للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سَوَاءً بِقَوْلِهِ {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] هَذَا إنْ كَانَ الْفِرَاقُ (لَا بِسَبَبِهَا أَوْ بِسَبَبِهِمَا أَوْ مِلْكِهِ) لَهَا كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَلِعَانِهِ وَتَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ وَوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَهَا بِشُبْهَةٍ (أَوْ مَوْتٍ) لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِسَبَبِهَا كَمِلْكِهَا لَهُ وَرِدَّتِهَا وَإِسْلَامِهَا وَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا أَوْ بِسَبَبِهِمَا كَرِدَّتِهِمَا مَعًا أَوْ بِمِلْكِهِ لَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِمَوْتٍ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا وَطِئَهَا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ سُبِيَا مَعًا وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ، وَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ وَلِأَنَّهَا فِي صُورَةِ مَوْتِهِ وَحْدَهُ مُنْفَجِعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَهِيَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَفِي كَسْبِ الْعَبْدِ وَقَوْلِي أَوْ سَبَبِهِمَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَالْوَاجِبُ فِيهَا مَا يَتَرَاضَى الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ.

(وَسُنَّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ وَعَبَّرَ جَمَاعَةٌ بِأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ فَلَا حَدَّ لِلْوَاجِبِ وَقِيلَ هُوَ أَقَلُّ مَا يُتَمَوَّلُ وَإِذَا تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ فَذَاكَ (فَإِنْ تَنَازَعَا) فِي قَدْرِهَا (قَدَّرَهَا قَاضٍ) بِاجْتِهَادِهِ (بِ) قَدْرِ (حَالِهِمَا) مِنْ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٦] .

ــ

[حاشية الجمل]

دُخُولٌ أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ مُفِيدٌ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: ٢٤] فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا قِيلَ أَوْ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى إلَى أَنْ أَوْ إلَّا أَنْ؛ لِأَنَّ هَذَا نَاظِرٌ إلَى أَصْلِ اللُّغَةِ وَذَلِكَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: ٢٣٧] فَاقْتَصَرَ عَلَى النِّصْفِ فِي مَقَامِ بَيَانِ مَا يَجِبُ لَهَا فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ غَيْرِهِ فَهِيَ خَارِجَةٌ مِنْ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] فَيَقْصُرْنَ عَلَى الْمَدْخُولِ بِهِنَّ بِقَرِينَةِ هَذِهِ الْآيَةِ أَيْ قَوْلُهُ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] إلَخْ بِوَاسِطَةِ مَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل بِالْمَعْنَى، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ آيَةَ الْمُطَلَّقَاتِ قَدْ قَصَرَ عُمُومَهَا عَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا بِقَرِينَةِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ فَالْأَوْلَى جَعْلُ هَذِهِ الْآيَةِ مُخَصِّصَةٌ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ التَّخْصِيصَ الْمُتَقَدِّمَ لِمَفْهُومِهَا فَمَفْهُومُ الثَّانِيَةِ قَائِلٌ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ لَا مُتْعَةَ لَهُنَّ فَيَقْصُرُ هَذَا الْعُمُومُ فِي الْمَفْهُومِ عَلَى غَيْرِ الْمُفَوَّضَةِ الَّتِي فُورِقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالْفَرْضِ أَمَّا هِيَ فَتَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ الثَّالِثَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَا بِسَبَبِهَا إلَخْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مَنْفِيَّةٌ فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرَ الْمِثْلِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَوْتٍ؛ لِأَنَّهَا مَثَلٌ لِنَفْيِ الْأَرْبَعَةِ. (قَوْلُهُ كَرِدَّتِهِ وَإِسْلَامِهِ) أَيْ وَحْدَهُ فِيهِمَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ كَرِدَّتِهِ) أَيْ أَوْ إرْضَاعِ أُمِّهِ لَهَا وَصُورَتُهَا مَعَ تَوَقُّفِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ عَلَى وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيضٍ وَكِلَاهُمَا مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ الطِّفْلَةِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ لِعَبْدِ الْغَيْرِ تَفْوِيضًا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَتَعْلِيقُهُ طَلَاقَهَا) أَيْ أَوْ تَفْوِيضُهُ إلَيْهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا. (قَوْلُهُ كَرِدَّتِهِمَا مَعًا) ، وَهَذَا بِخِلَافِ التَّشْطِيرِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ مَعَهَا وَغَلَّبَ جَانِبُهَا هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ لَا يُحَاشِيهَا وَفِعْلُهَا يُنَافِيهِ أَوْ يُعَارِضُهُ وَلِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَسْبِقْ لِلْمُتْعَةِ سَبَبٌ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُهَا فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ سَبَبًا مَعًا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَالْفُرْقَةُ فَبِسَبْيِهَا مَعًا أَوْ كَامِلًا فَبِسَبَبِهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، وَلَوْ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا مُتْعَةَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ كَانَتْ عَلَيْهِ لَهَا وَالْأَمَةُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَى سَيِّدِهَا مَالٌ، وَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا مُتْعَةَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا إيحَاشَ وَفِي مَوْتِهِ وَحْدَهُ مُتَفَجِّعَةً لَا مُسْتَوْحِشَةً اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي الْمُخْتَارِ الْفَجِيعَةُ الرَّزِيئَةُ، وَقَدْ فَجَعَتْهُ الْمُصِيبَةُ أَيْ أَوْجَعَتْهُ وَبَابُهُ قَطَعَ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْوَحْشَةُ الِانْقِطَاعُ وَبُعْدُ الْقُلُوبِ عَنْ الْمَوَدَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ بِمِلْكِهِ لَهَا) إذْ لَوْ وَجَبَ لَهَا لَوَجَبَ لَهَا عَلَى سَيِّدِهَا اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) أَيْ فَالْفِرَاقُ بِسَبَبِهِمَا وَبِالْأَوْلَى مَا لَوْ كَانَ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الْفِرَاقَ حِينَئِذٍ بِسَبَبِهَا فَقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَ لِيَكُونَ بِسَبَبِهِمَا وَيُفْهَمُ مِنْهُ مُقَابِلُهُ بِالْأَوْلَى اهـ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِهَا وَحْدَهَا فِيمَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ كَامِلًا وَضُرِبَ عَلَيْهِ الرِّقُّ؛ لِأَنَّ رِقَّهَا بِنَفْسِ السَّبْيِ فَهُوَ سَابِقٌ عَلَى رِقِّهِ فَتَحْصُلُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ سُبِيَا مَعًا فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا فَالْفُرْقَةُ بِسَبْيِهِمَا مَعًا أَوْ كَامِلًا فَبِسَبْيِهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي كَسْبِ الْعَبْدِ) أَيْ مَا لَمْ يُزَوِّجْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ وَإِلَّا فَلَا مُتْعَةَ عَلَيْهِ لَوْ فَارَقَ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ إلَخْ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ مَا يَتَرَاضَى الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ) أَيْ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ، وَأَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ الْمَهْرِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ النِّصْفُ يَنْقُصُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ، وَإِنْ فَاتَتْ السَّنَةُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ قِيلَ بِامْتِنَاعِ الزِّيَادَةِ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ نِصْفَ مَهْرٍ) أَيْ مَهْرِ الْمِثْلِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ جَمَاعَةٌ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَفَاوُتِ الْخَادِمِ جِدًّا. وَقَوْلُهُ عَلَى خَادِمٍ اُنْظُرْ مَا ضَبَطَهُ فَإِنَّهُ يَتَفَاوَتُ جِدًّا اهـ سم. (قَوْلُهُ وَإِذَا تَرَاضَيَا بِشَيْءٍ فَذَاكَ) أَيْ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

(قَوْلُهُ قَدَّرَهَا قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) أَيْ، وَإِنْ زَادَ مَا قَدَّرَهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَذَا قَالَهُ حَجّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُكُومَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا لَا تَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بَلْ وَلَا أَنْ يُسَاوِيَهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَصِفَاتِهَا) أَيْ وَجِهَازِهَا اهـ ح ل وسم. (قَوْلُهُ {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] أَيْ النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ الْمُطَلَّقَاتِ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ وَلَا فَرْضٍ وَذَلِكَ يُفْهِمُ عَدَمَ إيجَابِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِنَّ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِعُمُومِ {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ} [البقرة: ٢٤١] فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال عَلَى إيجَابِ الْمُتْعَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ غَيْرِ الْمُفَوَّضَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُفَوَّضَةِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ مَفْهُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إيجَابِ الْمُتْعَةِ بِالْمُفَوَّضَةِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا الزَّوْجُ أَيْ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَأَلْحَقَ بِهَا الشَّافِعِيُّ الْمَمْسُوسَةَ قِيَاسًا اهـ ح ل

<<  <  ج: ص:  >  >>