وَإِنْ كَرِهَتْهُ (كَاخْتِلَاعِهَا) فِيمَا مَرَّ لَفْظًا وَحُكْمًا عَلَى مَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءٌ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
السُّلْطَانِ فَمَنْ كُتِبَ اسْمُهُ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ مَا ذُكِرَ ثُمَّ رَأَيْت إفْتَاءً وَاضِحًا لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فَأَحْبَبْت نَقْلَهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْتَاجُ لِلْإِفْتَاءِ بِهِ وَنَصُّهُ مَا قَوْلُكُمْ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَامَكِيَّةً وَدَفَعَ ثَمَنَهَا مِنْ خَالِصِ مِلْكِهِ وَكَتَبَ تَمَسُّكَ الشِّرَاءِ، وَالْإِسْقَاطُ بِاسْمِهِ خَاصَّةً وَقَبَضَهَا مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ غَيْرَ أَنَّهُ كَتَبَ فِي تَذْكِرَةِ الْجَامِكِيَّةِ اسْمَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ سَتْرًا وَحِمَايَةً عَلَى عَادَةِ النَّاسِ حَيْثُ يَكْتُبُ مُسْتَحِقُّ الْجَامِكِيَّةِ اسْمَ غَيْرِهِ بَلْ قَدْ يَكْتُبُ أَسْمَاءً هَوَائِيًّا لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهُ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِالِاسْمِ الَّذِي فِي التَّمَسُّكِ.
لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَفَعَ الثَّمَنَ وَوَقَعَ الْبَيْعُ وَالْإِسْقَاطُ لَهُ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَانِحُ الصَّوَابِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْفَرَاغَ عَنْ الْبِلَادِ وَالْجَوَامِكِ وَالرِّزْقِ وَالْأَطْيَانِ عُرْفُ مِصْرَ وَهُوَ عُرْفٌ خَاصٌّ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَهُمْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى بَلَدًا أَوْ جَامَكِيَّةً يَكْتُبُهَا بِاسْمِ وَلَدِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ أَتْبَاعِهِ وَلَكِنْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُهَا الْوَلَدُ أَوْ الْمَعْتُوقُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَالِدِ أَوْ السَّيِّدِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْمُشَاهَدُ فِي مِصْرِنَا وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ وَأَفْتَى فِيهَا مَشَايِخُنَا بِمَنْعِ الْأَوْلَادِ وَالْأَتْبَاعِ مِنْ أَخْذِ مَا كُتِبَ لَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ مُدَّةَ حَيَاةِ آبَائِهِمْ أَوْ سَادَاتِهِمْ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِعَطِيَّةِ الرَّحْمَنِ فِي صِحَّةِ مَا أُرْصِدَ مِنْ الْجَوَامِكِ وَالْأَطْيَانِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهِ فِيهَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ كَتَبَ جَامَكِيَّةً أَوْ رَزْقَةً عَلَى أَوْلَادٍ وَعِيَالٍ وَعُتَقَاءَ وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا احْتَاجَ إلَى الْفَرَاغِ عَنْهَا لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِفَرَاغٍ وَغَيْرِهِ وَلَا يَتَصَرَّفُ أَوْلَادُهُ وَعِيَالُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا كَتَبَ إنْسَانٌ جَامَكِيَّةً أَوْ رَزْقَةً بِاسْمِ أَوْلَادِهِ وَعِيَالِهِ لَمْ يَزَلْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا مَا دَامَ حَيًّا مِنْ غَيْرِ مُشَارِكٍ وَلَا مُنَازَعٍ سَوَاءٌ قَالَ أَكْتُبُهَا هَكَذَا فِي حَالَةِ الْإِرْصَادِ أَوْ قَبْلَ الْإِرْصَادِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ وَيُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا لِكَثْرَةِ عُقُوقِ الْأَوْلَادِ لِآبَائِهِمْ وَسَفَهِهِمْ عَلَيْهِمْ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الرِّسَالَةِ بِالْحَرْفِ إذَا عُلِمَ هَذَا النَّقْلُ الْمُعْتَبَرُ، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ وَالْأَوْلَادَ لَا يَسْتَحِقُّونَ اسْتِقْلَالَ هَذِهِ الْجَامِكِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ مَنْ اشْتَرَاهَا وَرَتَّبَهَا وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ عُرْفُ مِصْرَ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِتَعْلِيلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا مَكْتُوبَةٌ بِاسْمِي فِي التَّذْكِرَةِ.
لِأَنَّا إنْ فَتْحَنَا هَذَا الْبَابَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسَادٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّ غَالِبَ أُمَرَاءِ مِصْرَ يَشْتَرُونَ الْبِلَادَ وَالْجَوَامِكَ وَالرِّزْقَ بِأَمْوَالٍ عَظِيمَةٍ وَيَكْتُبُونَهَا بِأَسْمَاءِ أَوْلَادٍ وَأَتْبَاعٍ وَلَوْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ كِتَابَةِ أَسْمَائِهِمْ لَأَخَذُوهَا مِنْ أَيْدِي مَوَالِيهِمْ فِي حَيَاتِهِمْ وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا لَا يَخْفَى وَمِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ دَفْعَ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَرُفِعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ مَنَعَ الْمُعَارَضَةَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي اشْتَرَى الْجَامِكِيَّةَ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَاتِّبَاعُ الْحَقِّ أَسْلَمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرِهَتْهُ) أَيْ الِاخْتِلَاعَ (قَوْلُهُ: لَفْظًا وَحُكْمًا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ الصِّيَغُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَبِالْحُكْمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تِلْكَ الصِّيَغِ مِنْ وُجُوبِ الْمُسَمَّى تَارَةً وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ تَارَةً أُخْرَى وَمِنْ وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا تَارَةً وَبَائِنًا أُخْرَى اهـ شَيْخُنَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَحُكْمًا صُوَرٌ إحْدَاهَا مَا لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَخَالَعَ الْأَجْنَبِيُّ عَنْهُمَا بِأَلْفٍ مَثَلًا مِنْ مَالِهِ صَحَّ قَطْعًا، وَإِنْ لَمْ يَفْصِلْ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ يَجِبُ لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَتَيْنِ إذَا اخْتَلَعَتَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَفْصِلَ مَا يَلْتَزِمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا الثَّانِيَةُ لَوْ اخْتَلَعَتْ الْمَرِيضَةُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْمَهْرُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ الْجَمِيعُ مِنْ الثُّلُثِ الثَّالِثَةُ لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَطَلَّقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا الْتَمَسَتْ الْخُلْعَ عَلَى الْمَغْصُوبِ وَنَحْوه، فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ. الرَّابِعَةُ: لَوْ سَأَلَتْهُ الْخُلْعَ بِمَالٍ فِي الْحَيْضِ فَلَا يَحْرُمُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ شَرْحُ الْخَطِيبِ اهـ سم اهـ ز ي.
وَقَوْلُهُ لَوْ قَالَ لِلْأَجْنَبِيِّ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ مَثَلًا وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَغْصُوبٌ، فَإِنَّهَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ صَرَّحَ بِاسْتِقْلَالٍ فَخُلْعٌ بِمَغْصُوبٍ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ كَاخْتِلَاعِهَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخُلْعَ لَوْ جَرَى مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِفَاسِدٍ وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا فَدُفِعَ هَذَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ مِنْ تَخْصِيصِ وُقُوعِهِ فِي الْفَاسِدِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا إذَا جَرَى مَعَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَاءِ هَذَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلَّفْظِ وَقَوْلُهُ مُعَاوَضَةٍ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute