عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ زَوَّجَهَا عَبْدًا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ عَتَقَ بَعْضُهَا أَوْ كُوتِبَتْ أَوْ عُلِّقَ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ أَوْ عَتَقَتْ مَعَهُ أَوْ تَحْتَ حُرٍّ وَمَنْ عَتَقَ وَتَحْتَهُ مَنْ بِهَا رِقٌّ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَا لَهُ لِأَنَّ مُعْتَمَدَ الْخِيَارِ الْخَبَرُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي مَعْنَى مَا فِيهِ لِبَقَاءِ النَّقْصِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ وَلِلتَّسَاوِي فِي أُولَيَيْهَا وَلِأَنَّهُ إذَا عَتَقَ لَا يُعَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِ النَّاقِصَةِ وَيُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِالطَّلَاقِ فِي الْأَخِيرَةِ.
(لَا إنْ عَتَقَ) قَبْلَ فَسْخِهَا أَوْ مَعَهُ (أَوْ لَزِمَ دَوْرٌ) كَمَنْ أَعْتَقَهَا مَرِيضٌ قَبْلَ الْوَطْءِ وَهِيَ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِالصَّدَاقِ فَلَا تَتَخَيَّرُ فِيهِمَا وَهَاتَانِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَخِيَارُ مَا مَرَّ) فِي الْبَابِ (فَوْرِيٌّ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ وَلَا يُنَافِيهِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَمَنْ أَخَّرَ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ سَقَطَ خِيَارُهُ نَعَمْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أُخِّرَ خِيَارُهُ إلَى كَمَالِهِ أَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ فَلَهَا التَّأْخِيرُ وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْفَوْرِيَّةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ رَضِيَتْ بِعُنَّتِهِ أَوْ أَجَّلَتْ حَقَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ سَقَطَ حَقُّهَا وَهَذَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ وَرَضِيَتْ بِهِ فَإِنَّ لَهَا الْفَسْخَ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ وَكَذَا فِي الْإِيلَاءِ وَذِكْرُ فَوْرِيَّةِ خِيَارِ الْخُلْفِ فِي غَيْرِ الْعَيْبِ مِنْ زِيَادَتِي (وَتَخْلُفُ) الْعَتِيقَةُ فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا إذَا أَرَادَتْ الْفَسْخَ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ (فِي جَهْلِ عِتْقٍ) لَهَا إنْ (أَمْكَنَ) لِنَحْوِ غَيْبَةِ مُعْتِقِهَا عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ الزَّوْجُ (أَوْ) جَهْلِ (خِيَارٍ بِهِ) أَيْ يُعْتِقُهَا (أَوْ) جَهْلِ (فَوْرٍ) لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِهِ وَكَوْنُهُ فَوْرِيًّا خَفِيَّانِ لَا يَعْرِفُهُمَا إلَّا الْخَوَاصُّ وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي نَظِيرُ مَا فِي الْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ فِيهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَصْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ تُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا إنْ كَانَتْ قَرِيبَةَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْعُلَمَاءِ وَإِلَّا فَلَا وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ كَوْنَ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ مِمَّا أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ فَعَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةُ أَوْلَى (وَحُكْمُ مَهْرٍ) بَعْدَ الْفَسْخِ
ــ
[حاشية الجمل]
مَفْتُوحَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَهِيَ أَمَةُ عَائِشَةَ، وَقَوْلُهُ عَبْدًا وَاسْمُهُ مُغِيثٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ) وَغَيْرُهَا ثَلَاثَةٌ وَلَوْ قَالَ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَتَأَتَّى لَهُ الِاخْتِصَارُ فِي قَوْلِهِ فِي أُولَيَيْهَا وَهُمَا عِتْقُهَا مَعَهُ وَتَحْتَ حُرٍّ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ) قَيَّدَ بِهِ لِيَسْقُطَ مَهْرُهَا بِالْفَسْخِ فَيَأْتِي الدَّوْرُ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ كَانَ قَدْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ دَامَتْ عَلَى النِّكَاحِ كَانَ مَهْرُهَا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَيَمْلِكُهُ الْوَارِثُ وَإِنْ فُسِخَتْ سَقَطَ الْمَهْرُ فَيَضِيعُ عَلَى الْوَارِثِ وَيَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَصُورَةُ الدَّوْرِ أَنْ يَخْلُفَ عَشَرَةً وَقِيمَتُهَا عَشَرَةٌ وَصَدَاقُهَا عَشَرَةٌ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ وَهِيَ ثُلُثُهُ فَلَوْ فُسِخَتْ سَقَطَ الصَّدَاقُ فَيَصِيرُ الْمَالُ عِشْرِينَ وَقِيمَتُهَا لَا تَخْرُجُ كُلُّهَا مِنْ الثُّلُثِ بَلْ بَعْضُهَا فَيُعْتَقُ الْبَعْضُ وَيُرَقُّ الْبَعْضُ فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ فَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ عَدَمُهُ وَهَذَا حَقِيقَةُ الدَّوْرِ اهـ (قَوْلُهُ وَهِيَ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا بِالصَّدَاقِ) سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا بِيَدِ الزَّوْجِ أَوْ بِيَدِ السَّيِّدِ بَاقِيًا أَوْ تَالِفًا وَبَيَانُ الدَّوْرِ أَنَّهَا لَوْ فُسِخَتْ سَقَطَ مَهْرُهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ فَيَضِيقُ الثُّلُثُ عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا فَلَا تُعْتَقُ كُلُّهَا فَلَا يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ إلَى قَوْلِهِ فَمَنْ أَخَّرَ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْفَوْرِيَّ فِي الْعُنَّةِ إنَّمَا هُوَ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ وَأَنَّ الرَّفْعَ ابْتِدَاءً لِأَجْلِ ضَرْبِهَا لَيْسَ فَوْرِيًّا لِأَنَّهَا لَمْ تَثْبُتْ حِينَئِذٍ وَفِي م ر مَا يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ وَعِبَارَتُهُ فِيمَا سَبَقَ فِي الْعُيُوبِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَشُرِطَ رَفْعٌ لِقَاضٍ نَصُّهَا وَالْخِيَارُ الْمُقْتَضِي لِلْفَسْخِ بِعَيْبٍ مِمَّا مَرَّ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَهُوَ فِي الْعُنَّةِ بِمُضِيِّ السَّنَةِ الْآتِيَةِ وَفِي غَيْرِهَا بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِجَامِعِ أَنَّهُ خِيَارُ عَيْبٍ فَيُبَادِرُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ ثَمَّ وَفِي الشُّفْعَةِ ثُمَّ بِالْفَسْخِ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ عِنْدَهُ وَإِلَّا سَقَطَ خِيَارُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ كَوْنُ الْخِيَارِ عَلَى الْفَوْرِ ضَرْبُ الْمُدَّةِ فِي الْعُنَّةِ لِأَنَّهُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا حَيْثُ ثَبَتَتْ بِإِقْرَارِهِ مَثَلًا أَنْ تَفْسَخَ حَالًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا) أَيْ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهَا التَّأْخِيرُ انْتِظَارًا لِبَيْنُونَتِهَا فَتَسْتَرِيحُ مِنْ تَعَبِ الْفَسْخِ اهـ ح ل فَإِنْ فَسَخَتْ حِينَئِذٍ وَقَفَ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ) أَيْ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ وَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَتَأَخَّرَ إسْلَامُ الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْسُنُ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ فَلَهَا التَّأْخِيرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي هَذَا قُصُورًا بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَعَمُّ لِيَشْمَلَ الْعَيْبَ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ أَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامٌ أَيْ إسْلَامُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ رَقِيقَيْنِ وَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَيْ بَعْدُ ثُمَّ عَتَقَتْ وَتَأَخَّرَ إسْلَامُ الْآخَرِ فَلَهَا التَّأْخِيرُ إلَى الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا بِصَدَدِ الْبَيْنُونَةِ وَقَدْ لَا يُسْلِمُ الْمُتَخَلِّفُ فَيَحْصُلُ الْفِرَاقُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ جِهَتِهَا رَغْبَةٌ فِيهِ تَأَمَّلْ هَذَا التَّصْوِيرَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْإِيلَاءِ) أَيْ إذَا أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ طَلَبَ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ ثُمَّ عَادَتْ لِطَلَبِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُمَكَّنُ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ) الْأَحْسَنُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهَا ظَاهِرُ الْحَالِ وَوَجْهُ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ دَائِرَةَ الْإِمْكَانِ وَاسِعَةٌ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ جُهِلَ خِيَارٌ بِهِ أَوْ جُهِلَ فَوْرٌ) عِبَارَتُهُ قَاصِرَةٌ عَلَى دَعْوَى الزَّوْجَةِ أَحَدَ هَذَيْنِ الْجَهْلَيْنِ وَلَمْ تَشْمَلْ مَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْجَهْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَوْ ادَّعَى جَهْلَ فَوْرِيَّةِ الْخِيَارِ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْعُيُوبِ شَامِلَةٌ وَنَصُّهَا وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَيْ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ الْجَهْلُ بِأَصْلِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ فَوْرِيَّتِهِ إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ لَا تَكُونَ مُخَالِطَةً لِلْعُلَمَاءِ أَيْ مُخَالَطَةً تَسْتَدْعِي عُرْفًا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُلَمَاءِ مَنْ يَعْرِفُ هَذَا الْحُكْمَ وَإِنْ جَهِلَ غَيْرَهُ كَمَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ مِمَّا أُشْكِلَ عَلَى الْعُلَمَاءِ) الْمُرَادُ بِإِشْكَالِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَيْ قَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَنَفَاهُ بَعْضُهُمْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ع ش عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute