وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ مِمَّا ذَكَرْته بِقَوْلِي (بِجُنُونٍ) وَلَوْ مُتَقَطِّعًا وَهُوَ مَرَضٌ يُزِيلُ الشُّعُورَ مِنْ الْقَلْبِ مَعَ بَقَاءِ الْقُوَّةِ وَالْحَرَكَةِ فِي الْأَعْضَاءِ (وَمُسْتَحْكِمِ جُذَامٍ) وَهُوَ عِلَّةٌ يَحْمَرُّ مِنْهَا الْعُضْوُ ثُمَّ يَسْوَدُّ ثُمَّ يَتَقَطَّعُ وَيَتَنَاثَرُ (وَ) مُسْتَحْكِمِ (بَرَصٍ) وَهُوَ بَيَاضٌ شَدِيدٌ مُبَقَّعٌ وَذَلِكَ لِفَوَاتِ كَمَالِ التَّمَتُّعِ (وَإِنْ تَمَاثَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ فِي الْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ نَعَمْ الْمَجْنُونَانِ
ــ
[حاشية الجمل]
بِأَنَّهُ كَانَ جَاهِلًا بِهِ فَلَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمْ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا فِي الْعُنَّةِ فَيَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهَا كَأَنْ تَزَوَّجَهَا وَثَبَتَتْ عُنَّتُهُ ثُمَّ فَارَقَهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا فَهِيَ عَالِمَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَهَا الْفَسْخُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِمَا وَجَدَهُ بِالْآخَرِ) اُسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ فَسْخِهَا بِالْعَيْبِ بِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا بَطَلَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الْكَفَاءَةِ وَأَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ تَأْذَنَ فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَيُزَوِّجُهَا الْوَلِيُّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ النِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ اهـ ز ي.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
وَاسْتِشْكَالُ تَصْوِيرِ فَسْخِ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِهِ فَلَا خِيَارَ وَإِلَّا فَالتَّنَقِّي مِنْهُ شَرْطٌ لِلْكَفَاءَةِ وَلَا صِحَّةَ مَعَ انْتِفَائِهَا وَالْخِيَارُ فَرْعُ الصِّحَّةِ غَفْلَةٌ عَنْ قِسْمٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ كُفْءٍ وَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى سَلَامَتِهِ فَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ مَعِيبًا صَحَّ النِّكَاحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ كُفْءٍ قَالَ سم عَلَى حَجّ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا أَذِنَتْ فِي غَيْرِ كُفْءٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِغَيْرِ الْكُفْءِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْبِ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ رِضَاهَا بِالْعَيْبِ فَكَيْفَ مَعَ ذَلِكَ تَتَخَيَّرُ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِيمَنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنَّهَا تَتَخَيَّرُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِذْنِ فِيمَنْ ظَنَّتْهُ كُفُؤًا فَبَانَ مَعِيبًا فَإِنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَبَيْنَ إذْنِهَا فِي غَيْرِ الْكُفْءِ لِتَضَمُّنِهِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَقَدْ أَوْرَدْتُهُ عَلَى م ر فَوَافَقَ عَلَى الْإِشْكَالِ اهـ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّاسِ السَّلَامَةُ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَحُمِلَ الْإِذْنُ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَلَلُ الْمُفَوِّتُ لِلْكَفَاءَةِ بِدَنَاءَةِ النَّسَبِ أَوْ نَحْوِهَا حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالدُّخُولِ) أَيْ أَوْ بَيْنَهُمَا وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَدَثَ بَعْدَهَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ تَخَيَّرَ فِي الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ لَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهَا وَرُدَّ بِتَضَرُّرِهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ كُلِّهِ اهـ (قَوْلُهُ بِجُنُونٍ) وَمِثْلُهُ الْخَبَلُ كَمَا أَلْحَقَهُ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ كَذَا قِيلَ.
وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ الْجُنُونُ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ لَمَحَ أَنَّ الْجُنُونَ فِيهِ كَمَالُ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْخَبَلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُتَقَطِّعِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي الْخَفِيفُ الَّذِي يَطْرَأُ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ وَأَمَّا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ فَلَا خِيَارَ بِهِ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا تَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا الْمَأْيُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ بَعْدَ الْمَرَضِ كَالْجُنُونِ وَالصَّرَاعُ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَقَطِّعًا) أَيْ أَوْ غَيْرَ مُسْتَحْكِمٍ وَفَارَقَ غَيْرَهُ بِإِفْضَائِهِ إلَى الْبَطْشِ بِالْآخَرِ غَالِبًا نَعَمْ إنْ قَلَّ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَلَا خِيَارَ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكِمُ جُذَامٍ وَبَرَصٍ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَعَافُهُ النَّفْسُ وَيُعْدِي فِي الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلَدِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِحْكَامُهُمَا بَلْ يَكْفِي قَوْلُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ هَذَا جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ اهـ شَيْخُنَا وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكَمُ جُذَامٍ وَبَرَصٍ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِي الْبَرَصِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْعِلَاجَ أَوْ أَنْ يُزْمِنَ أَوْ يَتَزَايَدَ، وَفِي الْجُذَامِ الِاسْوِدَادُ مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لَا التَّقَطُّعُ وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَنْ شَيْخِهِ م ر مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاسْتِحْكَامِ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْكَامَ هُوَ التَّقَطُّعُ وَأَنَّ الِاسْوِدَادَ الْمَذْكُورَ وَلَا يُسَمَّى اسْتِحْكَامًا فَلَا خِلَافَ وَلَا اعْتِرَاضَ اهـ (قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكَمُ جُذَامٍ وَبَرَصٍ) جَزَمَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِاعْتِبَارِ الِاسْتِحْكَامِ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ حَيْثُ قَالَ وَمُسْتَحْكِمٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اسْتَحْكَمَ الشَّيْءُ أَيْ صَارَ مُحْكَمًا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ فَاسْتَفْعَلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ وَكَأَنَّهُمَا لَمَّا بَلَغَا مَبْلَغًا لَا يَقْبَلُ الْعِلَاجَ أَوْ تَعَسَّرَ لَزِمَا مَحَلَّهُمَا فَصَحَّ وَصْفُهُمَا لِذَلِكَ بِأَنَّهُمَا مُسْتَحْكِمَانِ مُثْبِتَانِ لِلْخِيَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَمُسْتَحْكِمُ جُذَامٍ هُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ يُقَالُ أَحْكَمَهُ فَاسْتَحْكَمَ أَيْ صَارَ مُحْكَمًا لَكِنْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ فَتْحُ كَافِهِ وَهُوَ خَطَأٌ إذْ هُوَ لَازِمٌ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَمُسْتَحْكِمُ بَرَصٍ) الِاسْتِحْكَامُ فِيهِ أَنْ يَصِلَ إلَى الْعَظْمِ بِحَيْثُ إذَا فُرِكَ فَرْكًا شَدِيدًا لَا يَحْمَرُّ وَلَمَّا كَانَ الْجُنُونُ يُفْضِي لِلْجِنَايَةِ وَالْبَطْشِ لَمْ يُشْتَرَطْ اسْتِحْكَامُهُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ مُبَقَّعٌ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَيَاضٌ شَدِيدٌ يُبَقِّعُ الْجِلْدَ وَيُذْهِبُ دَمَوِيَّتَهُ اهـ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِالثَّلَاثَةِ لِفَوَاتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute