للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي إفَادَةِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ مُمْكِنٍ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ.

(وَلَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك وَنَوَى طَلَاقًا) ، وَإِنْ تَعَدَّدَ (أَوْ ظِهَارًا وَقَعَ) الْمَنْوِيُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَجَازَ أَنْ يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَرَامِ (أَوْ نَوَاهُمَا) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (تُخَيِّرَ) وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَثْبُتَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُزِيلُ النِّكَاحَ وَالظِّهَارُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ نَحْوَهَا كَوَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَهُ لِأَمَتِهِ) ، فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَخْذًا مِنْ قِصَّةِ «مَارِيَةَ لَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١] إلَى قَوْلِهِ {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] » أَيْ أَوْجَبَ عَلَيْكُمْ كَفَّارَةً كَكَفَّارَةِ أَيْمَانِكُمْ

ــ

[حاشية الجمل]

ظِهَارٍ وَقَعَ مُسْتَقِلًّا اهـ شَرْحُ م ر وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ وَسَيَأْتِي إلَخْ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فِي الظِّهَارِ أَوْ أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَوَى بِالثَّانِي مَعْنَاهُ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَقَعَا وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ فَقَطْ اهـ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَنْفِيذَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَوْضُوعِهِ) أَيْ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْآنَ وَهُوَ الزَّوْجَةُ مُمْكِنٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ إلَخْ) قَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ فِيمَا عُلِّلَ بِهِ عَلَى الصَّرِيحِ أَنَّ كِنَايَةَ الطَّلَاقِ تَكُونُ كِنَايَةً فِي الظِّهَارِ وَعَكْسِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْكِنَايَةِ حَيْثُ احْتَمَلَتْ الطَّلَاقَ احْتَمَلَتْ الظِّهَارَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْإِشْعَارِ بِالْبُعْدِ عَنْ الْمَرْأَةِ وَالْبُعْدُ كَمَا يَكُونُ بِالطَّلَاقِ يَكُونُ بِالظِّهَارِ اهـ ع ش وَلَوْ وَكَّلَ سَيِّدُ الْأَمَةِ زَوْجَهَا فِي عِتْقِهَا أَوْ عَكْسِهِ فَطَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَهَا وَقَالَ أَرَدْت بِهِ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مَعًا وَقَعَا وَيَصِيرُ كَإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ تَخْصِيصَ مَا فِي الشَّارِحِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْكِنَايَةِ وَهُوَ رَأْيُ الْمَغْرِبِيِّ وَعِنْدَ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ صَرِيحٌ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ اُشْتُهِرَ لَفْظٌ لِلطَّلَاقِ كَالْحَلَالِ عَلَيَّ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك أَوْ عَلَيَّ الْحَرَامُ أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي فَصَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحُصُولِ الْتَفَّاهُمْ قُلْت الْأَصَحُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ فِي الْقُرْآنِ لِلطَّلَاقِ وَلَا عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ وَأَنْتِ حَرَامٌ كِنَايَةٌ اتِّفَاقًا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَهُمْ وَالْأَوْجَهُ مُعَامَلَةُ الْحَالِفِ بِعُرْفِ بَلَدِهِ مَا لَمْ يَطُلْ مَقَامُهُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ وَيَأْلَفْ عَادَتَهُمْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ التَّفْصِيلُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَنْوِيُّ أَوَّلًا هُوَ الظِّهَارَ وَقَعَا مَعًا وَكَانَ عَائِدًا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقَ، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَغَا الظِّهَارُ أَوْ رَجْعِيًّا وَقَعَ الظِّهَارُ، فَإِنْ رَاجَعَ صَحَّ الظِّهَارُ وَإِلَّا فَلَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَثَبَتَ مَا اخْتَارَهُ بِاللَّفْظِ أَوْ الْإِشَارَةِ دُونَ النِّيَّةِ، وَإِذَا اخْتَارَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الظِّهَارُ مَنْوِيًّا أَوْ لَا ثَبَتَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ هُوَ الْمَنْوِيَّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بَائِنًا لَغَا الظِّهَارُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَقَفَ الظِّهَارُ، فَإِنْ رَاجَعَ صَارَ عَائِدًا وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ نَوَى تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَوْ وَطْئِهَا أَوْ فَرْجِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ رَأْسِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَطْلَقَ ذَلِكَ أَوْ أَقَّتَهُ كُرِهَ وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ انْتَهَتْ وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَا بِهِ أَوَّلَ الظِّهَارِ وَبِهِ يَرُدُّ بَحْثُ الْأَذْرَعِيِّ حُرْمَتَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْكَذِبِ، وَنِزَاعُ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيهَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَهُوَ لَا يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَلَا يَكُونُ مَكْرُوهًا فِي حَقِّهِ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَفَارَقَ الظِّهَارَ بِأَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ يُجَامِعُ الزَّوْجِيَّةَ بِخِلَافِ التَّحْرِيمِ الْمُشَابِهِ لِتَحْرِيمِ الْأُمِّ فَكَانَ كَذِبًا مُعَانِدًا لِلشَّرْعِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ حَرَامًا وَالْإِيلَاءُ بِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِيهِ أَتَمُّ وَمِنْ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ وَغَيْرُهُمَا.

(قَوْلُهُ: كَوَطْئِهَا) فِي التَّمْثِيلِ بِهِ وَالتَّعْلِيلِ لَهُ بِمَا يَأْتِي مَنْعٌ ظَاهِرٌ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ كَوَطْئِهَا أَيْ مَا لَمْ يَقُمْ بِهَا مَانِعٌ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ وَفِي تَمْثِيلِهِ بِالْوَطْءِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَعْيَانِ بَلْ مِنْ الْأَفْعَالِ وَهِيَ تَتَّصِفُ بِالتَّحْرِيمِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) أَيْ كَفَّارَةٌ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ يَمِينًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَتَوَقَّفْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْوَطْءِ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ أَنْتُنَّ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ ح ل وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ) مَحَلُّهُ أَنَّ ذِكْرَ لَفْظِ عَلَيَّ فَلَوْ حَذَفَهُ وَقَالَ أَنْتِ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا تَجِبُ إلَّا إنْ نَوَاهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ لَفْظَ عَلَيَّ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّتِهَا وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الظِّهَارِ وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَقَوْلُهُ لَهَا أَنْت حَرَامٌ كِنَايَةٌ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ إنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ، فَإِنْ قَالَهَا فَهُوَ صَرِيحٌ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر بَقِيَ مَا لَوْ حَذَفَ أَنْت وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِ حَيْثُ جَعَلَ صُورَةَ الْكَفَّارَةِ مَنُوطَةً بِالْخِطَابِ بِنَحْوِ أَنْتِ أَوْ نَحْوِ يَدُك أَوْ حُرْمَتُك تُعْطَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ كَالشَّرَفِ الْمُنَاوِيِّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّارِحِ أَنَّ عَلَيَّ الْحَرَامُ وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي كِنَايَةٌ فِي الْكَفَّارَةِ اهـ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عِتْقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي، فَإِنْ نَوَى فِي مَسْأَلَةِ الْأَمَةِ عِتْقًا إلَخْ (قَوْلُهُ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى) وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِتْيَانِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَكْرُوهًا وَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ الْمَكْرُوهَ وُجُوبًا لِبَيَانِ الْجَوَازِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢] قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَذَلِكَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى حَفْصَةَ فَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>