للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَّخَذُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ مِنْ عُرْسٍ وَإِمْلَاكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ وَفِي غَيْرِهِ تَقَيَّدَ فَيُقَالُ وَلِيمَةُ خِتَانٍ أَوْ غَيْرِهِ (الْوَلِيمَةُ) لِعُرْسٍ وَغَيْرِهِ

(سُنَّةٌ) لِثُبُوتِهَا عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا وَفِعْلًا فَقَدْ «أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَعَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» «وَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ

ــ

[حاشية الجمل]

حِذَاقٌ بِمُهْمَلَةٍ مَكْسُورَةٍ فَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَآخِرُهُ قَافٌ، وَلِلْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ، وَلِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ نَقِيعَةٌ سَوَاءٌ فَعَلَهَا الْقَادِمُ أَوْ غَيْرُهُ لِأَجْلِهِ، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ لَا نَحْوِ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَبِلَا سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِهَا قَبْلَ مُوَحَّدَةٍ وَبَعْدَ هَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ

إنَّ الْوَلَائِمَ فِي عَشْرٍ مُجَمَّعَةٍ ... إمْلَاكُ عَقْدٍ وَإِعْذَارٌ لِمَنْ خَتَنَا

عُرْسٌ وَخُرْسُ نِفَاسٍ وَالْعَقِيقَةُ مَعَ ... حِذَاقِ خَتْمٍ وَمَأْدُبَةِ الْمُرِيدِ ثِنَا

نَقِيعَةٌ عِنْدَ عَوْدٍ لِلْمُسَافِرِ مَعَ ... وَضِيمَةٍ لِمُصَابٍ مَعَ وَكِيرِ بِنَا

انْتَهَى. (قَوْلُهُ لِسُرُورٍ حَادِثٍ) .

(تَنْبِيهٌ) قَالَ الرَّاغِبُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ أَنَّ السُّرُورَ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ فِيهَا طُمَأْنِينَةُ الصَّدْرِ عَاجِلًا وَآجِلًا وَالْفَرَحُ انْشِرَاحُ الصَّدْرِ بِلَذَّةٍ عَاجِلَةٍ غَيْرِ آجِلَةٍ وَذَلِكَ فِي اللَّذَّاتِ الْبَدَنِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَقَدْ يُسَمَّى الْفَرَحُ سُرُورًا وَعَكْسُهُ لَكِنْ عَلَى نَظَرِ مَنْ لَا يَعْتَبِرُ الْحَقَائِقَ وَيَتَصَوَّرُ أَحَدَهُمَا بِصُورَةِ الْآخَرِ اهـ مُنَاوِيٌّ عِنْدَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلِهِ «إنَّ فِي الْجَنَّةِ دَارًا يُقَالُ لَهَا دَارُ الْفَرَحِ» اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) كَخِتَانٍ وَقُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَلَّ النَّدْبِ وَلِيمَةُ الْخِتَانِ فِي حَقِّ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّهُ يُخْفَى وَيُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ اسْتِحْبَابُهُ فِيمَا بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً وَأَطْلَقُوا نَدْبَهَا لِلْقُدُومِ مِنْ السَّفَرِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِهِ أَمَّا مَنْ غَابَ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً إلَى بَعْضِ النَّوَاحِي الْقَرِيبَةِ فَكَالْحَاضِرِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا إلَخْ) فِي الصِّحَاحِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ الْعُرْسِ وَقَالَ الْعُرْسُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ وَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِالْعَقْدِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ لِمَا تَقَدَّمَهُ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِهَا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِوَقْتِ الْوَلِيمَةِ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ أَنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَلَا آخِرَ لِوَقْتِهَا فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا بِهِ وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُولِمْ عَلَى نِسَائِهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَإِنْ خَالَفَ الْأَفْضَلَ، وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَا بِطُولِ الزَّمَنِ فِيمَا يَظْهَرُ كَالْعَقِيقَةِ اهـ. وَقَوْلُهُ إنَّ وَقْتَهَا مُوَسَّعٌ أَيْ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ أَمَّا الْأَمَةُ فَوَقْتُهَا إرَادَةُ إعْدَادِهَا لِلْوَطْءِ وَنُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِثْلُهُ. وَقَوْلُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِفِعْلِ الْوَلِيمَةِ بَعْدَهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْإِجَابَةُ لِكَوْنِ الدَّعْوَةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَهِيَ لِفِعْلِ مَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَيَجِبُ الْإِجَابَةُ إلَخْ أَنَّ الْإِجَابَةَ تَجِبُ لَهَا حَيْثُ كَانَتْ تَفْعَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ اهـ ع ش عَلَيْهِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ الْوَلِيمَةُ سُنَّةٌ) صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ بِنَدْبِ عَدَمِ كَسْرِ عَظْمِهَا كَالْعَقِيقَةِ، وَوَجْهُهُ مَا قَالُوهُ، ثُمَّ إنَّ فِيهِ تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَخْلَاقِ الزَّوْجَةِ وَأَعْضَائِهَا كَالْوَلَدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا فِي الْمَذْبُوحِ مَا يُسَنُّ فِي الْعَقِيقَةِ وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا لَوْ اتَّحَدَتْ وَتَعَدَّدَتْ الزَّوْجَاتُ وَقَصَدَهَا عَنْهُنَّ كَفَتْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ اُسْتُحِبَّ التَّعَدُّدُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمُنَازَعَةُ بَعْضِهِمْ فِيهِ بِأَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّهَا كَالْعَقِيقَةِ فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهِنَّ مُطْلَقًا مَرْدُودَةٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّهَا جُعِلَتْ فِدَاءً لِلنَّفْسِ بِخِلَافِ مَا هُنَا. وَنَقَلَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ لَيْلِيَّةٍ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ) وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا حَجّ أَنَّهَا أُمُّ سَلَمَةَ اهـ شَرْحُ الْإِعْلَامِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَعَلَى صَفِيَّةَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ صَفِيَّةَ كَانَتْ سُرِّيَّةً وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا تُشْرَعُ لِلتَّسَرِّي، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ، وَإِنْ تَسَرَّى بِهِنَّ فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هَذَا وَاَلَّذِي فِي عُيُونِ الْأَثَرِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» ، وَإِنْ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَاشْتَرَاهَا بِتِسْعَةِ أُرُوشٍ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ سَبْيَ خَيْبَرَ جَاءَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ فَقَالَ أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ فَقَالَ اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً فَأَخَذَ صَفِيَّةَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا سَيِّدَةُ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَا تَصْلُحُ إلَّا لَك فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُذْ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ وَغَيْرَهَا» وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ كَانَتْ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَحَجَبَهَا وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِتَمْرٍ وَسَوِيقٍ وَقَسَّمَ لَهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَعَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ وَعَلَى صَفِيَّةَ بِحَيْسٍ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ بِحَيْسٍ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>