فَطَلَّقَتْ وَضَمِنَتْ) فَإِنَّهَا تَبِينُ بِأَلْفٍ سَوَاءٌ أَقَدَّمْت الطَّلَاقَ عَلَى الضَّمَانِ أَمْ أَخَّرَتْهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا بَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ لِانْتِفَاءِ الْمُوَافَقَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الضَّمَانُ الْمُحْتَاجُ إلَى أَصِيلٍ فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَلَا الْتِزَامَ الْمُبْتَدَأِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنَّذْرِ بَلْ الْمُرَادُ الْتِزَامٌ بِقَبُولٍ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ؛ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ.
(أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) بِنِيَّةِ الدَّفْعِ
ــ
[حاشية الجمل]
الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا وَأَنَّهُ يَدِينُ لَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَطَلُقَتْ وَضَمِنَتْ) أَيْ أَتَتْ بِهِمَا فَوْرًا، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ فَوْرِيَّةَ التَّطْلِيقِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ قَدَّمَتْ الطَّلَاقَ إلَخْ اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ مَعَ أَنَّ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِهِ وَقَوْلُهُ فَلَا بَيْنُونَةَ عِبَارَةُ م ر فَلَا طَلَاقَ وَهِيَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ اهـ شَيْخُنَا.
وَذَهَبَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ الضَّمَانُ عَلَى الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ مَعْنًى اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخِرَةِ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَوْلٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَبِهِ فَارَقَ مَا يَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ انْتَهَتْ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الضَّمَانِ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ قَبِلْت وَلَا شِئْت وَلَا الْتَزَمْت خِلَافًا لحج فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ) بَقِيَ مَا لَوْ أَرَادَهُ كَأَنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ اتَّجَهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ رَاجِعٍ لِلزَّوْجِ وَلَا يَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِبَرَاءَتِهَا مِنْ الْأَلْفِ بِإِبْرَائِهِ أَوْ أَدَاءِ الْأَصِيلِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ عَلَى الْأَلْفِ فَقَبِلْت ثُمَّ أَبْرَأَهَا مِنْهُ أَوْ أَدَّاهُ عَنْهَا أَحَدٌ فَلْيُتَأَمَّلْ وِفَاقًا لَمْ ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ ضَمِنْت لِزَيْدٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو فَأَنْت طَالِقٌ فَضَمِنَتْهُ فَهُوَ مُجَرَّدُ تَعْلِيقٍ، فَإِنْ ضَمِنَتْ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي طَلُقَتْ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ رُجُوعِ الْعِوَضِ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَضْمَنْ فَلَا وُقُوعَ، وَقَوْلُ سم: لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ أَيْ وَهُوَ الضَّمَانُ، وَإِنَّمَا كَانَ عِوَضًا لِصَيْرُورَةِ مَا ضَمِنَتْهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَفِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ ضَمِنْت لِي الْأَلْفَ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلًا وَلَا الْتِزَامَ الْمُبْتَدَأِ) أَيْ فَلَوْ أَرَادَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ نَذَرَتْ لَهُ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَإِنْ وَجَبَ الْعِوَضُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ النَّذْرُ اهـ شَيْخُنَا.
وَقَدْ رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الشَّيْخِ عَبْدِ رَبِّهِ فَلَوْ نَذَرَتْ الْأَلْفَ لِغَيْرِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ) قَضِيَّةُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِمَّا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ نَحْوِ حَبَّتَيْ بُرٍّ فَهَلْ يَقَعُ بِذَلِكَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِكَوْنِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُقْصَدُ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِدَمٍ أَوْ حَشَرَاتٍ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ، وَإِنْ لَمْ يُعَدَّ مَالًا لَكِنَّهُ يُقْصَدُ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَ بِمَيْتَةٍ أَوْ عَلَّقَ بِهَا اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ) أَيْ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْت زَيْدًا أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مُجَرَّدِ صِفَةٍ فَمَتَى أَعْطَتْهُ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَهَلْ يَمْلِكُ زَيْدٌ الْأَلْفَ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ تَمْلِيكٌ وَلَوْ لِغَيْرِهِ حَرِّرْهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ الْإِبْصَارُ فَلَا يُعْتَدُّ بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْ الْأَعْمَى وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْأَعْيَانِ أَوْ لَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْبَيْعِ بِأَنَّ هُنَا شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ فَاقْتَضَتْ الْوُقُوعَ مُطْلَقًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا الْإِبْصَارُ أَيْضًا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِيهِمَا كَمَا لَوْ خَالَعَ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى إعْطَاءِ مَعْلُومٍ كَأَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مُبْهَمٍ كَأَنْ أَعْطَيْتنِي مَالًا فَهَلْ يَقَعُ بِأَيِّ قَدْرٍ أَعْطَتْهُ وَهَلْ يَمْلِكُهُ وَيَقَعُ لَهُ الطَّلَاقُ أَوْ تَبِينُ بِهِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَضِيَّةُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَلَمْ يَصِفْهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَيِّ مَالٍ دَفَعَتْهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ وَيَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَوَضَعَتْهُ) أَيْ فَوْرًا فِي إنْ وَإِذَا دُونَ مَتَى وَنَحْوِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِوَضْعِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الدَّفْعِ إلَخْ) زَادَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ قَالَتْ لَمْ أَقْصِدْ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ كَالرَّاهِنِ وَالْوَاهِبِ إذَا قَبَضَا وَقَالَا لَمْ نَنْوِ الرَّهْنَ وَالْهِبَةَ اهـ وَهُوَ مَوْضِعٌ تَأَمَّلْ
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ إنْ حُمِلَ الْإِعْطَاءُ عَلَى الْإِقْبَاضِ الْمُجَرَّدِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْلُقَ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّمْلِيكُ فَكَيْفَ يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ الْفِعْلِ، فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَامَ تَعْلِيقُهُ الطَّلَاقَ عَلَى الْإِقْبَاضِ مَقَامَ الْإِيجَابِ قُلْت فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْإِيجَابُ بِالْفِعْلِ وَالْعُقُودُ لَا تَنْعَقِدُ بِالْأَفْعَالِ اهـ أَقُولُ وَفِي مُطَابَقَةِ الْجَوَابِ لِلسُّؤَالِ خَفَاءٌ وَإِشْكَالٌ فَلْيُتَأَمَّلْ ثَمَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ إنَّمَا كَانَ الْإِعْطَاءُ هُنَا مُمَلِّكًا لِوُجُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute