للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ (فَلَا يَقَعُ) مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ زَوْجَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَا (مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ) كَقَوْلِهِ قَالَ فُلَانٌ زَوْجَتِي طَالِقٌ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَمْثِيلِهِ بِطَلَاقِ النَّائِمِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِيمَا مَرَّ (وَلَا مِمَّنْ جَهِلَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ نَوَاهُ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَمَا جُهِلَ مَعْنَاهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ ثُمَّ قَصْدُ الْمَعْنَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ لَا مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي كَغَيْرِي

ــ

[حاشية الجمل]

الْكِنَايَةِ وَعَلَى اعْتِبَارِ قَصْدِ الْمَعْنَى فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا فِي الْمُهِّمَّاتِ عَنْ بَعْضِ فُضَلَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ قَصْدُ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى أَيْ وَفَهْمِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ قَصْدُ الْإِيقَاعِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: لِمَعْنَاهُ) هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ فِي وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الشَّارِحِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْمَالَهُ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ عَارِفًا مَعْنَاهُ وَيَقْصِدُ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةً لَمْ يَحْتَجْ إلَى قَصْدِ الْمَعْنَى كَمَا سَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَصَدَ الْمَعْنَى إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ جَفَاهُ جَمْعٌ كَأَنْ كَانَ وَاعِظًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ: طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَيْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا لَغَا فَلَا تَطْلُقُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ الشَّرْعِيِّ بَلْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ اهـ وَاعْتَرَضَ بِمَنْعِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّقْلِيبِ وَلَا قَصْدَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ طَلَبَ مِنْ قَوْمٍ شَيْئًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ حِينَئِذٍ حَلَّ الْعِصْمَةَ فَلَمْ يَسْتَعْمِلْ اللَّفْظَ فِي مَعْنَاهُ لِوُجُودِ هَذَا الصَّارِفِ فَلَوْ كُنَّ جَمِيعًا نِسَاءَهُ فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ وَكَوْنُهُنَّ كُلُّهُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فِي ظَنِّهِ لَا يُعَدُّ صَارِفًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ بِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا مِمَّنْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِهِ هَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ إلَخْ هَذِهِ ثَلَاثَةٌ أُخْرَى وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ الْأُولَى وَالثَّلَاثِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْمُتَكَلِّمُ فِيهَا اسْتِعْمَالَ لَفْظِ الطَّلَاقِ فِي مَعْنَاهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الثَّلَاثِ الْأُولَى لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ وَهُوَ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الصَّارِفِ فَالصَّارِفُ فِيهَا مَوْجُودٌ وَهُوَ الْحِكَايَةُ وَالْجَهْلُ وَالسَّبْقُ، وَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا كَانَ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ شَرْطًا وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا بِالْفِعْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وُجُودَهُ فِيهَا لَا يُمْكِنُ، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الثَّانِيَةُ فَيَقَعُ فِيهَا مَعَ أَنَّ قَصْدَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ لَمْ يُوجَدْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا لَيْسَ شَرْطًا لِعَدَمِ الصَّارِفِ فِيهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ فَقَالَ يُشْتَرَطُ فِي الصِّيغَةِ قَصْدُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ عِنْدَ عُرُوضِ صَارِفِهَا لِمَا يَأْتِي فِي النِّدَاءِ لَا مُطْلَقًا لِمَا يَأْتِي فِي الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ وَأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ إلَخْ تَفْرِيعٌ عَلَى مَنْطُوقِهِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى التَّفْرِيعِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَخْ فَحُكْمٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَا مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُطَلِّقُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تُسَاعِدُهُ عَلَى دَعْوَاهُ صُدِّقَ فِي الظَّاهِرِ وَإِلَّا فَلَا فَفِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ الْقَرِينَةُ كَوْنُهَا مُسَمَّاةً بِطَالِقٍ وَالْأَمْرُ الَّذِي ادَّعَاهُ مَانِعًا مِنْ الطَّلَاقِ هُوَ نِدَاؤُهَا وَالْقَرِينَةُ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي قُرْبُ مَخْرَجِ اللَّامِ مِنْ الرَّاءِ وَالْأَمْرُ الَّذِي ادَّعَاهُ مَانِعًا مِنْ الطَّلَاقِ الْتِفَافُ الْحَرْفِ أَيْ انْتَقِلَا بِهِ إلَى الْآخَرِ فَتَعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ ثُمَّ قَصَدَ الْمَعْنَى أَيْ قَصَدَ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا عِنْدَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ عَنْ مَعْنَاهُ إلَخْ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا عَرَفْت أَنَّ مَبْحَثَ عُرُوضِ مَا يَصْرِفُ الطَّلَاقَ غَيْرُ مَبْحَثِ قَصْدِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَصِحُّ تَقْيِيدُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: ثُمَّ قَصَدَ اللَّفْظَ لِمَعْنَاهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ هُنَاكَ صَارِفٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِي فَلَا يَقَعُ مِمَّنْ حَكَى طَلَاقَ غَيْرِهِ إلَخْ هَذَا وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ كِنَايَةً فَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ فِيهِ نِيَّةُ الْإِيقَاعِ، وَإِنْ كَانَ يَتَبَادَرُ مِنْ سِيَاقِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِيَّةُ الْمَعْنَى أَيْ نِيَّةُ قَصْدِ اللَّفْظِ لِمَعْنَاهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ) أَيْ مَعْنَى اللَّفْظِ عِنْدَ أَهْلِهِ بِأَنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِحَيْثُ لَوْ قِيلَ لَهُ وَأَيُّ شَيْءٍ مَعْنَاهُ لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ ظَاهِرًا أَيْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحُكْمُ بِوُقُوعِهِ ظَاهِرًا وَهَذَا الْقَيْدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ قَصْدُ الْمَعْنَى عِنْدَ وُجُودِ الصَّارِفِ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ بِوُقُوعِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>