للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ يَأْثَمُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ طَلَاقُ الْمَوْلَى إذَا طُولِبَ بِهِ وَطَلَاقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ فَلَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنِّيٍّ (وَطَلَاقُ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ أَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ آيِسَةً أَوْ حَامِلًا مِنْهُ (وَخُلْعُ زَوْجَةٍ فِي) زَمَنِ (بِدْعَةٍ بِعِوَضٍ مِنْهَا لَا) سُنِّيٍّ (وَلَا) بِدْعِيٍّ لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ فِي السُّنِّيِّ وَفِي الْبِدْعِيِّ، وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ، وَأَخْذُهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقُ شُرُوعَهَا فِي الْعِدَّةِ فَلَا نَدَمَ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ طَلَاقُ الْمُتَحَيِّرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي طُهْرٍ مُحَقَّقٍ وَلَا فِي حَيْضٍ مُحَقَّقٍ.

(وَالْبِدْعِيُّ حَرَامٌ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَالْعِبْرَةُ فِي الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ بِوَقْتِهِ وَفِي الْمُعَلَّقِ بِوَقْتِ وُجُودِ الصِّفَةِ إلَّا إذَا جُهِلَ وُقُوعُهُ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ فَالطَّلَاقُ وَإِنْ كَانَ بِدْعِيًّا لَا إثْمَ فِيهِ (وَسُنَّ لِفَاعِلِهِ) إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الطَّلَاقِ (رَجْعَةٌ) لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إنْ أَرَادَ» ، وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَسَنُّ الرَّجْعَةِ يَنْتَهِي

ــ

[حاشية الجمل]

حَجّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ التَّصْرِيحَ بِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَعِبَارَتُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ وَلَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ اهـ ع ش عَلَى م ر وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيُّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا) أَيْ وَلَوْ بِسُؤَالِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا نَقَلَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ وَابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهَا مَتَى سَأَلَتْ سَقَطَ حَقُّهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِرِضَاهَا ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُمْ يُخَالِفُهُ وَلَوْ اسْتَرْضَاهَا فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا وَرَضِيَتْ سَقَطَ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ التَّجْدِيدُ إنْ كَانَ بَائِنًا وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ ضَرَّتِهَا، وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَنَكَحَتْ آخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا الْآخَرُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَهَا إنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، وَأَنْ يُجَدِّدَ نِكَاحَهَا إنْ لَمْ يُطَلِّقْ رَجْعِيًّا أَوْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ خَافَ الْعَنَتَ وَتَعَيَّنَ التَّزَوُّجُ طَرِيقًا فِي دَفْعِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ اهـ م ر.

(فَرْعٌ) نَجَزَ الطَّلَاقُ مَعَ آخِرِ الْحَيْضِ ظَانًّا أَنَّهُ آخِرُ الطُّهْرِ يَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّهُ بِدْعِيٌّ فِيهِ الْإِثْمُ؛ لِأَنَّهُ مُرَاغِمٌ لِلشَّرْعِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَأَظُنُّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةٌ فَلْتُرَاجَعْ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ) أَيْ أَحَدِ الْحَكَمَيْنِ وَهُوَ حَكَمُ الزَّوْجِ إذَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً اهـ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لِلْحَكَمَيْنِ مَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا يَتَشَاوَرَانِ فِيهِ وَيَتَوَافَقَانِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُوقِعُهُ هُوَ حَكَمُ الزَّوْجِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ وَطَلَاقُ غَيْرِهَا) تَحْتَ الْغَيْرِ أَرْبَعَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ وَخُلْعُ زَوْجَةٍ إلَخْ صُورَةٌ خَامِسَةٌ وَيُزَادُ عَلَى الْخَمْسَةِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَخْ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا أَيْضًا الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ طَلَاقُ الْمُتَحَيِّرَةِ إلَخْ فَجُمْلَةُ صُوَرِ الَّذِي لَا وَلَا تِسْعَةٌ، وَتَقَدَّمَ أَنْ صُوَرَ السُّنِّيِّ ثَمَانِيَةٌ وَصُوَرَ الْبِدْعِيِّ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِعِوَضٍ مِنْهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَ مَجَّانًا كَانَ بِدْعِيًّا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْعِوَضِ مِنْهَا ذَكَرَهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ لَا سُنِّيَّ وَلَا بِدْعِيَّ) مِنْ هَذَا الْقِسْمِ طَلَاقُ الرَّجْعِيَّةِ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَغَيْرُهُمَا أَيْ غَيْرُ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ كَطَلَاقِ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ أَوْ رَجْعِيَّةٍ اهـ وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا طَلُقَتْ فِي الْعِدَّةِ تَبْنِي وَلَا تَسْتَأْنِفُ، وَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ وَهُوَ مَرْجُوحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم. (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ التَّعَالِيلِ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي انْتِفَاءِ تَعْلِيلِ الْبِدْعِيِّ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ السُّنِّيِّ فَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا.

. (قَوْلُهُ وَالْبِدْعِيُّ حَرَامٌ) أَيْ وَأَمَّا الْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ فَجَائِزَانِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْبِدْعِيِّ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَسُنَّ لِفَاعِلِهِ رَجْعَةٌ) وَإِذَا رَجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ مِنْ أَصْلِهِ وَمَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ مَا لَمْ يَقْصِدُ الرَّجْعَةَ لِأَجْلِ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا كَانَتْ مَكْرُوهَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَسُنَّ لِفَاعِلِهِ رَجْعَةٌ) بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا بَحَثَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ يَقُومُ مَقَامَ النَّهْيِ عَنْ التَّرْكِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ) فِي أَصْلِ دَلَالَةِ الْخَبَرِ عَلَى النَّدْبِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ فَابْنُ عُمَرَ لَيْسَ مَأْمُورًا مِنْ النَّبِيِّ اهـ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَسُنَّ لِفَاعِلِهِ رَجْعَةٌ مُشْكِلٌ إذْ الرَّجْعَةُ تَوْبَةٌ وَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ اهـ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمْ تَجِبْ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَلَيْسَ فِي فَلْيُرَاجِعْهَا أَمْرٌ لِابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَمْرِ عُمَرَ فَالْمَعْنَى فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَجْلِ أَمْرِكَ لِكَوْنِك وَالِدَهُ وَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْقَرِينَةِ، وَإِذَا رَاجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَاطِعَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ تَرْفَعُ أَصْلَ الْمَعْصِيَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّ رَفْعَ الرَّجْعَةِ لِلتَّحْرِيمِ كَالتَّوْبَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا إذْ كَوْنُ الشَّيْءِ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ فِي خُصُوصِيَّةٍ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ لَا يَقْتَضِي وُجُوبَهُ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ فِيهِ إلَخْ) أَتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِتُفِيدَ صَرْفَ الْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ حَيْثُ قَالَ إنْ أَرَادَ اهـ شَيْخُنَا وَفِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ السَّابِقَ مُصَرِّحٌ بِالْمَشِيئَةِ أَيْضًا فَلَمْ يَظْهَرْ لِلْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ نُكْتَةٌ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ إنْ أَرَادَ رَاجِعٌ لِلطَّلَاقِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَالطَّلَاقُ بَعْدَهَا مَوْكُولٌ لِلْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَسَنُّ الرَّجْعَةِ يَنْتَهِي إلَخْ) أَيْ فَتُسَنُّ مَا بَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>