(وَحَرُمَ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ عَلَى أَرْضٍ قَالَ الْمُتَوَلِّي، وَلَوْ بِلَا رَأْسٍ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ» وَيُسْتَثْنَى لُعَبُ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةِ.
(وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ أَيْ فَلْيَدْعُ» بِدَلِيلِ رِوَايَةِ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَإِذَا دُعِيَ، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ (فَإِنْ شَقَّ عَلَى دَاعٍ صَوْمُ نَفْلٍ) مِنْ الْمَدْعُوِّ (فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَالْإِتْمَامُ، أَفْضَلُ أَمَّا صَوْمُ الْفَرْضِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَلَوْ مُوَسَّعًا كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وَيُسَنُّ لِلْمُفْطِرِ الْأَكْلُ وَقِيلَ يَجِبُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ (وَلِضَيْفٍ أَكْلٌ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ بِلَا لَفْظٍ) مِنْ مُضَيِّفِهِ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ (إلَّا أَنْ يَنْتَظِرَ) الدَّاعِي (غَيْرَهُ) فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ أَوْ يَأْذَنَ الْمُضَيِّفُ لَفْظًا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِالْأَكْلِ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ غَيْرُهُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ غَيْرِ مَا قُدِّمَ لَهُ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا قُدِّمَ لَهُ بِغَيْرِ أَكْلٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ عُرْفًا فَلَا يُطْعِمُ مِنْهُ سَائِلًا وَلَا هِرَّةً وَلَهُ أَنْ يُلْقِمَ مِنْهُ غَيْرَهُ مِنْ الْأَضْيَافِ إلَّا أَنْ يُفَاضِلَ الْمُضَيِّفُ طَعَامَهُمَا فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ.
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَأَذَّى اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ حَجّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ إجَابَةِ الْفَاسِقِ حَيْثُ خَلَا مَحَلُّهُ عَنْ مُنْكَرٍ لَكِنْ شَرَطَ فِي الْإِحْيَاءِ لِلْوُجُوبِ أَنْ لَا يَكُونَ ظَالِمًا وَلَا فَاسِقًا وَلَا شِرِّيرًا وَلَا مُتَكَلِّفًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ وُجُوبِ السَّلَامِ عَلَى الْفَاسِقِ وَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْإِجَابَةِ لِطَعَامِ الْفَاسِقِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ هِجْرَانُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَ م ر مَا فِي الْإِحْيَاءِ اهـ سم.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فَفِعْلُ الْمَعَالِيقِ حَرَامٌ وَهِيَ صُوَرُ حَيَوَانٍ تُجْعَلُ مِنْ حَلْوَى، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهَا وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا) أَيْ مِنْ أَشَدِّهِمْ وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ» وَالْمُرَادُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ نَحْوِ الْجَرَسِ وَمَا فِيهِ بَوْلٌ مَنْقُوعٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى لُعَبُ الْبَنَاتِ) أَيْ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الْبَنَاتُ مِنْ تَصْوِيرِ شَكْلٍ يُسَمُّونَهُ عَرُوسَةً وَالظَّاهِرُ أَنَّ لُعَبَ جَمْعُ لُعْبَةٍ كَغُرَفٍ وَغُرْفَةٍ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ إجَابَةٌ بِصَوْمٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ دَعَاهُ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْمَدْعُوُّونَ كُلُّهُمْ مُكَلَّفُونَ صَائِمُونَ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ نَظَرِ الطَّعَامِ وَالْجُلُوسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ مُشِقٌّ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ) أَيْ وَالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلْيَحْصُلْ لَهُ فَضْلُهَا وَيَتَبَرَّكُ أَهْلُ الْمَكَانِ وَالْحَاضِرُونَ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ إنِّي صَائِمٌ) وَفَائِدَةُ هَذَا الْقَوْلِ رَجَاءُ أَنْ يَعْذِرَهُ الدَّاعِي فَيَتْرُكَهُ فَتَسْقُطَ عَنْهُ الْإِجَابَةُ اهـ. (قَوْلُهُ صَوْمُ نَفْلٍ) أَيْ، وَلَوْ مُؤَكَّدًا اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَالْفِطْرُ أَفْضَلُ) ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ أَنْ يَنْوِيَ بِفِطْرِهِ إدْخَالَ السُّرُورِ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ فَالْإِمْسَاكُ أَفْضَلُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجِبُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ لُقْمَةٌ) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَلِضَيْفٍ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا كُلُّ مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ وَحَقِيقَتُهُ الْقَرِيبُ وَمِنْ ثَمَّ تَأَكَّدَتْ ضِيَافَتُهُ وَإِكْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا.
(تَنْبِيهٌ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّعَامَ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي فِيهِ لَكِنْ مِلْكُ مُرَاعَاةٍ وَقِيَاسُ مِلْكِهِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ابْتِلَاعِهِ مَلَكَهُ وَارِثُهُ أَيْ مِلْكًا مُطْلَقًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَحْوِ بَيْعِهِ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا فَهَلْ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ وَهَلْ مَا ذَكَرَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَضْعِهِ فِي فِيهِ خَاصٌّ بِالْحُرِّ أَوْ شَامِلٌ لِلرَّقِيقِ وَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَلَوْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ بِالْمِلْكِ غَيْرَ الْمُرَاعِي بِخِلَافِهِ كَمَا هُنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَنَقَلَهُ ع ش عَلَى م ر عَنْ سم وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْمُرَادُ بِالضَّيْفِ هُنَا مَنْ حَضَرَ طَعَامَ غَيْرِهِ بِدَعْوَتِهِ، وَلَوْ عُمُومًا أَوْ يَعْلَمُ رِضَاهُ وَأَصْلُ الضَّيْفِ النَّازِلُ بِغَيْرِهِ لِطَلَبِ الْإِكْرَامِ سُمِّيَ بِاسْمِ مَلَكٍ يَأْتِي بِرِزْقِهِ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيُنَادِي فِيهِمْ هَذَا رِزْقُ فُلَانٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الضِّيَافَةِ وَهِيَ الْإِكْرَامُ وَضِدُّهُ الطُّفَيْلِيُّ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّطَفُّلِ، وَهُوَ حُضُورُ طَعَامِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ وَبِغَيْرِ عِلْمِ رِضَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ فَلَوْ دَعَا عَالِمًا أَوْ صُوفِيًّا فَحَضَرَ بِجَمَاعَتِهِ حَرُمَ حُضُورُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ مِنْهُمْ اهـ.
(قَوْلُهُ مِمَّا قَدَّمَ لَهُ) أَفْهَمَ قَوْلَهُ مِمَّا قَدَّمَ حُرْمَةَ أَكْلِ الْجَمِيعِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَنَظَرَ فِيهِ إذْ قَلَّ وَاقْتَضَى الْعُرْفُ أَكْلَ جَمِيعِهِ وَالْأَوْجَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ الْقَوِيَّةِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَكْلِ الْجَمِيعِ حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ مِمَّا قَدَّمَ لَهُ) أَيْ فَلَا يَأْكُلُ الْجَمِيعَ إلَّا إنْ جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ أَوْ عَلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ وَيُنْدَبُ التَّبَسُّطُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَكَلَّفَ وَإِلَّا حَرُمَ مَعَ الْعَجْزِ وَكُرِهَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَا يَحْرُمُ الْغُلُوُّ فِي صَنْعَتِهِ مُطْلَقًا وَيَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي الْفَمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَتِمُّ مِلْكُهُ بِالِازْدِرَادِ فَلَوْ عَادَ قَبْلَهُ رَجَعَ لِمَالِكِهِ نَعَمْ مَا يَقَعُ مِنْ تَفَرُّقِهِ، نَحْوُ لَحْمٍ عَلَى الْأَضْيَافِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الضِّيَافَةُ الْمَشْرُوطَةُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ يَمْلِكُهَا بِوَضْعِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَهُ الِارْتِحَالُ بِهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا شَاءَ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر قَالَ شَيْخُنَا، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ الضَّيْفُ لَهُ فِعْلًا يَسْرِي إلَى التَّلَفِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي النَّفِيسِ تَلْقِيمُ ذِي الْخَسِيسِ دُونَ عَكْسِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute