فَلَا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ قِيلَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدْرَسُ وَيُتْلَى وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ فِيهَا نَقْصًا وَاحِدًا وَهُوَ كُفْرُهَا وَغَيْرُهَا فِيهَا نُقْصَانُ الْكُفْرِ وَفَسَادُ الدِّينِ
(وَشَرْطُهُ) أَيْ حِلُّ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ الْخَالِصَةِ (فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ) نِسْبَةً إلَى إسْرَائِيلَ وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَا زِدْته بِقَوْلِيِّ (أَنْ لَا يُعْلَمَ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ)
ــ
[حاشية الجمل]
هِبَةُ اللَّهِ وَيُقَالُ عَطِيَّةُ اللَّهِ وَهُوَ خَلِيفَةُ آدَمَ وَوَصِيُّهُ وَمَجْمَعُ مَا تَنَاسَلَ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَصُحُفِ شِيثٍ) الصُّحُفُ كُلُّهَا مِائَةُ صَحِيفَةٍ أُنْزِلَتْ قَبْلَ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَثَلَاثُونَ عَلَى إدْرِيسَ وَخَمْسُونَ عَلَى شِيثٍ وَعَشْرَةٌ عَلَى مُوسَى أُنْزِلَتْ قَبْلَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَبَعْدَ غَرَقِهِ أُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ وَذَكَرَ فِي الْكَشَّافِ بَدَلَ هَذِهِ عَشْرَةً أُنْزِلَتْ عَلَى آدَمَ وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لِمُوسَى صُحُفٌ فَلْيُنْظَرْ مَعَ قَوْله تَعَالَى {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: ١٩] إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْكُتُبَ كَالتَّوْرَاةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ) أَيْ لَا نِكَاحًا وَلَا تَسَرِّيًا وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَيَكْفِي فِي إقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ إخْبَارُهُمْ بِذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ قِيلَ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الزَّبُورِ وَمَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهَا لَيْسَتْ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ يَصِحُّ نَفْيُ كَوْنِهَا مِنْ كُتُبِهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْمُهَذَّبِ فَقَالَ قِيلَ إنَّ مَا مَعَهُمْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَالْأَحْكَامِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيهِ أَيْ فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ مِنْ تِلْقَائِهِمْ وَبِذَلِكَ سَقَطَتْ حُرْمَتُهُ فَهُوَ كَالْأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ عِنْدَنَا كَذَا قَالُوهُ وَلَا يَخْفَى عَلَى ذِي مَسْكَةٍ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى إنْزَالًا فَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ كَذَا وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ مَعْدُودٌ مِنْ كِتَابِهِ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ إلَّا عَنْ الْوَحْيِ وَلَا قَائِلَ بِهِ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إمَّا بِالْعَرَبِيَّةِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْنِ وَهُمْ يَعْرِفُونَهَا لِأَنَّهَا مَرْكُوزَةٌ فِي طِبَاعِهِمْ أَوْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْهَمَهُمْ مَعَانِيهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ تَوَافَقَتْ فِيهَا قَوْمُهُمْ وَإِمَّا بِأَلْفَاظٍ مِنْ لُغَتِهِمْ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّعَبُّدِ بِهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِمَا يُوَافِقُ طِبَاعَ قَوْمِهِمْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِكَمٌ) جَمْعُ حِكْمَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا كُلُّ كَلَامٍ وَافَقَ الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ الْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ جَمْعُ مَوْعِظَةٍ وَهِيَ تَذْكِيرُ الْعَوَاقِبِ فَهُوَ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُمْ لَمَّا تَمَسَّكُوا بِمَا لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدْرَسُ وَكَانَ بِمَثَابَةِ الدِّينِ الْفَاسِدِ فَالتَّعْبِيرُ فِيهِ مُسَامَحَةٌ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاسْتَشْكَلَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ نَزَلَ فَاسِدًا وَإِنْ أُرِيدَ الْآنَ وَرُدَّ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا كَذَلِكَ وَالْجَوَابُ بِأَنَّ تَمَسُّكَهُمْ بِهِ فَاسِدٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَسْتَقِيمُ فَرَاجِعْهُ اهـ
(قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ) أَيْ يَقِينًا فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهَا إسْرَائِيلِيَّةً فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ وَفِي غَيْرِهَا اهـ وَمَعْنَى إسْرَا بِالْعَرَبِيَّةِ عَبْدٌ وَإِيلَ اللَّهُ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ إسْرَائِيلُ مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا كُلُّ مَا أُضِيفَ إلَى إيَّلَ الَّذِي هُوَ اسْمُ اللَّهِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ نَحْو جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ.
(فَائِدَةٌ) مُهِمَّةٌ اسْمُ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَبِالْعِبْرَانِيَّةِ إيل وأيل وإيلا وَبِالسُّرْيَانِيَّةِ إيلا أَوْ عيلا وَبِالْفَارِسِيَّةِ خداي وَبِالْخَزْرَجِيَّةِ تندك وَبِالرُّومِيَّةِ شمخشا وَبِالْهِنْدِيَّةِ مشطيشا وَبِالتُّرْكِيَّةِ بيات وبالخفاجية أغان بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَ هَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ وَبِالْبُلْغَارِيَّةِ تكرى وبالتغرغرية بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُهْمَلَتَيْنِ بَعْدَ الْفَوْقِيَّةِ أُلُه بِهَمْزَةٍ وَلَامٍ مَضْمُومَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ إلَخْ) هَذَا الشَّرْطُ فِي حَالِ نِكَاحِ الْحُرَّةِ الْإِسْرَائِيلِيَّة أَوْ غَيْرِهَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي وَطْءِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لَهَا عَلَى الْحُرَّةِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ فِي إسْرَائِيلِيَّةٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهَا) وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِهِ مِنْ آبَائِهَا الَّذِينَ دَخَلُوا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ نَسْخِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا مُقَيِّدًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَةَ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ اهـ ح ل وَصُورَةُ هَذَا الْقِسْمِ خَمْسَ عَشْرَةَ تَحِلُّ فِي ثِنْتَيْ عَشْرَةَ مِنْهَا وَتَحْرُمُ فِي ثَلَاثٍ فَصُوَرُ الْحِلِّ ذَكَرَهَا مَنْطُوقًا وَصُوَرُ التَّحْرِيمِ ذَكَرَهَا مَفْهُومًا بَيَانُهَا أَنَّ قَوْلَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ عَلِمَ دُخُولَهُ فِيهِ قَبْلَهَا أَوْ شَكَّ صُورَتَانِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ فِيهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ أَيْ سَوَاءٌ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا وَالْمَطْوِيَّ تَحْتَ الْغَايَةِ مَا إذَا عَلِمَ دُخُولَهُ فِيهِ قَبْلَ التَّحْرِيفِ تُضْرَبُ الثَّلَاثُ فِي الثِّنْتَيْنِ بِسِتَّةٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَعْدَ بَعْثَةٍ لَا تَنْسَخُهُ أَيْ أَوْ قَبْلَهَا فَفِي هَذِهِ الْغَايَةِ صُورَتَانِ تُضْرَبَانِ فِي السِّتَّةِ بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَأَشَارَ إلَى صُوَرِ عَدَمِ الْحِلِّ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ دُخُولَهُ فِيهِ بَعْدَهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا إلَخْ صُوَرُ هَذَا الْقِسْمِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَيْضًا لَكِنْ صُوَرُ الْحِلِّ مِنْهَا أَرْبَعٌ فَقَطْ وَصُوَرُ التَّحْرِيمِ إحْدَى عَشْرَةَ فَذَكَرَ صُوَرَ الْحِلِّ مَنْطُوقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute