(وَ) شُرِطَ (فِي الْعِوَضِ صِحَّةُ إصْدَاقِهِ فَلَوْ خَالَعَهَا بِفَاسِدٍ بِقَصْدٍ) كَمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَمَيْتَةٍ وَمُؤَجَّلٍ بِمَجْهُولٍ (بَانَتْ) لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ (أَوْ) بِفَاسِدٍ (لَا يُقْصَدُ) كَدَمٍ وَحَشَرَاتٍ (فَرَجْعِيٌّ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِحَالِ كَوْنِهِ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلضَّرُورَةِ وَلِلْجَوَارِحِ. تَعْبِيرِي بِفَاسِدٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَجْهُولٍ وَخَمْرٍ وَقَوْلِي يُقْصَدُ مَعَ قَوْلِي أَوْ لَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَلَوْ خَالَعَ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ بِصَحِيحٍ وَفَاسِدٍ مَعْلُومٍ صَحَّ فِي الصَّحِيحِ وَوَجَبَ فِي الْفَاسِدِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ خَالَعَ بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا تَطْلُقُ فِي الْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ وَأَمْكَنَ مَعَ الْجَهْلِ فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ
ــ
[حاشية الجمل]
مِنْ حِينِهِ فَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْإِسْلَامُ فِيهَا تَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ الرِّدَّةِ فَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ حِينِهِمَا.
(قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْعِوَضِ) أَيْ لِيَقَعَ بِهِ الْخُلْعُ صِحَّةُ إصْدَاقِهِ فَلَوْ خَالَعَهَا بِمَا لَا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ نُظِرَ إنْ خَالَعَهَا بِفَاسِدٍ يَقْصِدُ إلَخْ فَهُوَ قِسْمَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ بِنَفْسِهَا فَإِنَّ إصْدَاقَهَا صَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهُ سُورَةً بِنَفْسِهَا لِتَعَذُّرِ التَّعْلِيمِ فَهَذَا تَخَلُّفٌ لِهَذَا الْعُذْرِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَصِحُّ عِوَضُهُ أَيْ الْخُلْعِ قَلِيلًا وَكَثِيرًا دَيْنًا وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً كَالصَّدَاقِ نَعَمْ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تُعَلِّمَهُ بِنَفْسِهَا سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ امْتَنَعَ كَمَا مَرَّ لِتَعَذُّرِهِ بِالْفِرَاقِ، وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ سُكْنَاهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ لِحُرْمَةِ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ فَلَهَا السُّكْنَى وَعَلَيْهَا فِيهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَتُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ، وَفِي الْمُعَلَّقِ عَلَى دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ الْخَالِصَةِ لَا عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا عَلَى النَّاقِصَةِ أَوْ الزَّائِدَةِ، وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا إلَّا أَنْ قَالَ الْمُعَلِّقُ أَرَدْتهَا وَاعْتِيدَتْ وَلَا يَجِبُ سُؤَالُهُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ فِي الْعِوَضِ) أَيْ لِيَصِحَّ بِالْمُسَمَّى فَلَوْ تَخَلَّفَ هَذَا الشَّرْطُ فَسَدَ تَارَةً بِكَوْنِهِ رَجْعِيًّا وَصَحَّ أُخْرَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ) أَيْ مَقْصُودٍ، وَتَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْضًا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِوَضَ فِي الْخُلْعِ فِي يَدِهَا مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ فَهُوَ كَالْفَاسِدِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بِمَهْرِ مِثْلٍ) حَيْثُ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي هَذَا الْبَابِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْعِوَضِ فَالْمُرَادُ بِهِ كَمَا فِي الصَّدَاقِ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مُسَامَحَةُ الْعَشِيرَةِ فِي الصَّدَاقِ لَا تَأْتِي هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ، وَهُوَ هُنَا لِلْمُفَارِقِ الثَّانِيَةُ أَنَّ هُنَاكَ يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ النَّقْصُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ فِي مُقَابَلَةِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا لَا يَنْقُصُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُقَابِلُ الْبُضْعَ كَامِلًا كَذَا مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلِلْجَوَارِحِ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ أَنَّ الْجَوَارِحَ اسْمٌ لِآلَاتِ الصَّيْدِ مِنْ السِّبَاعِ وَالطُّيُورِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ فِي اللُّغَةِ الْكَسْبُ وَهِيَ تَكْسِبُ مَا تَصِيدُهُ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَجَرَحَ وَاجْتَرَحَ عَمِلَ بِيَدِهِ وَاكْتَسَبَ وَمِنْهُ قِيلَ لِكَوَاسِبِ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ جَوَارِحُ جَمْعُ جَارِحَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَكْسِبُ بِيَدِهَا وَتُطْلَقُ الْجَارِحَةُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى كَالرَّاحِلَةِ وَالرَّاوِيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ، وَلَوْ خَالَعَ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا بَيَانُ أَنَّ قَوْلَهُ بِفَاسِدٍ يَقْصِدُ أَيْ، وَلَوْ مَعَ صَحِيحٍ. وَقَوْلُهُ أَوْ بِصَحِيحٍ وَفَاسِدٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ.
وَقَوْلُهُ، وَلَوْ خَالَعَ بِمَا فِي كَفِّهَا مُرَادُهُ أَيْضًا أَوْ قَوْلُهُ بِفَاسِدٍ يَقْصِدُ يَشْمَلُ هَذِهِ. وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ أَيْ، وَلَوْ عِلْمَا بِأَنَّ لَا شَيْءَ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ) هَلَّا بَانَتْ هُنَا بِالْمَعْلُومِ وَحِصَّةُ الْمَجْهُولِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ اهـ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ يُجَابُ بِأَنَّ شَرْطَ التَّوْزِيعِ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ مَعْلُومًا لِيَتَأَتَّى التَّوْزِيعُ عَلَيْهِ إذْ الْمَجْهُولُ لَا يُمْكِنُ فَرْضُهُ لِيُعْلَمَ مَا يُقَابِلُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ صَحَّ فِي الصَّحِيحِ وَوَجَبَ فِي الْفَاسِدِ إلَخْ) اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ التَّوْزِيعِ إذَا كَانَ الْفَاسِدُ نَحْوَ مَيْتَةٍ مَقْصُودَةٍ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي كَفِّهَا شَيْءٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي كَفِّهَا شَيْءٌ فَاسِدٌ مَقْصُودٌ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي كَفِّهَا مَعْلُومٌ صَحِيحٌ وَعَلِمَ بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي كَفِّهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ وَعَلِمَ بِهِ أَوْ لَا وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا اهـ س ل. (قَوْلُهُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِالْحَالِ؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا عَلَى عِوَضٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةٍ كَاذِبَةٍ فَكَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ وَعِلْمُ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ) أَيْ كَقَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى دِينَارٍ فِي ذِمَّتِك فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَأَمَّا إذَا عَلَّقَ بِمَجْهُولٍ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إعْطَاءُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ الْجَهْلِ كَإِنْ أَعْطَيْتِينِي دِينَارًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَالْمِثَالِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تُعْطِيَهُ دِينَارًا مَعَ الْجَهْلِ بِصِفَاتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ عَلَّقَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إعْطَاءُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَأَنْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ لَمْ تَطْلُقْ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ) كَإِنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا مَثَّلَ شَيْخِنَا وَلَمْ أَفْهَمْ وَجْهَ كَوْنِ الْعَبْدِ يُمْكِنُ إعْطَاؤُهُ مَعَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّهَا إنْ أَتَتْ لَهُ بِعَبْدٍ صَارَ مُعَيَّنًا اهـ. (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ دَيْنِك) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا لَيْسَ بِالْإِعْطَاءِ بَلْ بِالْإِبْرَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحْتَرَزَ الْقَيْدِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ مَعَ الْجَهْلِ مُحْتَرَزُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي مَا فِي كَفِّك فَأَنْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute