تَحْصُلُ (بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (بِقُبُلٍ) فَلَا يَكْفِي تَغَيُّبُ مَا دُونَهَا بِهِ وَلَا تَغْيِيبُهَا بِدُبُرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ حُرْمَةِ الثَّانِي لَا يُحَصِّلُ الْغَرَضَ، وَلَا بُدَّ فِي الْبِكْرِ مِنْ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ كَحَيْضٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْفَاءِ مَعَ الْمَدِّ وَقَالَ م ر بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَكَسْرِهَا. اهـ وَسُمِّيَ الْوَطْءُ فَيْئَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ فَقَدْ رَجَعَ لِلْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمِصْبَاحِ فَاءَ الرَّجُلُ يَفِيءُ فَيْئًا مِنْ بَابِ بَاعَ رَجَعَ وَفِي التَّنْزِيلِ {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩] أَيْ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ وَفَاءَ الْمَوْلَى رَجَعَ عَنْ يَمِينِهِ إلَى زَوْجَتِهِ وَلَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَيْئَةٌ أَيْ رَجْعَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْفَيْئَةُ تَحْصُلُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ، وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ أَوْ كَانَ بِفِعْلِهَا فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطَأْ. اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ فَيْئَةِ الْقَادِرِ عَلَيْهَا وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ مُحَرَّمًا فِي الْقُبُلِ مُخْتَارًا عَامِدًا عَالِمًا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بِهِ بَكَارَتُهَا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ إدْخَالُهُ مَا دُونَهَا كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ نَعَمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي إيلَائِهِ بِالْقُبُلِ وَلَا نَوَاهُ بِأَنْ أَطْلَقَ انْحَلَّ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَإِنْ اسْتَدْخَلَهَا أَيْ الْحَشَفَةَ أَوْ أَدْخَلَهَا هُوَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْنَثْ، وَلَمْ تَجِبْ كَفَّارَةٌ وَلَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ، وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ أَمَّا عَدَمُ الْحِنْثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَاخْتِلَالِهِ فِيمَا عَدَاهَا، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلِعَدَمِ الْحِنْثِ وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَجْنُونُ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ كَالْعَاقِلِ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُفَارِقُ سُقُوطَ حَقِّهَا عَدَمُ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةِ بِأَنَّ رِعَايَةَ الْقَصْدِ الصَّحِيحِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى أَشَدُّ مِنْهُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ عَنْ الْحَيْضِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْعِبَادَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ.
فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا عَاقِلًا حَنِثَ، وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ. اهـ.
ثُمَّ وَجَدْت بِهَامِشِهِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ: وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَعَدَمِ الِانْحِلَالِ إذْ قَدْ يَرْتَقِعُ الْأَوَّلُ وَيَبْقَى الثَّانِي كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بَعْدَ الْإِيلَاءِ مِنْهَا بِمَا لَا يَنْحَلُّ بِبَيْنُونَتِهَا فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَيَبْقَى عَدَمُ الِانْحِلَالِ، وَإِنْ أَعَادَهَا إلَى نِكَاحِهِ. اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ. (قَوْلُهُ: بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ مَعَ الِانْتِشَارِ كَالتَّحْلِيلِ. اهـ شَرْحُ م ر وَمَعَ الِاخْتِيَارِ وَالْعِلْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) أَيْ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيهَا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهَا لَهُ فَقَطْ فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَامِلٌ حَنِثَ وَلَزِمَهُ مَا الْتَزَمَ. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِقُبُلٍ) هِيَ عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَحِينَئِذٍ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ كَمَا لَوْ طَالَبَتْهُ فَلَمْ يَفِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ. اهـ قِيلَ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْهَاجِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْفَيْئَةَ الْمُطَالَبَ بِهَا شَرْعًا لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ رَافِعًا لِلْيَمِينِ وَمَانِعًا مِنْ الْمُطَالَبَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ اعْتَمَدَ هَذَا الْإِيرَادَ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي وَطْءِ الزَّوْجِ عِنْدَ قِيَامِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هُنَا وَهُوَ مُجَرَّدُ تَحَكُّمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ هُنَا أَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ وَتَنْتَفِي الْمُطَالَبَةُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْفَيْئَةَ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ غَيْرُ حَاصِلَةٍ فَإِنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُجِيبِ عَنْ الْإِيرَادِ فِيمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا. اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا تَغْيِيبُهَا بِدُبُرٍ) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ فَيْئَةٌ لَكِنْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ لِحِنْثِهِ بِهِ فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْإِيلَاءِ تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي قُبُلِهَا وَبِمَا إذَا حَلَفَ وَلَمْ يُقَيِّدْ لَكِنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ. اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ إزَالَةِ بَكَارَتِهَا) أَيْ وَلَوْ غَوْرَاءَ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ إلَخْ) وَمَا تَعَجَّبَ بِهِ فِي الْوَسِيطِ مِنْ مَنْعِ الْحَيْضِ لِلطَّلَبِ مَعَ عَدَمِ قَطْعِهِ الْمُدَّةَ رُدَّ بِأَنَّ مَنْعَهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ مَعَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَدَمُ قَطْعِهِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَإِلَّا لَمْ تُحْسَبْ مُدَّةٌ غَالِبًا كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُمْ: إنَّ طَلَاقَ الْمَوْلَى فِي الْحَيْضِ غَيْرُ بِدْعِيٍّ لَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ بِهِ إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا طُولِبَ زَمَنَ الطُّهْرِ بِالْفَيْئَةِ فَتَرَكَ مَعَ تَمَكُّنِهِ ثُمَّ حَاضَتْ فَتُطَالِبُ بِالطَّلَاقِ حِينَئِذٍ. اهـ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ طَرَأَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ ثُمَّ زَالَ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِلَا اسْتِئْنَافٍ لِوُجُودِ الْمُضَارَّةِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى التَّوَالِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute