للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَكَأَنَا طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ وَنَوَى طَلَاقَهَا) ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا فَصَحَّ حَمْلُ إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِهَذَا الْحَجْرِ مَعَ النِّيَّةِ فَاللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ إضَافَتُهُ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ لَيْسَ كِنَايَةٌ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَحِلُّ النِّكَاحَ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالْعِتْقُ يَحِلُّ الرِّقَّ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقَهَا لَمْ يَقَعْ سَوَاءٌ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ أَمْ طَلَاقَ نَفْسِهِ أَمْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَوْلِي أَنَا طَالِقٌ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَمِثْلُهُ أَنَا بَائِنٌ فَقَوْلُ الْأَصْلِ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ مِثَالٌ لَكِنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ (لَا أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك) أَوْ أَنَا مُعْتَدٌّ مِنْك فَلَيْسَ كِنَايَةٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ نَوَاهُ لِاسْتِحَالَتِهِ فِي حَقِّهِ.

(وَالْإِعْتَاقُ) أَيْ صَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ (كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ فَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَعْتَقْتُك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَنَوَى الطَّلَاقَ طَلُقَتْ أَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ طَلَّقْتُك أَوْ ابْنَتَك وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ قَوْلُهُ لِعَبْدِهِ اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمَك وَقَوْلُهُ لَهُ أَوْ لِأَمَتِهِ أَنَا مِنْك حُرٌّ أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي (وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسَهُ)

ــ

[حاشية الجمل]

نَوَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ لَغَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَفْصِلْ فِي ثَلَاثًا بِأَكْثَرَ مِمَّا مَرَّ أَثَّرَ مُطْلَقًا وَمَتَى فَصَلَ بِذَلِكَ وَلَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا كَانَ كَالْكِنَايَةِ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ بَيَانٍ لَهُ أَثَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ عُرْفًا لَمْ يُؤَثِّرْ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا ابْتِدَاءً ثَلَاثًا اهـ وَمِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ شَخْصًا قَالَ عَنْ زَوْجَتِهِ بِحُضُورِ شَاهِدٍ هِيَ طَالِقٌ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ لَهُ الشَّاهِدُ لَا يَكْفِي طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت وُقُوعَ الثَّلَاثِ فَيَقَعْنَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ثَلَاثًا حَيْثُ كَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عُرْفًا عَنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى عَلَى الْأَصَحِّ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَوَّلًا وَثَانِيًا وَثَالِثًا فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ فَقَطْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَيَلْغُو قَوْلُهُ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا أَوَّلًا وَطَلَاقًا ثَانِيًا وَطَلَاقًا ثَالِثًا فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَمِنْ الْكِنَايَةِ اذْهَبِي يَا مُسَخَّمَةُ يَا مُلَطَّمَةُ وَمِنْهَا أَيْضًا مَا لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِالطَّلَاقِ عَلَى شَيْءٍ فَقَالَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَنَا مِنْ دَاخِلِ يَمِينِك فَيَكُونُ كِنَايَةً فِي حَقِّ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَكَأَنَا طَالِقٌ) وَكَذَا بَقِيَّةُ الْكِنَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ لَا أَسْتَبْرِئُ رَحِمِي مِنْك وَكَذَا بَقِيَّةُ الصَّرَائِحِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَكَأَنَا طَالِقٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مِنْك وَقَوْلُهُ أَوْ بَائِنٌ أَيْ مَعَ زِيَادَةِ مِنْك اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَنَوَى طَلَاقَهَا) أَيْ نَوَى وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُضَافًا إلَيْهَا فَهَذَا أَخَصُّ مِمَّا مَرَّ إذْ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ لَا بِهَذَا الْقَيْدِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ وَنَوَى طَلَاقَهَا أَيْ إيقَاعَ الطَّلَاقِ مُضَافًا إلَيْهَا وَهَذِهِ أَيْ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى نِيَّةِ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا إلَخْ) تَوْجِيهٌ لِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إلَخْ مُقَابِلٌ لِهَذَا التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَنَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ كَافِيَةً فِي سَائِرِ الْكِنَايَاتِ دُونَ هَذِهِ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةُ طَلَاقٍ إلَخْ) وَقَوْلُ الزَّوْجِ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْهَا إقْرَارٌ بِالطَّلَاقِ وَلَهَا تَزَوَّجِي وَلَهُ زَوِّجْنِيهَا كِنَايَةٌ فِيهِ وَلَوْ قِيلَ لَهُ يَا زَيْدُ فَقَالَ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ أَرَادَهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي الدَّرْسِ وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا أَغْلَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ الْبَابَ ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْتَحُ لَهَا أَحَدٌ ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثُمَّ رَجَعَ وَفَتَحَ لَهَا هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا وَهُوَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ صَرِيحِهِ وَكِنَايَتِهِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَفِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِهِ صَرِيحٌ وَهُوَ مُشْتَقٌّ تَحْرِيرًا وَإِعْتَاقٌ أَوْ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ كِنَايَةٌ كَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك لَا سُلْطَانَ لَا سَبِيلَ لَا خِدْمَةَ أَنْتِ سَائِبَةٌ أَنْتِ مَوْلَايَ وَصِيغَةُ طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ انْتَهَتْ فَتَعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَهُ هُنَا وَعَكْسُهُ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: كِنَايَةُ طَلَاقٍ وَعَكْسِهِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَانَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ فِي حَلِّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَا نَفَاذَ لَهُ فِي حَلِّ الْمِلْكِ إذْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَمَةِ فَكَانَ كِنَايَةً فِيهِ وَكَذَا لَفْظُ الْعِتْقِ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ وَلَا نَفَاذَ لَهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الزَّوْجَةِ فَكَانَ كِنَايَةً فِيهَا فَالْمُرَادُ بِمَوْضُوعِهِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ الْآنَ وَهَذَا فِي الصَّرِيحِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْلِيلٍ فِي الْكِنَايَةِ لِبَقَائِهَا عَلَى أَصْلِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ أَنَا مِنْك حُرٌّ إلَخْ) صَوَابُهُ أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي حَتَّى يَكُونَ مِنْ صُوَرِ الْعَكْسِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقْت نَفْسِي) أَيْ فَإِنَّهُ لَغْوٌ أَيْ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْعَكْسِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الطَّلَاقُ) أَيْ صَرِيحُهُ، وَأَمَّا كِنَايَاتُ الطَّلَاقِ فَهَلْ هِيَ كِنَايَةٌ فِي الظِّهَارِ أَمْ لَا اُنْظُرْهُ اهـ ح ل وَفِي ع ش أَنَّهَا كِنَايَةُ ظِهَارٍ اهـ وَكَذَلِكَ كِنَايَةُ الظِّهَارِ كِنَايَةٌ فِي الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ عَلَى الْقَاعِدَةِ مِنْ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا إلَخْ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا كَانَ كِنَايَةً فِي بَابِهِ وَوَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الطَّلَاقُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ وَعَكْسِهِ) وَسَيَأْتِي فِي أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِظَهْرِ أُمِّي طَلَاقًا آخَرَ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ تَابِعًا فَمَحَلُّ مَا هُنَا فِي لَفْظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>