وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا وَذَلِكَ بِأَنْ عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ قَبْلَهَا أَوْ شُكَّ وَإِنْ عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ أَوْ بَعْدَ بَعْثَةٍ لَا تَنْسَخُهُ كَبَعْثَةِ مَنْ بَيْنَ عِيسَى وَمُوسَى لِشَرَفِ نَسَبِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ بَعْدَهَا لِسُقُوطِ فَضِيلَتِهِ بِهَا (وَ) فِي (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة (أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ) أَيْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ بَعْثَةٍ تَنْسَخُهُ (وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ إنْ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ) وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ الْمَنْعَ بَعْدَ التَّحْرِيفِ مُطْلَقًا لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ دُخُولُهُ فِيهِ بَعْدَهَا وَبَعْدَ تَحْرِيفِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ تَحْرِيفِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَتَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ
ــ
[حاشية الجمل]
بِقَوْلِهِ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ أَيْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَعَلَى كُلٍّ سَوَاءٌ كَانَ الدُّخُولُ قَبْلَ بَعْثَةٍ غَيْرِ نَاسِخَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَثِنْتَانِ فِي ثِنْتَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَذَكَرَ صُوَرَ عَدَمِ الْحِلِّ فِي الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ دُخُولَهُ فِيهِ بَعْدَهَا وَبَعْدَ تَحْرِيفِهِ أَيْ سَوَاءٌ اجْتَنَبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا هَاتَانِ صُورَتَانِ وَبِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ تَحْرِيفِهِ هَذِهِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَبِقَوْلِهِ أَوْ عَكْسُهُ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدُّخُولُ قَبْلَ بَعْثَةٍ لَا تُنْسَخُ أَوْ بَعْدَهَا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ تُضَمَّانِ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُمَا بِخَمْسَةٍ وَبِقَوْلِهِ أَوْ شَكَّ أَيْ فِي الْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ الدُّخُولُ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ تَجَنَّبُوا الْمُحَرَّفَ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الدُّخُولُ قَبْلَ بَعْثَةٍ غَيْرِ نَاسِخَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَثِنْتَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَالْجُمْلَةُ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً تَأَمَّلْ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ بِحَسَبِ مَا يَسَّرَ اللَّهُ.
(قَوْلُهُ أَوَّلِ آبَائِهَا) أَيْ الَّذِي تُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الْأُصُولِ وَلَوْ جَدَّةً وَهُوَ قَرِيبٌ حَيْثُ تُنْسَبُ إلَيْهَا وَعُرِفَتْ قَبِيلَتُهَا بِهَا اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ م ر وَالْمُرَادُ بِأَوَّلِ آبَائِهَا أَوَّلُ جَدٍّ يُمْكِنُ انْتِسَابُهَا إلَيْهِ وَلَا نَظَرَ لِمَنْ بَعْدَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا بَعْضُ آبَائِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ اهـ (قَوْلُهُ أَوَّلِ آبَائِهَا) وَهُوَ أَوَّلُ جَدٍّ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تُنْسَبُ لَهُ وَيُعَدُّ قَبِيلَةً لَهَا وَتَشْتَهِرُ بِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا) - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي فِي صَرِيحِ الرَّوْضَةِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ شَرِيعَةِ نَبِيِّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قُلْت) وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْجُرْجَانِيَّ عَلَّلَ كَوْنَ الْإِسْرَائِيلِيَّة تَحِلُّ إذَا جَهِلَ حَالَهَا فِي الدُّخُولِ قَبْلَ التَّحْرِيفِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ نِكَاحُهُنَّ بَعْدَ نَسْخِ كِتَابِهِمْ جَازَ مَعَ التَّبْدِيلِ لِأَنَّ التَّبْدِيلَ أَخَفُّ مِنْ النَّسْخِ اهـ عَمِيرَةُ.
