لِخَبَرِ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحَلَّ أَوْ الْبَائِنَ بِدُونِ ثَلَاثٍ جَدَّدَ النِّكَاحَ أَوْ بِثَلَاثٍ أَمْسَكَ عَنْهَا وَطَلَّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَإِنْ كَانَ الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ، فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
(وَلَوْ عَلَّقَ اثْنَانِ بِنَقِيضَيْنِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْهُ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ (وَجَهِلَ) الْحَالَ (فَلَا) يُحْكَمُ بِطَلَاقٍ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِمَا قَالَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ (أَوْ) عَلَّقَ (وَاحِدٌ بِهِمَا لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) لِوُجُودِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَلَزِمَهُ) مَعَ اعْتِزَالِهِ عَنْهُمَا إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ لِاشْتِبَاهِ الْمُبَاحَةِ بِغَيْرِهَا (بَحْثٌ) عَنْ الطَّائِرِ (وَبَيَانٌ) لِزَوْجَتَيْهِ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَتَّضِحَ لَهُ حَالُ الطَّائِرِ بِعَلَامَةٍ فِيهِ يَعْرِفُهَا لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بَحْثٌ وَلَا بَيَانٌ (أَوْ) عَلَّقَ بِهِمَا (لِزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ) كَأَنْ قَالَ إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرِ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ الْحَالَ (مُنِعَ مِنْهُمَا) لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَا يَتَمَتَّعُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ (إلَى بَيَانٍ) لِتَوَقُّعِهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْكَفُّ عَنْ الْحَرَامِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ هُنَا فِي الْكَفِّ عَنْ الْحَلَالِ اهـ وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَّقَ اثْنَانِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا جَارٍ فِيهِ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «دَعْ مَا يَرِيبُك» ) بِفَتْحِ الْيَاء وَضَمِّهَا إلَى مَا لَا يَرِيبُك بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّهَا أَيْضًا كَذَا ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الشَّكُّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِيَتَيَقَّنَ الْحِلُّ) وَيُعْتَدُّ بِهَذِهِ الرَّجْعَةِ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْبَائِنَ بِدُونِ ثَلَاثٍ) كَأَنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِذَا جَدَّدَ النِّكَاحَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ طَلَّقَ كَانَ ذَلِكَ قَائِمًا مَقَامَ الرَّجْعَةِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُعْتَدُّ بِهَذَا التَّجْدِيدِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ الطَّلَاقُ أَيْضًا وَيَلْزَمُهُ مَا عَقَدَ بِهِ مِنْ الصَّدَاقِ اهـ (قَوْلُهُ: وَطَلَّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) أَيْ وَلَوْ دُونَ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ يَقِينًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا وَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ لِيَعْلَمَ مَا تَعُودُ لَهُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ حَجّ ذِكْرُهُمْ ثَلَاثَةً هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَحْصُلَ لَهُ مَجْمُوعُ الْفَوَائِدِ الثَّلَاثِ أَيْ الْحِلِّ لِلْغَيْرِ يَقِينًا وَلِتَعُودَ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا وَبِالثَّلَاثَةِ لَا لِتَوَقُّفِ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى الثَّلَاثِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَوْدُهَا لَهُ بِالثَّلَاثِ يَقِينًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) وَفِي هَذِهِ تَعُودُ لَهُ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ح ل
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْهُ) الْأَفْصَحُ إنْ لَمْ يَكُنْ إيَّاهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ الْحَالَ) ، فَإِنْ عَلِمَ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مَا لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً وَإِلَّا فَهُوَ حَلِفٌ فَلَا يَقَعُ، وَإِنْ عَلِمَ الْحَالَ لِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِيهِ كَمَا مَرَّ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ بَحْثٌ وَبَيَانٌ) أَيْ فَوْرًا فِي الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَحَلُّهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الطَّائِرِ وَطَلَبْنَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا م ر وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ أَصْلًا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ بَحْثٌ) أَيْ تَفْتِيشٌ وَبَيَانٌ لِزَوْجَتَيْهِ أَيْ يُبَيِّنُ لَهُمَا الْمُطَلَّقَةَ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ بِعِلْمِ الصِّفَةِ لَكِنْ يُبَيِّنُ لَهُمَا لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالْحَالِ وَقَالَ وَبَيَانٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ بَيَانِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ مُعَيَّنَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِتَعَيُّنِ صِفَتِهَا؛ لِأَنَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَهِنْدٌ طَالِقٌ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيَانِ لِلْمُعَيَّنَةِ لَا مِنْ قَبِيلِ التَّعْيِينِ لِلْمُبْهَمَةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ اهـ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر مَا نَصُّهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ صُورَةَ الْمَتْنِ أَنَّهُ خَاطَبَ بِكُلِّ تَعْلِيقٍ مُعَيَّنَةً مِنْ زَوْجَتَيْهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي ع ش عَلَيْهِ.
وَعِبَارَةُ حَجّ لَزِمَهُ الْبَحْثُ وَالْبَيَانُ لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْهُمَا وَعَبَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِهِ وَالْبَيَانُ لِزَوْجَتَيْهِ أَيْ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمَا الْحَالَ لِيَعْلَمَ الْمُطَلَّقَةَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ انْتَهَتْ. وَقَوْلُهُ لِيَعْلَمَ أَيْ لِيَظْهَرَ عِلْمُهُ وَإِلَّا فَعِلْمُهُ فِي نَفْسِهِ يَحْصُلُ بِالْبَحْثِ اهـ (قَوْلُهُ مَعَ اعْتِزَالِهِ عَنْهُمَا) أَيْ بِقُرْبَانٍ وَغَيْرِهِ وَالْغَيْرُ يَشْمَلُ النَّظَرَ وَلَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَبَيَانٌ لِزَوْجَتَيْهِ لِاشْتِبَاهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ مُعَيَّنَةٌ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ ابْتِدَاءً لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا لَا أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ، فَإِذَا عُلِمَتْ الصِّفَةُ تَعَيَّنَتْ الْمُطَلَّقَةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كحج لِلْأَصْلِ مِنْ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ مُبْهَمَةٌ لَا مِنْ قَبِيلِ الْبَيَانِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ الْمُطَلَّقَةُ مُعَيَّنَةً اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ بَحْثٌ وَلَا بَيَانٌ) أَيْ وَلِيَسْتَمِرَّ اجْتِنَابُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ فَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا ادَّعَتْ وَاحِدَةٌ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مُنِعَ مِنْهُمَا إلَى بَيَانٍ) وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ وَصَنِيعُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ ذَلِكَ، فَإِذَا بَيَّنَ بِأَنْ قَالَ حَنِثْت فِي الطَّلَاقِ أَيْ بَيَّنَ الْوُقُوعَ فِيهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَذَاكَ وَإِلَّا بِأَنْ كَذَّبَهُ وَادَّعَى الْعِتْقَ حَلَفَ السَّيِّدُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ وَعَتَقَ، وَإِنْ قَالَ حَنِثْت فِي الْعَبْدِ عَتَقَ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى مَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بَائِنًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَمَتَّعُ بِالزَّوْجَةِ) يَنْبَغِي وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهَا حَتَّى بِغَيْرِ شَهْوَةٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ اهـ ح ل أَيْ لِيُنْفِقْ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ وَلَوْ أَرَادَ التَّكَسُّبَ لِنَفْسِهِ فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرِّقِّ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُزِيلُهُ فَلَوْ اكْتَسَبَ بِإِذْنٍ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ بِدُونِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ فَمِلْكُهُ لِلسَّيِّدِ وَالنَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَإِمَّا عَتِيقٌ فَالْمَالُ لَهُ وَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ النَّفَقَةِ يُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ اهـ مِنْ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّعِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إمْكَانِهِ، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute