِّ إلَخْ) الْغَرَضُ مِنْ هَذَا عَزْوُهُ لِلسُّبْكِيِّ وَالرَّدُّ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ صَرِيحًا وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ عَمَّ الثَّالِثُ الْحُرَّ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَجْرِيَانِ فِي الْكَافِرِ أَيْضًا خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الشُّرُوطَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ الْأَحْرَارِ اهـ ح ل.

وَأَصْلُهُ فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا شُرُوطٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ أَمْ لَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ) أَيْ ابْتِدَاءً لَا دَوَامًا وَقَوْلُهُ وَلَا أَمَةِ مُكَاتَبِهِ أَيْ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا كَمَا سَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَتْنِ فِي الْإِعْفَافِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفَةُ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا أَيْ عَلَى التَّأْبِيدِ فَهَلْ هُمَا كَأَمَةِ الْفَرْعِ أَوْ كَأَمَةِ الْمُكَاتَبِ تَوَقَّفَ شَيْخُنَا هُنَا نَقْلًا عَنْ الْحَوَاشِي ثُمَّ قَرَّرَ فِي بَابِ الْإِعْفَافِ أَنَّهُمَا كَأَمَةِ الْمُكَاتَبِ أَيْ فَيَحْرُمَانِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ الْحَوَاشِي هُنَاكَ.

وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ هُنَاكَ مَتْنًا وَشَرْحًا وَحَرُمَ عَلَيْهِ أَيْ الْأَصْلِ نِكَاحُهَا أَيْ أَمَةِ فَرْعِهِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي إنْ كَانَ حُرًّا لِأَنَّهَا لِمَالِهِ فِي مَالِ فَرْعِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا كَالْمُشْتَرَكَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحُرِّ لَكِنْ لَوْ مَلَكَ فَرْعَ زَوْجَةِ أَصْلِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ نِكَاحُهُ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الْأَمَةُ حِينَ الْمِلْكِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَحَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ نِكَاحُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ لِمَا لَهُ فِي مَالِهِ وَرَقَبَتِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ فَإِنْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ كَمَا لَوْ مَلَكَهَا سَيِّدُهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَرْعِ فَإِنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَصْلِ بِمَالِ فَرْعِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ مُكَاتَبٌ بَعْضَ سَيِّدِهِ حَيْثُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَعْضِيَّةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ لَا يَجْتَمِعَانِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ وَكَذَا الْأَمَةُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا اهـ سم اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَمَةِ وَلَدِهِ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ النَّسَبِ دُونَ الرَّضَاعِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ الْإِرْشَادِ بِالْفَرْعِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مُؤَلِّفُهُ دُونَ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْوَلَدِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا مُوصًى لَهُ بِخِدْمَتِهَا) قَالَ حَجّ

<<  <  ج: ص:  >  >>