للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِامْرَأَتِهِ لِمُفَارَقَتِهِ إيَّاهَا بِشُرُوطٍ كَمَا قَالَتْ يَجِبُ عَلَيْهِ (لِزَوْجَةٍ لَمْ يَجِبْ لَهَا نِصْفُ مَهْرٍ فَقَطْ) بِأَنْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ أَوْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ صَحِيحٌ (مُتْعَةٌ بِفِرَاقٍ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِعُمُومِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَخُصُوصِ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] وَلِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مُتْعَةِ بُضْعِهَا، وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا الزَّوْجُ، فَتَجِبُ لِلْإِيحَاشِ مُتْعَةٌ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] وَلِأَنَّ الْمُفَوَّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَيَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلْإِيحَاشِ بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا النِّصْفُ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي نِصْفُ مَهْرِهَا لِلْإِيحَاشِ

ــ

[حاشية الجمل]

لُزُومُهَا عَلَى طَلَبِهَا رَاجِعْهُ اهـ. (قَوْلُهُ لِامْرَأَتِهِ) أَيْ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَكَذَا لِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً. وَقَوْلُهُ بِشُرُوطٍ الْمُرَادُ بِهَا مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ شَرْطَانِ وَهُمَا كَوْنُهُمَا لَمْ يَجِبْ لَهَا نِصْفُ مَهْرٍ فَقَطْ وَكَوْنُهَا مُفَارَقَةً اهـ شَيْخُنَا، وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهَا إلَخْ شُرُوطٌ أُخَرُ فَالْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.

(قَوْلُهُ كَمَا قُلْت يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذَا فِيهِ تَعْبِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ مُتْعَةً مُبْتَدَأٌ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ فَاعِلًا، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مُتَعَلِّقُ الْجَارِ وَالْمَجْرُورِ الْوَاقِعِ خَبَرًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ لَهَا نِصْفُ مَهْرٍ فَقَطْ) هَذَا النَّفْيُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا وَجَبَ لَهَا الْكُلُّ لِكَوْنِهَا مَدْخُولًا بِهَا وَمَا إذَا لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ أَصْلًا لِكَوْنِهَا فُورِقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِسَبَبِهَا وَكَانَتْ غَيْرَ مُفَوَّضَةٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُفَوَّضَةً وَفُورِقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْفَرْضِ فَقَصْرُ الشَّارِحُ لَهُ عَلَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ كَوْنِ الثَّانِيَةِ خَرَجَتْ بِالْقَيْدِ الْآتِي، وَهُوَ قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهَا. وَقَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهَا هَذَا الْقَيْدُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ كَانَ بِسَبَبِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فَالْمَدْخُولُ بِهَا إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا وَغَيْرُهَا إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا وَلَمْ تَكُنْ مُفَوَّضَةً وَالْمُفَوَّضَةُ إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا لَا مُتْعَةَ لَهُنَّ أَيْ الثَّلَاثَةِ. وَقَوْلُهُ وَلَا بِسَبَبِهِمَا أَوْ مِلْكِهِ لَهَا هَذَانِ الْقَيْدَانِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ الثَّلَاثَةِ وَفِي الثَّالِثَةِ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَقَدْ خَرَجَتْ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِهَا إلَى آخِرِ أَمْثِلَتِهِ الْخَمْسَةِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا فَالتَّعْمِيمُ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَطِئَهَا أَمْ لَا صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الْمُحْتَرِزَاتِ أَيْ الْخَارِجَةِ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِهِمَا أَوْ مِلْكِهِ لَهَا فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ التَّعْمِيمِ بِقَوْلِهِ وَطِئَهَا أَمْ لَا إلَيْهِ لِئَلَّا يَقَعَ فِي التَّكْرَارِ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ أَيْ كَوْنَهُ بِسَبَبِهِمَا أَوْ مِلْكِهِ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَ الْوَطْءِ قَدْ خَرَجَا بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجِبْ لَهَا نِصْفُ مَهْرٍ؛ لِأَنَّهَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ لَهَا النِّصْفُ فَقَطْ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَيْدَ الثَّانِيَ أَيْ قَوْلَهُ أَوْ بِسَبَبِهِمَا وَالثَّالِثَ أَيْ قَوْلَهُ أَوْ مِلْكِهِ لَهَا إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْطُوءَةِ أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يُحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِمَا ذَكَرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِأَنْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ) أَيْ لِكَوْنِهَا وُطِئَتْ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ بِخِلَافِ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ صَحِيحٌ) أَيْ، وَإِنْ فُرِضَ لَهَا شَيْءٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الشَّيْءِ الْفَاسِدِ كَلَا فَرْضٍ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ بِفِرَاقٍ) كَطَلَاقٍ، وَلَوْ رَجْعِيًّا، وَهَذَا شَامِلٌ لِلْمُخْتَلِعَةِ فَيَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ إلَّا أَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ بِسَبَبِهَا أَوْ بِسَبَبِهِمَا وَالْخُلْعُ قَدْ يُقَالُ هُوَ بِسَبَبِهَا إنْ سَأَلَتْ فِيهِ وَبِسَبَبِهِ إنْ لَمْ تَسْأَلْ فِيهِ، حُرِّرَ فَلَوْ رَاجَعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَسْتَرِدُّهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ فَإِنَّهَا تُسْتَرَدُّ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَجْمَعُ بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالْإِرْثِ وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ شَيْخِنَا خِلَافًا لحج حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَالَ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِيحَاشِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ رَجْعَةٍ قَالَ وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَيْضًا أَنَّ الْمُتْعَةَ لَا تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِيحَاشَ لَمْ يَتَكَرَّرْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ) أَيْ لِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ، وَالْعُمُومُ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ أَحَدُ قِسْمَيْهِ، وَهُوَ الْمَدْخُولُ بِهِنَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَخُصُوصِ إلَخْ وَعَلَى هَذَا لَا يُحْتَاجُ لِلتَّخْصِيصِ الْآخَرِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ الْحَلَبِيُّ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ {مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] وَلَا يُنَافِيهِ {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ٢٣٦] ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْوَاجِبِ مُحْسِنٌ أَيْضًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَخُصُوصِ) أَيْ وَلِخُصُوصِ {فَتَعَالَيْنَ} [الأحزاب: ٢٨] ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مَدْخُولٌ بِهِنَّ فَخَصَّ عُمُومَ الْمُطَلَّقَاتِ بِمَفْهُومِ هَذَا الْخَاصِّ اهـ ح ل فَالتَّخْصِيصُ فِي الْحَقِيقَةِ بِمَفْهُومِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخَالِفُ لِحُكْمِ الْعَامِّ. وَأَمَّا مَنْطُوقُهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فَلَا تَخْصِيصَ بِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُ الْعَامَّ اهـ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْمَفْهُومَ وَالْمَنْطُوقَ مِنْ عَوَارِضِ اللَّفْظِ، وَلَا لَفْظَ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا مُتْعَةَ لَهَا، وَكَوْنُهُنَّ فِي الْوَاقِعِ مَدْخُولًا بِهِنَّ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِ مُرَادِ الشَّارِحِ الِاسْتِدْلَالَ بِكُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْصِيصَ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا نَظَرَ لِلْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ إلَخْ اهـ ح ل، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ م ر فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ٢٣٦] أَيْ لَا تَبِعَةَ بِإِثْمٍ وَلَا مَهْرَ كَمَا قَالَهُ الْجَلَالُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>