للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ رِضَاهُ بِهِ) لَا إنْ شَكَّ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ. وَأَمَّا التَّطَفُّلُ، وَهُوَ حُضُورُ الدَّعْوَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَرَامٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ رِضَا رَبِّ الطَّعَامِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ مَوَدَّةٍ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ الشِّبَعِ وَلَا تَضْمَنُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا حَرُمَتْ؛ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ لِلْمِزَاجِ (وَحُلَّ نَثْرُ نَحْوِ سُكَّرٍ) كَدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ، وَلَوْزٍ وَجَوْزٍ وَتَمْرٍ (فِي إمْلَاكٍ) عَلَى الْمَرْأَةِ لِلنِّكَاحِ (وَ) فِي (خِتَانٍ) وَفِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَذِكْرُ الْخِتَانِ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) حُلَّ (الْتِقَاطُهُ) لِذَلِكَ (وَتَرْكُهُمَا) أَيْ نَثْرِ ذَلِكَ وَالْتِقَاطِهِ (أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يُشْبِهُ النَّهْيَ وَالْأَوَّلُ تَسَبَّبَ إلَى مَا يُشْبِهُهَا

ــ

[حاشية الجمل]

ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُفَاوَتَةُ بَيْنَهُمْ مَكْرُوهَةٌ أَيْ إنْ خُشِيَ مِنْهَا حُصُولُ ضَغِينَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ مَا يَعْلَمُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ الضَّمَائِرِ لِلضَّيْفِ وَالْمُضِيفِ لَهُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِهِمَا بَلْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا نَقْدًا أَوْ مَطْعُومًا أَوْ غَيْرَهُمَا مَا يَظُنُّ رِضَاهُ بِهِ، وَلَوْ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ فَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يَظُنُّ الرِّضَا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي نَوْعٍ أَوْ وَقْتٍ أَوْ مَكَان دُونَ آخَرَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَيَتَقَيَّدُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْخُوذِ بِمَا يَظُنُّ جَوَازَهُ فِيهِ مِنْ مَالِكِهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ عَلَى هَذَا أَوْ غَيْرُ مُرَادٍ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.

