(فَلَيْسَ لِزَوْجَةٍ) قَبْلَ قَبْضِهَا (تَصَرُّفٌ فِيهَا) بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُهُ (وَلَوْ تَلِفَتْ بِيَدِهِ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ) لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ بِالتَّلَفِ (أَوْ) أَتْلَفَتْهَا (هِيَ) وَهِيَ رَشِيدَةٌ (فَقَابِضَةٌ) لِحَقِّهَا (أَوْ) أَتْلَفَهَا (أَجْنَبِيٌّ) يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ (أَوْ تَعَيَّنَتْ لَا بِهَا) أَيْ لَا بِتَعْيِيبِهَا كَعَبْدٍ عَمِيَ أَوْ نَسِيَ حِرْفَتَهُ (تَخَيَّرَتْ) بَيْنَ فَسْخِ الصَّدَاقِ وَإِجَازَتِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.
(فَإِنْ فَسَخَتْ فَ) لَهَا (مَهْرُ مِثْلٍ) عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي صُورَتِهِ بِالْبَدَلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَفْسَخْهُ (غَرَّمَتْ الْأَجْنَبِيَّ) فِي صُورَتِهِ الْبَدَلَ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ (وَلَا شَيْءَ) لَهَا (فِي تَعْيِيبِهَا) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الْمَبِيعِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لَا بِهَا مَا لَوْ تَعَيَّبَتْ بِهَا فَلَا تَتَخَيَّرُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (أَوْ) أَصْدَقَ (عَيْنَيْنِ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ عَبْدَيْنِ (فَتَلِفَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا بِآفَةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الزَّوْجِ (قَبْلَ قَبْضِهَا انْفَسَخَ) عَقْدُ الصَّدَاقِ (فِيهَا) لَا فِي الْبَاقِيَةِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ (وَتَخَيَّرَتْ فَإِنْ فَسَخَتْ فَ) لَهَا (مَهْرُ مِثْلٍ وَإِلَّا فَ) لَهَا مَعَ الْبَاقِيَةِ (حِصَّةُ التَّالِفَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَتْلَفَتْهَا الزَّوْجَةُ فَقَابِضَةٌ لِقِسْطِهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ تَخَيَّرَتْ كَمَا عُلِمَا مِمَّا مَرَّ (وَلَا يَضْمَنُ) الزَّوْجُ (مَنَافِعَ فَائِتَةٍ بِيَدِهِ وَلَوْ
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِزَوْجَةٍ تَصَرُّفٌ فِيهَا) هَذَا تَفْرِيعٌ أَوَّلُ عَلَى كَوْنِ الضَّمَانِ ضَمَانَ عَقْدٍ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَتْ بِيَدِهِ إلَخْ تَفْرِيعٌ ثَانٍ حَاصِلُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ أَرْبَعَةٌ فِي التَّلَفِ وَأَرْبَعَةٌ فِي التَّعَيُّبِ وَتَجْرِي الثَّمَانِيَةُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَوْ عَيْنَيْنِ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِهَا الْمَتْنُ وَلَا الشَّارِحُ.
وَحَاصِلُ الثَّمَانِيَةِ أَنَّ عَقْدَ الصَّدَاقِ يَنْفَسِخُ فِي ثِنْتَيْنِ وَتَتَخَيَّرُ فِيهِ فِي أَرْبَعَةٍ بِلَا بَدَلٍ فِي ثِنْتَيْنِ مِنْهَا وَبِهِ فِي ثِنْتَيْنِ أُخْرَى وَلَا خِيَارَ لَهَا فِي ثِنْتَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ إلَخْ تَفْرِيعٌ ثَالِثٌ، وَقَوْلُهُ وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا إلَخْ تَفْرِيعٌ رَابِعٌ (قَوْلُهُ بِبَيْعٍ وَلَا بِغَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ كَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِجَارَةِ وَيَصِحُّ هُنَا التَّصَرُّفُ الَّذِي يَصِحُّ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْوَصِيَّةِ وَالتَّقَايُلِ فِي الْعَيْنِ وَالْإِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَالتَّزْوِيجِ وَالْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ وَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ لِلْفُقَرَاءِ إذَا كَانَ إصْدَاقُهُ جُزَافًا اهـ أَشَارَ لِبَعْضِهِ الْحَلَبِيِّ هُنَا وَبَعْضُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بَيْعُهُ) أَيْ أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَوْ أَتْلَفَهَا هُوَ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ أَهْلٍ أَوْ بِحَقٍّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّدَاقِ بِالتَّلَفِ) وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْعَيْنِ وَدُخُولُهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ قُبَيْلَ التَّلَفِ فَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَهِيَ رَشِيدَةٌ) وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا تَكُونُ قَابِضَةً وَيَنْفَسِخُ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا بَذْلُ الْمُتْلَفِ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ أَيْ أَمَّا غَيْرُهُ كَدَافِعٍ صَائِلٍ وَقَاتِلٍ قَوَدًا وَحَرْبِيٍّ فَإِتْلَافُهُ كَتَلَفِهَا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَنْفَسِخُ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَلَا بَدَلَ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّدَاقِ ضَعِيفٌ لِكَوْنِهِ تَابِعًا فَانْفَسَخَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَمَّا الْبَيْعُ لَا يَنْفَسِخُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَقَابِضَةٌ لِحَقِّهَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا لَهَا نَاشِئًا عَنْ صِيَالٍ وَإِلَّا فَلَا تَكُونُ قَابِضَةً وَبِخِلَافِ الْقَتْلِ قِصَاصًا فَإِنَّهُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فِي صُورَتِهِ بِالْبَدَلِ) أَيْ بَدَلِ الْكُلِّ فِي الْإِتْلَافِ وَالْبَعْضِ الَّذِي هُوَ الْأَرْشُ فِي التَّعْيِيبِ فَصُورَةُ الْأَجْنَبِيِّ فِيهَا مَسْأَلَتَانِ وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرَّمَتْ الْأَجْنَبِيَّ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى غَرَّمَتْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ بِغَيْرِ الْأَجْنَبِيِّ) أَمَّا بِالْأَجْنَبِيِّ فَلَهَا عَلَيْهِ الْأَرْشُ شَرْحُ الرَّوْضِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إلَّا إذَا كَانَ صَنْعَةً اهـ وَمِنْ الصَّنْعَةِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي شُرُوحِهِ وَاعْتَمَدَ م ر مَا فِي الرَّوْضَةِ وَوَجَّهَ الِاسْتِثْنَاءَ بِعَدَمِ انْضِبَاطِ الصَّنْعَةِ وَاخْتِلَافَهَا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُتَعَلِّمِ قَبُولًا وَعَدَمَهُ وَتَفَاوُتَ مَرَاتِبِ قَبُولِهِ فَامْتَنَعَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ فِي عَدَمِ الِاعْتِيَاضِ لِمَا ذَكَرَ إلْحَاقُهُ بِهِ فِي وُجُوبِ تَسْلِيمِ الزَّوْجَةِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَهَذَا بِخِلَافِ غَيْرِ الصَّنْعَةِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فَلِذَا جَازَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَانْظُرْهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لَا بِهَا) كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَخَيَّرَتْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَحِصَّةُ التَّالِفَةِ مِنْهُ) اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ وَاضِحٌ فِي الْعَبْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا أَمَّا الْمِثْلِيُّ كَقَفِيزَيْ بُرٍّ تَلِفَ أَحَدُهُمَا فَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ الْمِقْدَارِ لَا الْقِيمَةُ وَيَرْجِعُ فِي الْقِيمَةِ لِأَرْبَابِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ إمَّا لِفَقْدِهِمْ أَوْ لِعَدَمِ رُؤْيَةِ أَرْبَابِ الْخِبْرَةِ لَهُ صُدِّقَ الْغَارِمُ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ تَخَيَّرَتْ كَمَا عُلِمَا مِمَّا مَرَّ) فَإِنْ فَسَخَتْ أَخَذَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ أَجَازَتْ غَرَّمَتْ الْأَجْنَبِيَّ بَدَلَ التَّالِفَةِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ اهـ شَيْخُنَا وَسَكَتَ عَنْ صُوَرِ التَّعْيِيبِ الْأَرْبَعَةِ وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَتَخَيَّرُ فِي ثَلَاثَةٍ: تَعْيِيبُهَا بِنَفْسِهَا وَتَعْيِيبُ الزَّوْجِ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ فَسَخَتْهُ فَذَاكَ وَإِنْ أَجَازَتْ أَخَذَتْ الْعَيْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ فِي تَعْيِيبِ الزَّوْجِ وَالتَّعْيِيبِ بِالنَّفْسِ وَمَعَ أَرْشِ النَّاقِصَةِ فِي صُورَةِ تَعْيِيبِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ تَأْخُذُ الْأَرْشَ مِنْهُ وَأَمَّا الصُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ التَّعْيِيبُ مِنْ الزَّوْجَةِ نَفْسِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا وَلَا أَرْشَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ إلَخْ) خَرَجَ بِهَا الزَّوَائِدُ كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ فَهِيَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ حَتَّى لَوْ طَلَبَتْهَا فَلَمْ يُسَلِّمْهَا وَلَا عُذْرَ صَارَ ضَامِنًا لَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ مَضْمُونَةٌ ضَمَانَ عَقْدٍ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا بِالتَّعَدِّي فِيهَا وَإِنَّ زَوَائِدَهَا أَمَانَةٌ تُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي فِيهَا وَإِنَّ مَنَافِعَهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ أَصْلًا اهـ.
وَعِبَارَةُ ح ل وَمِنْ الْمَنَافِعِ وَطْءُ الْأَمَةِ فَلَا يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ وَلَا حَدٌّ وَلَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَأَمَّا زَوَائِدُ الصَّدَاقِ فَهِيَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ فَإِنْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا ضَمِنَ أَوْ طَلَبَتْ مِنْهُ فَامْتَنَعَ ضَمِنَهَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ مَنَافِعَ إلَخْ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا أَمَةً وَوَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ قَبْلَ قَبْضِ الزَّوْجَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute