للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا كِتَابِيَّةً خَالِصَةً) ذِمِّيَّةً كَانَتْ أَوْ حَرْبِيَّةً فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا قَالَ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] وَقَالَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] أَيْ حَلَّ لَكُمْ (بِكُرْهٍ) لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ الْمَيْلِ إلَيْهَا الْفِتْنَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَرْبِيَّةُ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا وَلِلْخَوْفِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ وَخَرَجَ بِخَالِصَةٍ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ كِتَابِيٍّ وَنَحْوِ وَثَنِيَّةٍ فَتَحْرُمُ كَعَكْسِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَالْكِتَابِيَّةُ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ) لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِزَبُورِ دَاوُد وَنَحْوِهِ كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

ــ

[حاشية الجمل]

زَرَادُشْتُ بِفَتْحِ الزَّايِ الْمَنْقُوطَةِ وَبِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا أَلِفٌ ثُمَّ دَالٌ مُهْمَلَةٌ مَضْمُومَةٌ وَسُكُونُ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ فَوْقُ وَهُوَ صَاحِبُ كِتَابِ الْمَجُوسِ اهـ وَفِي الْقَسْطَلَّانِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ كَانَ الْمَجُوسُ أَهْلَ كِتَابٍ يَقْرَءُونَهُ وَعِلْمٍ يَدْرُسُونَهُ فَشَرِبَ أَمِيرُهُمْ الْخَمْرَ فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَعَا أَهْلَ الطَّمَعِ فَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ إنَّ آدَمَ كَانَ يُنْكِحُ أَوْلَادَهُ بَنَاتِهِ فَأَطَاعُوهُ وَقَاتَلَ مَنْ خَالَفَهُ فَأَسْرَى عَلَى كِتَابِهِمْ وَعَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَجُوسِيَّةً) هِيَ عَابِدَةُ النَّارِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ إلَّا كِتَابِيَّةٌ خَالِصَةٌ) فَالْكِتَابِيَّةُ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ كِتَابِيًّا فَمَنْ تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ تَحِلُّ لِلْكَافِرِ أَيْ غَيْرُ الْمُسْلِمَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَهَذَا يُفِيدُ حِلَّ الْكِتَابِيَّةِ لِلْمَجُوسِيِّ وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا كحج وَمَنْ لَا تَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ لَا تَحِلُّ لِلْكَافِرِ لَكِنْ يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا، وَمِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ وَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَتَمَسَّكُوا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَطَأُ صَفِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ أَهْلِ السِّيَرِ يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُحْصَنَاتُ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ مُخَصَّصَةٌ إنْ جُعِلَتْ الْكِتَابِيَّاتُ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ لِقَوْلِهِ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] أَوْ غَيْرُ مُخَصَّصَةٍ إنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ وَتَكُونُ الْآيَةُ الْأُولَى دَلِيلَ التَّحْرِيمِ وَالثَّانِيَةُ دَلِيلَ الْحِلِّ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ بِكُرْهٍ) أَيْ مَا لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمَةً تَصْلُحُ اهـ ح ل وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَدْبُ نِكَاحِهَا إذَا رُجِيَ إسْلَامُهَا كَمَا وَقَعَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ نَكَحَ نَصْرَانِيَّةً كَلْبِيَّةً فَأَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إسْلَامُهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَحْتَ قَهْرِنَا) أَيْ فَيَحْتَاجُ الزَّوْجُ إلَى أَنْ يُقِيمَ لِأَجْلِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَفِي إقَامَتِهِ هُنَاكَ تَكْثِيرُ سَوَادِ الْكُفَّارِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَتْ مُسْلِمَةٌ مُقِيمَةٌ ثَمَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلِلْخَوْفِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ تَقْتَضِي كَرَاهَةَ نِكَاحِ الْمُسْلِمَةِ الْمُقِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَلَدُ مُسْلِمٍ) أَيْ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا زَوْجَةُ مُسْلِمٍ فَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَرَّرَ فِي السِّيَرِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ إرْقَاقُهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِخَالِصَةٍ إلَخْ) وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَنْ تَوَلَّدَتْ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِمُسْلِمٍ كَالْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَغَيْرِهِ وَلَا لِكَافِرٍ لِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ وَلَهُ احْتِمَالٌ بِالْحِلِّ مُطْلَقًا خَشْيَةَ الضَّرَرِ وَاحْتِمَالٌ بِحِلِّهَا لِمِثْلِهَا وَإِجْرَاءُ ذَلِكَ فِي الذَّكَرِ الْمُتَوَلِّدِ مِمَّا مَرَّ فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْآدَمِيَّةُ تَغْلِيبًا لِغَيْرِ الْآدَمِيِّ تَغْلِيظًا حَجّ وَاعْتَمَدَ م ر عَدَمَ الْحِلِّ اهـ سم (قَوْلُهُ وَنَحْوُ وَثَنِيَّةٍ) أَيْ عَابِدَةِ وَثَنٍ أَيْ صَنَمٍ وَقِيلَ الْوَثَنُ غَيْرُ الْمُصَوَّرِ وَالْمُصَوَّرُ الصَّنَمُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا حَرُمَ بِذَلِكَ نِكَاحُ الْمُتَوَلِّدَةِ وَنِكَاحُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ وَهِيَ وَهُوَ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ أَوْ الْآدَمِيِّ وَلَمْ يُغَلِّبُوا التَّحْرِيمَ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَيَغْلِبُ وَقَوْلُهُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لحج فَهِيَ كِتَابِيَّةٌ لَا تَحِلُّ وَفِيهِ أَنَّهَا كِتَابِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْ دِينَ الْكِتَابِيِّ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهَا فِي الدِّينِ إذْ يَبْعُدُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِ بَلْ لَا يَصِحُّ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ كَعَكْسِهِ) فَإِنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا أُلْحِقَتْ بِهِ فَيَحِلُّ نِكَاحُهَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ كَذَا فِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَصَحَّحَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كِتَابِيَّةٌ خَالِصَةٌ وَحِينَئِذٍ فَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ تَغْلِيبًا إشَارَةٌ إلَى هَذَا الْقِيلِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّ الرَّافِعِيَّ جَزَمَ بِتَحْرِيمِهَا وَأَنَّهُ الْأَوْجَهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لَا مُتَمَسِّكَةٌ بِزَبُورِ دَاوُد) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ دَاوُد كَانَ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى فَهُمْ عَلَى شَرِيعَةِ مُوسَى لِأَنَّ شَرِيعَتَهُمْ مُقَرِّرَةٌ لَهَا فَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ كَمَا قَالَ الْحَلَبِيُّ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَمَسَّكَتْ بِمَا فِي الزَّبُورِ وَرَفَضَتْ مَا فِي التَّوْرَاةِ مِمَّا لَيْسَ فِي الزَّبُورِ أَيْ جَحَدَتْهُ فَتَكُونُ كَافِرَةً بِمُوسَى فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا فَلَا اعْتِرَاضَ اهـ ع ش بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ كَصُحُفِ شِيثٍ) وَهِيَ خَمْسُونَ صَحِيفَةً وَإِدْرِيسَ وَهِيَ ثَلَاثُونَ صَحِيفَةً وَإِبْرَاهِيمَ وَهِيَ عَشْرَةُ صَحَائِفَ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْمِائَةِ أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ وَقِيلَ أُنْزِلَتْ عَلَى آدَمَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي شَرْحِ الدَّلَائِلِ مَا نَصُّهُ وَشِيثٌ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ ثُمَّ تَاءٌ مُثَلَّثَةٌ أَوْ تَاءٌ مُثَنَّاةٌ وَالْأَكْثَرُ صَرْفُهُ وَفِيهِ وَجْهٌ بِعَدَمِ الصَّرْفِ وَمَعْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>