(فَرْعٌ) لَا يَضْمَنُ الضَّيْفُ مَا قُدِّمَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ، وَإِنَائِهِ وَحَصِيرٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَنَحْوه سَوَاءٌ قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ نَحْوِ هِرَّةٍ عَنْهُ وَيَضْمَنُ إنَاءً حَمَلَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَبْرَأُ بِعَوْدِهِ مَكَانِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَشَمِلَتْ مَا الطَّعَامَ وَالنَّقْدَ وَغَيْرَهُمَا، وَتَخْصِيصُهُ بِالطَّعَامِ رَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ وَهَمَ فِيهِ اهـ شَرْحُ م ر وَمِثْلُ الْعِلْمِ الظَّنُّ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ الرِّضَا عَنْهَا عَادَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى طِيبِ نَفْسِ الْمَالِكِ فَإِذَا احْتَفَّتْ الْقَرِينَةُ الْقَوِيَّةُ بِهِ حَلَّ وَتَخْتَلِفُ قَرَائِنُ الرِّضَا فِي ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَمَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرِّفْقَةِ) الرُّفْقَةُ الْجَمَاعَةُ تُرَافِقُهُمْ فِي سَفَرِك بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّطَفُّلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ حُرْمَةُ التَّطَفُّلِ، وَهُوَ الدُّخُولُ لِمَحَلِّ غَيْرِهِ لِتَنَاوُلِ طَعَامِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عِلْمِ رِضَاهُ أَوْ ظَنِّهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ بَلْ يَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يَدْخُلُ سَارِقًا وَيَخْرُجُ مُغِيرًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُقْ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ لِلشُّبْهَةِ، وَمِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ، وَلَوْ عَالِمًا مُدَرِّسًا أَوْ صُوفِيًّا فَيُسْتَصْحَبُ جَمَاعَتُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الدَّاعِي وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ أَنَّ دَعْوَتَهُ تَتَضَمَّنُ جَمَاعَتَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ اهـ. (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ) أَيْ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، وَكَذَا إذَا دَعَا عَالِمًا أَوْ صُوفِيًّا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ إلَّا مَنْ عَلِمَ رِضَا رَبِّ الطَّعَامِ بِهِ، وَإِطْلَاقُ أَنَّ دَعْوَاهُ تَتَضَمَّنُ دَعْوَى جَمَاعَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَوْ دَخَلَ عَلَى آكِلِينَ وَأَذِنُوا لَهُ فِي الْأَكْلِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْأَكْلُ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ إذْنَهُمْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ لَا لِنَحْوِ حَيَاءٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ لِلْمِزَاجِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ تَحْرُمُ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَأَذَّ لَمْ تَحْرُمْ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمُضِيفِ وَلَا يَبْعُدُ الضَّمَانُ وَالْحُرْمَةُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ حَيْثُ عَلِمَ رِضَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْذِي اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَحَلَّ نَثْرُ نَحْوِ سُكْرٍ) النَّثْرُ هُوَ الرَّمْيُ مُفَرَّقًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فِي إمْلَاكٍ عَلَى الْمَرْأَةِ) فِي الْمُخْتَارِ الْإِمْلَاكُ التَّزَوُّجُ، وَقَدْ أَمْلَكْنَا فُلَانًا فُلَانَةَ أَيْ زَوَّجْنَاهُ إيَّاهَا وَجِئْنَا مِنْ إمْلَاكِهِ وَلَا يُقَالُ مِنْ مِلَاكِهِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ الْإِمْلَاكُ وَلِيمَةُ عَقْدِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ وَحَلَّ الْتِقَاطُهُ) أَيْ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا نَحَرَ الْبَدَنَةَ قَالَ مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَإِنَّمَا كَانَ التَّرْكُ أَوْلَى لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْخِصَامِ وَحَاوَلَ الزَّرْكَشِيُّ كَرَاهَةَ الِالْتِقَاطِ وَنَسَبَهَا لِنَصِّ الْأُمِّ وَسَاقَ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ وَيَزْعُمُ كَثِيرٌ أَنَّهُ مُبَاحٌ فَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ قَبْلُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِغَلَبَةٍ لِمَنْ حَضَرَهُ إمَّا بِفَضْلِ قُوَّةٍ أَوْ بِفَضْلِ قِلَّةِ حَيَاءٍ، وَالْمَالِكُ لَمْ يَقْصِدْهُ وَحْدَهُ فَأَكْرَهُهُ لِآخِذِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَظَّهُ مِنْ حَظِّ مَنْ قَصَدَهُ بِهِ وَأَنَّهُ خِسَّةٌ وَسُخْفٌ اهـ، قَالَ وَجَرَى عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ الْإِنَابَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ النِّهَايَةِ.

(فَائِدَةٌ) نَقَلَ فِي الْخَادِمِ فِي آخِرِ بَابِ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا يُهْدِيهِ الْخَاطِبُ قَبْلَ الْعَقْدِ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ إذَا بَدَا لَهُ فِي النِّكَاحِ وَفِي آخِرِ فَتَاوَى الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ النُّقُوطَ لَا رُجُوعَ بِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ فِي النُّقُوطِ الرُّجُوعُ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ أَقُولُ فِي الْعُبَابِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَرْضِ مَا نَصُّهُ خَاتِمَةُ النُّقُوطِ الْمُعْتَادِ فِي الْأَفْرَاحِ أَفْتَى الْبَانِيُّ وَالْأَزْرَقُ الْيَمَنِيُّ أَنَّهُ كَالْقَرْضِ يَطْلُبُهُ مَتَى شَاءَ وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ يُشْبِهُ النُّهْبَى) فِي الْمِصْبَاحِ، وَهَذَا زَمَانُ النُّهْبَى أَيْ الِانْتِهَابِ، وَهُوَ الْغَلَبَةُ عَلَى الْمَالِ وَالْقَهْرُ وَالنُّهْبَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ وَالنُّهْبَا بِالْأَلِفِ اسْمٌ لِلْمَنْهُوبِ اهـ فَعَلَى هَذَا كَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ يُشْبِهُ النَّهْبَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَصْدَرُ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ يُشْبِهُ النُّهْبَى أَيْ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْهَا كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا «أَنَّ لِلْمُنَافِقَيْنِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>