للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِسِنِّ الْإِشْهَادِ مِنْ زِيَادَتِي وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ كَوَطْءٍ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا وَكَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ النِّكَاحُ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ وَمُقَدِّمَاتِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ رَجْعَةٌ وَأَسْلَمُوا أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَنُقِرُّهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ أَوْلَى.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمَحَلِّ كَوْنُهُ زَوْجَةً مَوْطُوءَةً) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ (مُعَيَّنَةً) هُوَ مِنْ زِيَادَتِي (قَابِلَةً لِحِلِّ مُطَلَّقَةٍ مَجَّانًا لَمْ يُسْتَوْفَ عَدَدُ طَلَاقِهَا) فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَلَا قَبْلَ الْوَطْءِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَاءِ وَلَا فِي مُبْهَمَةٍ كَأَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مُبْهِمًا، ثُمَّ رَاجَعَ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ تَعْيِينِهَا إذْ لَيْسَتْ الرَّجْعَةُ فِي احْتِمَالِ الْإِبْهَامِ كَالطَّلَاقِ لِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ وَلَا فِي حَالِ رِدَّتِهَا كَمَا فِي حَالِ رِدَّتِهِ، وَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِدَامَةُ

ــ

[حاشية الجمل]

(قَوْلُهُ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] أَيْ قَارَبْنَ بُلُوغَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْأَجَلِ أَيْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَيْسَ لَهُمْ الْإِمْسَاكُ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ إلَخْ) فَلَوْ وَطِئَ الْحَنَفِيُّ الرَّجْعِيَّةَ، ثُمَّ تَشَفَّعَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ أَوْ التَّحْدِيدُ وَكَذَا لَوْ قَلَّدَ الشَّافِعِيُّ الْحَنَفِيَّ فِي نِكَاحِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِهِ أَوْ لَا قِيَاسًا عَلَى الْعِبَادَةِ الَّتِي فَعَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ انْقَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُهَا فِي الْخَارِجِ وَالزَّوْجِيَّةُ مَوْجُودَةٌ وَالْأَثَرُ وَهُوَ الْوَطْءُ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ لِلْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ فَإِنْ قُلْت الْقِيَاسُ عَدَمُ التَّجْدِيدِ قِيَاسًا عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ قُلْت يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالتَّسَامُحِ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يَتَسَامَحُ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَيْضًا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ حَرِّرْهُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ عَنْ تَقْلِيدِ الْحَنَفِيِّ مَثَلًا إلَى غَيْرِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّجْدِيدُ وَلَا الرَّجْعَةُ إلَّا إنْ رَجَعَ فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ بِأَنَّ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ فِيهَا أَوْ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا ذُكِرَ بِأَنْ قَلَّدَ نَحْوَ الشَّافِعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْعَقْدِ الْمُقَدَّمِ لِوُقُوعِهِ صَحِيحًا فِي مُعْتَقَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْعُمُومِ بُطْلَانُ الْخُصُوصِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ غَيْرِ الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا مُلْحَقَانِ بِالْقَوْلِ فِي كَوْنِهِمَا كِنَايَتَيْنِ اهـ شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ) أَيْ فَمَفْهُومُ اللَّفْظِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةَ أَخْرَسَ مُفْهِمَةً صَحَّ، وَإِنْ كَانَ وَطْئًا أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ كَوْنُهُ زَوْجَةً) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ سَبْعَةُ شُرُوطٍ وَرُبَّمَا أَغْنَى الْأَوَّلُ عَنْ الثَّانِي وَالْخَامِسِ وَالسَّادِسِ وَالسَّابِعِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا كَأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ مُطَلَّقَةٍ) أَيْ وَلَوْ بِتَطْلِيقِ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى، وَيَكْفِي فِي تَخْلِيصِهَا مِنْهُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَلَا يُقَالُ مَا فَائِدَةُ طَلَاقِ الْقَاضِي حَيْثُ جَازَتْ الرَّجْعَةُ مِنْ الْمَوْلَى اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ مُطَلَّقَةٍ) أَيْ وَلَوْ احْتِمَالًا لِيَدْخُلَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ وَشَكَّ فِي حُصُولِهِ فَرَاجَعَ ثُمَّ تَبَيَّنَ حُصُولُهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ فَشَرْطُ الرَّجْعَةِ بَقَاءُ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ فَقَالَ وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ بَاقِيَةً فِي الْعِدَّةِ خَرَّجَ الْمُعَاشَرَةَ فَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعِدَّةِ وَإِنْ لَحِقَهَا الطَّلَاقُ بَعْدَهَا وَالْمُرَادُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فَيَدْخُلُ مَا لَوْ طَلُقَتْ فِي الْحَيْضِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تَشْرَعْ فِي الْعِدَّةِ وَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي أَثْنَاءِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الَّتِي بِغَيْرِ الْحَمْلِ بِشُبْهَةٍ فَحَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ انْفِصَالِ تَمَامِ الْوَلَدِ أَوْ قَبْلَ ثَانِي التَّوْأَمَيْنِ نَعَمْ لَا رَجْعَةَ لَهُ مَا دَامَتْ فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ وَلَوْ كَانَ الْوَطْءُ لِلشُّبْهَةِ مِنْهُ رَاجَعَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَقَطْ، وَإِنْ تَدَاخَلَتْ الْعِدَّتَانِ إلَّا إنْ حَمَلَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ إلَى الْوَضْعِ لِوُقُوعِ الْحَمْلِ عَنْ الْعِدَّتَيْنِ مَعًا اهـ. (قَوْلُهُ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَاءِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ اهـ ز ي اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ كَأَنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ) رَجْعِيًّا ثُمَّ قَالَ رَاجَعْت إحْدَاهُمَا فَلَوْ رَاجَعَ كُلًّا مِنْهُمَا أَوْ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً صَحَّ، وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ مِثْلَ الْمُبْهَمَةِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى التَّعْيِينِ ثُمَّ نَسِيَهَا وَرَاجَعَهَا قَبْلَ الْبَيَانِ.

وَعِبَارَةُ حَجّ وَمِثْلُهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ مَا لَوْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا إلَخْ.

وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ وَلَا فِي طَلَاقٍ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ زَوْجَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا لَيْسَ بِزَوْجَةٍ، وَقَدْ يُمْنَعُ أَنَّ الْخَارِجَ بِزَوْجَةٍ الْأَجْنَبِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهَا هَلْ تَصِحُّ رَجْعَتُهَا أَوْ لَا بِخِلَافِ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ يَصِحُّ ذَلِكَ فِيهِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرِهِمَا تَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ مُبْهِمًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ طَلَّقَ فَهُوَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَجَعْلُهُ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ غَلَطٌ أَوْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ النِّكَاحُ لَا يَصِحُّ مَعَهُ أَيْ الْإِبْهَامُ كَذَا ضَبَّبَ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِدَامَةُ) تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُقَدَّمَةُ إلَى أُخْرَى لِيَنْبَنِيَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا أَيْ وَمِنْ لَوَازِمِ الِاسْتِدَامَةِ حِلُّ الِاسْتِمْتَاعِ وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا إلَخْ اهـ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا صَحَّتْ رَجْعَةُ الْمُحَرَّمَةِ لِإِفَادَتِهَا نَوْعًا مِنْ الْحِلِّ كَالنَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>