للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَعَمْ إنْ عَرَفَ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يَقْدَحْ الِالْتِقَاطُ فِي مُرُوءَةِ الْمُلْتَقِطِ لَمْ يَكُنْ التَّرْكُ أَوْلَى وَذِكْرُ أَوْلَوِيَّةِ تَرْكِ النَّثْرِ مِنْ زِيَادَتِي وَيُكْرَهُ أَخْذُ النَّثْرِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ أَوْ الْتَقَطَهُ أَوْ بَسَطَ حِجْرَهُ لَهُ فَوَقَعَ فِيهِ مَلَكَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ حِجْرَهُ لَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلٌ نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ حِجْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ أَوْ قَامَ فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَوْ نَفَضَهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ.

ــ

[حاشية الجمل]

بِهَا تَحِيَّتُهُمْ لَعْنَةٌ وَطَعَامُهُمْ نُهْبَةٌ» اهـ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَرَفَ أَنَّ النَّاثِرَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتَرْكُهُمَا أَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلِالْتِقَاطِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحَيْ م ر وحج وَشَرْحِ الرَّوْضِ فَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ التَّرْكُ أَوْلَى أَيْ تَرْكُ الِالْتِقَاطِ. (قَوْلُهُ أَوْ بَسَطَ حِجْرَهُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر وحج. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلٍ) وَمِنْهُ مَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ أَوْ دَخَلَ سَمَكٌ فِي حَوْضِهِ أَوْ وَقَعَ ثَلْجٌ فِي أَرْضِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُهُ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ وَيَمْلِكُهُ الْآخِذُ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّمَلُّكَ لِمَا يُوجَدُ فِيهِ أَوْ فَعَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ كَتَوْحِيلِ الْأَرْضِ لَهُ مِلْكُهُ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ وَيَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ) وَحَيْثُ كَانَ أَوْلَى بِهِ وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَةَ غَيْرِهِ وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الثَّلْجُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا يَحْجُرُهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا الْمِلْكُ لِلْآخِذِ الثَّانِي كَالْإِحْيَاءِ مَا عَدَا صُورَةَ النِّثَارِ لِقُوَّةِ الِاسْتِيلَاءِ فِيهَا اهـ شَرْحُ م ر، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ. (قَوْلُهُ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ) فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) أَيْ فَيَبْطُلُ اخْتِصَاصُهُ بِهِ وَصَنِيعُهُ فِيهِ طُولٌ وَإِيهَامٌ خِلَافُ الْمُرَادِ فَلَوْ عَطَفَ قَوْلَهُ، وَلَوْ نَفَضَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَأَخَّرَ قَوْلَهُ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ عَنْ الثَّلَاثَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا إنْ سَقَطَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْفُضْهُ فَلَيْسَ أَوْلَى بِهِ اهـ شَيْخُنَا.

١ -

(خَاتِمَةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ فَصْلٌ فِي آدَابِ الْأَكْلِ تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ، وَلَوْ مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ قَبْلَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي الْأَكْلِ وَيُقَاسُ بِهِ الشُّرْبُ وَأَقَلُّهَا بِسْمِ اللَّهِ وَأَكْمَلُهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهِيَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ إذَا أَتَى بِهَا الْبَعْضُ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ كَرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَمَعَ ذَلِكَ تُسْتَحَبُّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّ سُنَّةَ الْكِفَايَةِ كَفَرْضِهَا مَطْلُوبَةٌ مِنْ الْكُلِّ لَا مِنْ الْبَعْضِ فَقَطْ فَإِنْ تَرَكَهَا، وَلَوْ عَمْدًا أَوَّلَهُ قَالَ فِي أَثْنَائِهِ بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا، وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ لُقْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَيُسْتَحَبُّ الْحَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْأَطْعِمَةِ جَهْرًا فِيهِمَا أَيْ فِي الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدِ لَهُ بِحَيْثُ تَسْمَعُهُ رُفْقَتُهُ لِيَقْتَدِيَ بِهِ فِيهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ فَيَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَ النَّاسَ إلَى كَرَمِهِ وَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ بِالثَّلَاثِ مِنْ الْأَصَابِعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالدُّعَاءُ لِلْمُضِيفِ بِالْمَأْثُورِ، وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ كَأَنْ يَقُولَ أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا لِخَبَرِ أَنَا لَا آكُلُ مُتَّكِئًا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمِدًا عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ وَأَشَارَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ الْمُضْطَجِعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ وَالْأَعْلَى إلَّا نَحْوَ الْفَاكِهَةِ مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الطَّعَامِ بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ لِمَا مَرَّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ فَلَا يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ الْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَقَرْنُ تَمْرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ وَالْأَكْلُ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسُ وَالنَّفْخُ فِي الْإِنَاءِ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَالشُّرْبُ قَاعِدًا أَوْلَى مِنْهُ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا فَالشُّرْبُ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ صَوَّبَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَرَاهَتَهُ.

وَأَمَّا شُرْبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ شَرِبَ قَائِمًا عَالِمًا أَوْ نَاسِيًا أَنْ يَتَقَيَّأَ وَالشُّرْبُ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ أَيْ الْقِرْبَةِ وَلِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُنْتِنُهُ قِيلَ وَلِئَلَّا يَدْخُلَ فِي جَوْفِهِ مُؤْذٍ يَكُونُ فِي الْقِرْبَةِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَرُدَّ بِالشُّرْبِ مِنْ الْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْرَعَ أَيْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْيَدِ وَتُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>