(تَنْبِيهٌ) مُحَصَّلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّ أَخْبَارَ أَهْلِ الْكِتَابِ تُقْبَلُ مِنْ حَيْثُ التَّقْرِيرُ بِالْجِزْيَةِ قَالَ وَالْقِيَاسُ اعْتِمَادُهُ مِنْ حَيْثُ الْمُنَاكَحَةُ وَلَكِنْ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَدَمُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ قَالَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْلِمَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَيَشْهَدَا بِمَا يُوَافِقُ صِحَّةَ دَعْوَاهُمْ اهـ (أَقُولُ) قَوْلُهُ فِي صَرِيحِ الرَّوْضَةِ إلَخْ عِبَارَتُهَا بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات إلَّا مَنْ عُلِمَ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا بَعْدَ النَّسْخِ بِبَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ وَأَخَذَ مِنْهَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَالَ بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ أَيْ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِيَّةِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نِسْبَتِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات اهـ وَأَقُولُ قَدْ ذَكَرُوا خِلَافَ ذَلِكَ فِي نَظِيرِ مَنْ عَقَدَ الْجِزْيَةَ فَانْظُرْهُ لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر اعْتِبَارَ بَعْثَةِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ النَّوَوِيِّ خِلَافَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَهِيَ بَعْثَةُ عِيسَى) أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمُتَّبِعَةِ لِمُوسَى وَقَوْلُهُ أَوْ نَبِيِّنَا أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمُتَّبِعَةِ لِعِيسَى لِأَنَّ الْإِسْرَائِيلِيَّة تَكُونُ يَهُودِيَّةً وَنَصْرَانِيَّةً هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي فَهْمِ الْعِبَارَةِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بَعْدَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا إلَخْ لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِلشَّرِيعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ كَسَائِرِ الشَّرَائِعِ قَبْلَهَا وَقَوْلُهُ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى لِأَنَّهَا نَاسِخَةٌ لِشَرِيعَةِ مُوسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَخَرَجَ بِهَذِهِ الشَّرَائِعِ الثَّلَاثَةِ مَا بَيْنَهَا وَمَا قَبْلَهَا فَلَيْسَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَمَسُّكُهُ بِهِ وَلَا عَدَمُهُ فَلَا يَضُرُّ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّوْرَاةِ إلَيْهِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِزَبُورِ دَاوُد وَهُوَ بَيْنَ مُوسَى وَعِيسَى لَا تَحِلُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَيْهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ فِيمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ابْتِدَاءً اهـ.
(قَوْلُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ عَلِمَ) أَيْ بِالتَّوَاتُرِ وَلَوْ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَمَّا فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ فَيَكْفِي إخْبَارُهُمْ وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ وَلَا بِإِخْبَارِ الْقَلِيلِ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ لَكِنْ بِإِخْبَارِ الْعَدْلِ يَحِلُّ النِّكَاحُ بَاطِنًا لِأَنَّهُ ظَنٌّ أَقَامَهُ الشَّارِعُ مَقَامَ الْيَقِينِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَخْبَرَتْ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ بِأَنَّ زَوْجَهَا مَاتَ حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ بَاطِنًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ بَعْثَةٍ لَا تَنْسَخُهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْغَايَةِ قَبْلَهُ وَكِلَاهُمَا رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ الْقَبْلِيَّةِ وَالشَّكِّ اهـ (قَوْلُهُ لِشَرَفِ نَسَبِهِمْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ وَالضَّمِيرُ فِي نَسَبِهِمْ رَاجِعٌ لِلْآبَاءِ اهـ (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ) أَيْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَهَا وَإِنْ دَخَلَ غَيْرُهُ مِنْ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ بَعْدَ نَسْخِهِ وَذَلِكَ مُقَيِّدٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَةَ بَيْنَ مَنْ تَحِلُّ وَمَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ لَا تَحِلُّ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِتَمَسُّكِهِمْ بِذَلِكَ الدِّينِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لِتَمَسُّكِهِ أَيْ أَوَّلِ الْآبَاءِ أَوْ يَقُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute