(فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ) وَلَيْسَ لَهَا قَبْضُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ (فَ) لَهَا (مَهْرُ مِثْلٍ) لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ إلَّا بِالْمَهْرِ وَالْمُطَالَبَةُ فِي الْإِسْلَامِ بِالْمُسَمَّى الْفَاسِدِ مُمْتَنِعَةٌ فَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ نَكَحَ الْمُسْلِمُ بِفَاسِدٍ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ بَلْ وَلِلْمُسَمَّى الصَّحِيحِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ ذَلِكَ زَوْجُهَا قَاصِدًا تَمَلُّكَهُ وَالْغَلَبَةَ عَلَيْهِ وَإِلَّا سَقَطَ حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ (وَمُنْدَفِعَةٌ بِإِسْلَامٍ) مِنْهَا أَوْ مِنْهُ (بَعْدَ دُخُولٍ) بِأَنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (كَمُقَرَّرَةٍ) فِيمَا ذُكِرَ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى أَنَّ لَهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحَ (أَوْ) بِإِسْلَامٍ (قَبْلَهُ) فَإِنْ كَانَ (مِنْهُ فَ) لَهَا (نِصْفٌ) أَيْ نِصْفُ الْمُسَمَّى فِي الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ (أَوْ مِنْهَا فَلَا شَيْءَ) لَهَا لِأَنَّ الْفِرَاقَ مِنْ جِهَتِهَا
(وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا) فِي نِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ (ذِمِّيَّانِ أَوْ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ أَوْ مُعَاهَدٌ أَوْ هُوَ) أَيْ مُعَاهَدٌ (وَذِمِّيٌّ وَجَبَ) عَلَيْنَا (الْحُكْمُ) بَيْنَهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ وَأَمَّا فِيهِمَا فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] وَهَذَا نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - نَعَمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ خَمْرٍ لَمْ نَحُدَّهُمْ وَإِنْ رَضَوْا بِحُكْمِنَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَالْأَخِيرَتَانِ مِنْ زِيَادَتِي (وَنُقِرُّهُمْ) أَيْ الْكُفَّارَ فِيمَا تَرَافَعُوا فِيهِ إلَيْنَا (عَلَى مَا نُقِرُّهُمْ) عَلَيْهِ (لَوْ
ــ
[حاشية الجمل]
الدَّفْعُ عَنْهُمْ اهـ (قَوْلُهُ فَلَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ إلَخْ) وَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَعَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ وَلَوْ بِسَبَبِ وَصْفٍ كَخَمْرِ عِنَبٍ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ خَمْرِ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَالتَّقْسِيطُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ كَبَوْلٍ وَخَمْرٍ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا لَوْ قَبَضَ مِنْ مُكَاتَبِهِ بَعْضَ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَاسِدِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ ذَلِكَ الْفَاسِدِ مَعَ تَمَامِ الْقِيمَةِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يَتَبَعَّضُ حُكْمُهَا وَفِيهَا نَوْعُ تَعْلِيقٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَقْبِضْهُ أَصْلًا أَوْ قَبَضَتْهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا أَمْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ إلَخْ) مَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ أَمَّا لَوْ نَكَحَ مُفَوِّضَةً فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَيْ فَلَا مَهْرَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْأَهَا بِلَا مَهْرٍ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيِّينَ وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا اهـ م ر (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً) أَيْ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ أَوْ حَرْبِيٌّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى مُعَيَّنًا أَمَّا لَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَأْتِي ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا بِأَنْ يَقْصِدَ عَدَمَ دَفْعِ مَا فِي ذِمَّتِهِ وَيَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمْ لَا اُنْظُرْهُ اهـ عَنَانِيٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَإِلَّا سَقَطَ لِأَنَّ السُّقُوطَ لَا يَكُونُ إلَّا عَمَّا فِي الذِّمَّةِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَمُنْدَفِعَةٌ بِإِسْلَامِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ كَمُقَرَّرَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَبِلَهُ مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ مَعَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْهَا أَيْ وَحْدَهَا اهـ شَيْخُنَا لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ مَعَهَا لَا يَصِحُّ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفِي الْمَعِيَّةِ يَدُومُ النِّكَاحُ وَلَا يَنْدَفِعُ فَإِنْ صَوَّرْنَا الْمَعِيَّةَ بِمَا لَوْ كَانَتْ مَحْرَمَهُ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَحْرَمَ لَا تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ كَمَا قَرَّرَهُ هُوَ اهـ
(قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا إلَخْ) مُرَادُهُ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَيْنَا وَلَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُسْلِمٌ وَجَبَ الْحُكْمُ فِيهَا حَتْمًا قَطْعًا وَكَذَا إذَا كَانَا ذِمِّيَّيْنِ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا وَمَتَى كَانَ فِيهَا ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ أَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ مُتَوَافِقَيْ الْمِلَّةِ وَجَبَ الْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَأَمَّا إذَا كَانَا مُعَاهَدَيْنِ أَوْ مُؤْمِنَيْنِ أَوْ مُعَاهَدٌ وَمُؤْمِنٌ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ جَازَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا اهـ مِنْ شَرْحِ م ر بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهَذَا نَاسِخٌ إلَخْ) وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُعَاهَدَيْنِ وَالْأُولَى عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ لِأَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ وَيُقَالُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ مَنْسُوخَةً بِالْأُولَى وَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدَيْنِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ لُزُومُ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُعَاهَدَيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الْمَنْعِ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدَيْنِ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلَ الْقِيَاسِ جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ عَمِيرَةُ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَوْ تُحْمَلَ الْآيَةُ الْأُولَى عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ إذْ لَا يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَنَا وَلَمْ نَلْتَزِمْ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ إذْ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ فَكَذَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ) أَيْ وَلِأَنَّا نُقِرُّهُمْ عَلَى شُرْبِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَجَاهَرُوا بِهِ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الزِّنَا لِأَنَّ الْخَمْرَةَ أُحِلَّتْ وَإِنْ أَسْكَرَتْ فِي ابْتِدَاءِ مِلَّتِنَا وَذَاكَ لَمْ يَحِلَّ فِي مِلَّةٍ قَطُّ قَالَ حَجّ فَإِنْ قُلْت هُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ فَلِمَ لَمْ نُؤَاخِذْهُمْ بِهَا مُطْلَقًا قُلْت ذَاكَ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِعِقَابِهِمْ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ عِنْدِي أَنَّهُمْ لَيْسُوا مُكَلَّفِينَ إلَّا بِالْفُرُوعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا دُونَ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إذْ لَا عِقَابَ فِيهَا إلَّا عَلَى مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ) وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحَنَفِيِّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ عَقِيدَةِ الْحَنَفِيِّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَاكِمِ الْمُتَرَافَعِ إلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِهِ لِقَوَاعِدِ الْأَدِلَّةِ فَضَعُفَ رَأْيُهُ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ الْكُفَّارُ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْحَنَفِيِّ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَلِئَلَّا يُرْفَعَ أَمْرُهُ إلَى مَنْ يَرَى حَدَّهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ يَرَى أَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُتَجَاهَرْ بِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَنُقِرُّهُمْ عَلَى مَا نُقِرُّ) أَيْ إنْ ذَكَرُوا مَا يَقْتَضِي التَّقْرِيرَ أَوْ عَدَمَهُ وَإِلَّا فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute