(وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا) فِي دَعْوَاهُ مَا يَمْنَعُ الطَّلَاقَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ (إلَّا بِقَرِينَةٍ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ وَلَمْ يَقْصِدْ طَلَاقًا) فَلَا تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ لِقُرْبِهِ، فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ طَلُقَتْ (وَ) كَقَوْلِهِ (لِمَنْ اسْمُهَا طَارِقٌ) أَوْ طَالِبٌ أَوْ طَالِعٌ (يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءً فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فَلَا تَطْلُقُ لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَكَقَوْلِهِ طَلَّقْتُك ثُمَّ قَالَ سَبَقَ لِسَانِي، وَإِنَّمَا أَرَدْت طَلَبْتُك.
(وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) مَثَلًا (هَازِلًا) بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ (أَوْ لَاعِبًا)
ــ
[حاشية الجمل]
ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ يُوكَلُ لِدِينِهِ أَيْ يُعْمَلُ بِقَصْدِهِ هَذَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فَيُحْكَمُ بِوُقُوعِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ يَدِينُ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْمَعْنَى أَوْ لَا اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَخْ) أَمَّا بَاطِنًا فَيُصَدَّقُ مُطْلَقًا اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ أَيْ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ أَمْ لَا اهـ ع ش عَلَيْهِ وَفِي سم (تَنْبِيهٌ) اقْتَضَى كَلَامُ الشَّارِحِ كَأَصْلِهِ تَصْدِيقَهُ بَاطِنًا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَا قَرِينَةَ فَيُصَدَّقُ بَاطِنًا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مِنْ أَوَّلِ اللَّفْظِ أَوْ قَبْلَ فَرَاغِهِ عَلَى مَا سَلَفَ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَرِينَةٍ) جَعَلَ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْقَرِينَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت حَرَامٌ عَلَيَّ وَظَنَّ أَنَّهَا طَلُقَتْ بِهِ ثَلَاثًا فَقَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ظَانًّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ بِالْعِبَارَةِ الْأُولَى، فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ بَانِيًا عَلَى الظَّنِّ الْمَذْكُورِ اهـ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَنَا طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَيْت بِخِلَافِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَأُخْبِرَ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ فَفَعَلَهُ وَبَانَتْ صِحَّةُ الْعَقْدِ حَيْثُ تَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْعَقْدِ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ ذَيْنِك اهـ حَجّ بِبَعْضِ تَصَرُّفٍ فِي اللَّفْظِ اهـ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ: يَا طَالِقُ) سَوَاءٌ ضَمَّ الْقَافَ أَوْ فَتَحَهَا أَوْ كَسَرَهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يُغَيِّرُ الْمَعْنَى خِلَافًا لِضَبْطِ النَّوَوِيِّ لَهُ بِالسُّكُونِ وَصُورَةُ عَدَمِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَنْ تُوجَدَ التَّسْمِيَةُ بِطَالِقٍ عِنْدَ النِّدَاءِ، فَإِنْ زَالَتْ التَّسْمِيَةُ ضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحُرٍّ يَا حُرٌّ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ ز ي (قَوْلُهُ: فَالْتَفَّ الْحَرْفُ) أَيْ انْقَلَبَ وَتَغَيَّرَ وَتَحَوَّلَ مَخْرَجُهُ إلَى حَرْفٍ آخَرَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ الطَّلَاقَ) طَلُقَتْ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ وَالنِّدَاءَ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضَى، وَإِذَا اجْتَمَعَا غَلَبَ الْمَانِعُ وَهُوَ النِّدَاءُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمُقْتَضِي وَغَيْرِهِ فَيَغْلِبُ الْمُقْتَضِي فَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَقَالَ أَرَدْت نِدَاءَ إلَخْ) خَرَجَ مَا لَوْ أَطْلَقَ فَيَقَعُ كَمَا لَوْ قَصَدَ الطَّلَاقَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ طَلُقَتْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ مُرَادُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّيغَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي هَذَا كُلِّهِ مَنْ تَلَفَّظَ بِصِيغَةٍ ظَاهِرَةٍ فِي الْوُقُوعِ لَكِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ بِالْقَرِينَةِ، وَإِنْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) أَيْ مُعَلَّقٍ أَوْ مُنَجَّزٍ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا أَثَّرَتْ قَرَائِنَ الْهَزْلِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْيَقِينُ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَتَأَثَّرُ بِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ أَمْرُهُ لِمَنْ يُطَلِّقُهَا أَيْ لَا لِمَنْ يُعَلِّقُ طَلَاقَهَا لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمَوْلَى فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) أَيْ وَلَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ وَلَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُحَاوَرَةً أَيْ مُنَازَعَةً فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ أَوْ لَا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا فِي ظَنِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ الْوَاقِعَ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا) فَسَّرَهُمَا م ر فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى ثُمَّ قَالَ وَلِكَوْنِ اللَّعِبِ أَعَمَّ مُطْلَقًا مِنْ الْهَزْلِ عُرْفًا إذْ الْهَزْلُ يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ عَطَفَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَادَفَهُ لُغَةً كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَجَعَلَ غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا تَغَايُرًا فَفَسَّرَ الْهَزْلَ بِأَنْ يَقْصِدَ اللَّفْظَ دُونَ الْمَعْنَى، وَاللَّعِبَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ قَصْدُ اللَّفْظِ لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوعِ بَاطِنًا وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ لَفْظَ الْإِطْلَاقِ دُونَ مَعْنَاهُ كَمَا فِي حَالِ الْهَزْلِ وَقَعَ وَلَمْ يُدَيَّنْ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَقْصِدْ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: هَازِلًا بِأَنْ قَصَدَ اللَّفْظَ دُونَ مَعْنَاهُ) أَيْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ حَلُّ الْعِصْمَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِيقَاعَ وَهُوَ لَا يَشْتَرِطُ فِي الصَّرِيحِ حَيْثُ خَلَا عَنْ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ حَجّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْوُقُوعَ مِنْ الْهَازِلِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّ عَدَمَ رِضَاهُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهَذَا الظَّنُّ خَطَأٌ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُوَ الْحَقُّ اهـ ح ل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute