فَلَوْ (ظَهَرَ إمَارَةِ نُشُوزِهَا) قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ أَوْ فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعَبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ (وَعَظَ) هَا بِلَا هَجْرٍ وَضَرَبٍ فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبُ عَمَّا وَقَعَ مِنْهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَالْوَعْظُ كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ (أَوْ عَلِمَ) نُشُوزَهَا (وَعَظَ) هَا (وَهَجَرَ) هَا (فِي مَضْجَعٍ وَضَرَبَ) هَا، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ النُّشُوزُ (إنْ أَفَادَ) الضَّرْبُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: ٣٤] وَالْخَوْفُ فِيهِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} [البقرة: ١٨٢] وَتَقْيِيدُ الضَّرْبِ بِالْإِفَادَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَلَا يَضْرِبُ إذَا لَمْ يُفِدْ كَمَا لَا يَضْرِبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَا وَجْهًا وَمَهَالِكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى الْعَفْوُ وَخَرَجَ بِالْمَضْجَعِ الْهَجْرُ فِي الْكَلَامِ
ــ
[حاشية الجمل]
مَعَهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ ظَهَرَ إمَارَةُ نُشُوزِهَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ ادَّعَى كُلٌّ. وَقَوْلُهُ بِالتَّعَدِّي بِالْبَاءِ سَبَبِيَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالشِّقَاقِ وَبَيْنَ مُتَعَلِّقٍ بِهِ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ التَّعَدِّي. وَقَوْلُهُ فَلَوْ إلَخْ الْفَاءُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَكَانَ الْأَظْهَرُ إسْقَاطَهَا كَمَا هُوَ عَادَتُهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الشِّقَاقُ الْخِلَافُ وَالْعَدَاوَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ بِالتَّعَدِّي أَيْ بِسَبَبِ التَّعَدِّي. وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ التَّعَدِّي إلَخْ فَتَعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّرْجَمَةَ مُطَابِقَةٌ لِمَا ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ وَشَامِلَةٌ لِمَا إذَا كَانَ التَّعَدِّي مِنْهَا أَوْ مِنْهُ أَوْ مِنْهُمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ ظَهَرَ إمَارَةُ نُشُوزٍ وَعَظَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلِمَ إلَخْ فَإِنَّ الثَّانِيَ هُوَ التَّعَدِّي مِنْهَا حَقِيقَةً.
وَعِبَارَةُ م ر فَصْلٌ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ النُّشُوزِ وَسَوَابِقِهِ وَلَوَاحِقِهِ انْتَهَتْ وَهِيَ أَوْضَحُ لِمُطَابِقَتِهَا لِلتَّرْجَمَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزِ. (قَوْلُهُ ظَهَرَ إمَارَةُ نُشُوزِهَا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ.
(فَرْعٌ) وَالنُّشُوزُ نَحْوُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ وَكَمَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَا تَدَلُّلًا وَلَا الشَّتْمِ وَلَا الْإِيذَاءِ بِاللِّسَانِ بَلْ تَأْثَمُ بِهِ وَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا عَلَى ذَلِكَ اهـ، وَقَدْ يُشْكِلُ بِمَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ التَّعْبِيسَ نُشُوزٌ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْبِيسَ يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ، وَقَدْ يُوَضِّحُ ذَلِكَ بِأَنَّ مَدَارَ الِاسْتِمْتَاعِ عَلَى الْمُطَاوَعَةِ بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بِأَنْ لَا تَمْتَنِعَ وَتَرْضَى بِهِ وَالتَّعْبِيسُ يُؤَثِّرُ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ بِلَا مَنْعٍ وَلَا تَعْبِيسٍ اهـ سم. (قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ) خَرَجَ بِالْبَعْدِيَّةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَنْ هِيَ دَائِمًا كَذَلِكَ فَلَيْسَ نُشُوزًا إلَّا إنْ زَادَ. وَقَوْلُهُ إعْرَاضًا وَعَبُوسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ كَرَاهِيَةٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ السَّبَّ وَالشَّتْمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِسُوءِ الْخُلُقِ لَكِنَّ لَهُ تَأْدِيبَهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ بِلَا حَاكِمٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَعَظَهَا) أَيْ نَدْبًا أَيْ حَذَّرَهَا عِقَابَ الدُّنْيَا بِالضَّرْبِ وَسُقُوطِ الْمُؤَنِ وَالْقَسْمِ وَالْآخِرَةِ بِالْعَذَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ لَهَا خَبَرَ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً لِفِرَاشِ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» . وَقَوْلُهُ بِلَا هَجْرٍ الْمُرَادُ نَفْيُ هَجْرٍ يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ نَحْوِ قَسْمٍ لِحُرْمَتِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ هَجْرِهَا فِي الْمُضْطَجِعِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ اتَّقِ اللَّهَ) بِحَذْفِ الْيَاءِ. وَقَوْلُهُ وَاحْذَرِي بِإِثْبَاتِهَا اهـ ابْنُ شَرَفٍ عَلَى التَّحْرِيرِ وَالْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ طَاعَتُهُ، وَمُعَاشَرَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَسْلِيمُ نَفْسِهَا إلَيْهِ، وَمُلَازَمَةُ الْمَسْكَنِ، وَالْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا مُعَاشَرَتُهَا بِالْمَعْرُوفِ وَمُؤْنَتُهَا وَالْمَهْرُ وَالْقَسْمُ اهـ ق ل.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ وَعَظَهَا إلَخْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ اهـ شَيْخُنَا فَكَانَ الْأَظْهَرُ الْعَطْفَ بِالْفَاءِ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا ز ي وَشَيْخُنَا م ر كحج وَالْخَطِيبُ أَنَّهُ لَا يَرْتَقِي لِمَرْتَبَةٍ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِمَا دُونَهَا كَمَا فِي الصَّائِلِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ حَدًّا كَالتَّعْزِيرِ بَلْ هُوَ مِنْهُ وَلِذَلِكَ يَضْمَنُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ وَعَظَ وَهَجَرَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى النُّشُوزِ يَجُوزُ لَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى غَيْرِهِ إذَا كَانَ لَحِقَهُ كَضَرْبِهَا إيَّاهُ وَشَتْمِهَا لَهُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ فِي مَضْجَعٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ اهـ شَرْحٌ م ر. وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ يُقَالُ ضَجَعَ الرَّجُلُ وَضَعَ جَنْبَهُ بِالْأَرْضِ وَبَابُهُ خَضَعَ اهـ مُخْتَارٌ. وَقَوْلُهُ أَيْ الْوَطْءُ أَوْ الْفِرَاشُ أَيْ، وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَضَرَبَهَا) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْلُغَ ضَرْبُ حُرَّةٍ أَرْبَعِينَ وَغَيْرِهَا عِشْرِينَ وَلَمْ يَجِبْ الرَّفْعُ هُنَا لِلْحَاكِمِ لِمَشَقَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهَا لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} [النساء: ٣٤] نَعَمْ خَصَّصَ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ إنْ أَفَادَ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفِيدُ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ جَنَفًا) أَيْ مَيْلًا عَنْ الْحَقِّ خَطَأً أَوْ إثْمًا بِأَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ تَخْصِيصِ غَنِيٍّ مَثَلًا اهـ جَلَالٌ وَفِي الْمُخْتَارِ الْجَنَفُ الْمَيْلُ، وَقَدْ جَنَفَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ.
(قَوْلُهُ كَمَا لَا يَضْرِبُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا) ، وَهُوَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مَا يَعْظُمُ أَلَمُهُ عُرْفًا، وَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ إلَّا بِهِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى الْعَفْوُ) أَيْ بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلْأَدَبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ الْهَجْرُ فِي الْكَلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَا فِي الْكَلَامِ لِحُرْمَتِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا لَا حَظَّ نَفْسِهِ وَلَا الْأَمْرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute