(وَتَلْقِينُ قَاضٍ لَهُ) أَيْ لِلِّعَانِ أَيْ لِكَلِمَاتِهِ فَيَقُولُ لَهُ قُلْ كَذَا وَلَهَا قُولِي كَذَا فَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ بِغَيْرِ تَلْقِينٍ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْقَاضِي؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّى لِعَانَ رَقِيقِهِ.
(وَصَحَّ) اللِّعَانُ (بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ) وَإِنْ عَرَفَهَا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ وَهُمَا فِي اللُّغَاتِ سَوَاءٌ فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقَاضِي غَيْرَهَا وَجَبَ مُتَرْجِمَانِ (وَ) صَحَّ (مِنْ) شَخْصٍ (أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالشَّهَادَةِ مِنْهُ لِضَرُورَتِهِ إلَيْهِ دُونَهَا؛ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي اللِّعَانِ مَعْنَى الْيَمِينِ دُونَ الشَّهَادَةِ (كَقَذْفٍ) مِنْ زِيَادَتِي فَيَصِحُّ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَمِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ لِمَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ قَذْفُهُ وَلَا لِعَانُهُ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى مَا يُرِيدُ (وَسُنَّ تَغْلِيظٌ) لِلِّعَانِ كَتَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنْ لَا تَغْلِيظَ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَالزِّنْدِيقِ وَالدَّهْرِيِّ وَيُغَلَّظُ (بِزَمَانٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْقَسَامَةِ حَيْثُ اُكْتُفِيَ بِهَا وَلَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَبَرُوا هُنَا لَفْظَ اللَّعْنِ بَعْدَ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا تُفَرَّقُ أَجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ الْمُؤَلَّفَةِ مِنْ رَكَعَاتٍ وَلَمَّا اعْتَبَرُوا لِتَمَامِهَا التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ بَطَلَتْ بِمَا يُنَافِيهَا أَيْ فِي أَيِّ جُزْءٍ اتَّفَقَ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَتَلْقِينُ قَاضٍ لَهُ) أَيْ أَوْ مُحَكَّمٍ إنْ كَانَ اللِّعَانُ لِدَفْعِ الْحَدِّ فَإِنْ كَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ لِلْوَلَدِ حَقًّا فِي النَّسَبِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ بِالتَّحْكِيمِ إنْ كَانَ بَالِغًا، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ. اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ لَهُ قُلْ كَذَا وَلَهَا قُولِي كَذَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ إجْمَالًا كَأَنْ يَقُولَ قُلْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَذَا إلَخْ فِيمَا يَظْهَرُ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلَهُ لِكَلِمَاتِهِ ثُمَّ إنَّ التَّلْقِينَ يُعْتَبَرُ فِي سَائِرِ الْكَلِمَاتِ وَلَا يَكْفِي فِي أَوَّلِهَا فَقَطْ. اهـ بِرّ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ قَبْلَ هَذِهِ قَالَ م ر وَالْمُرَادُ بِتَلْقِينِهِ كَلِمَاتِهِ أَمْرُهُ بِهَا لَا أَنَّهُ يَنْطِقُ بِهَا الْقَاضِي قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجْمَالًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ائْتِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ. اهـ عِ ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ اللِّعَانُ بِغَيْرِ تَلْقِينٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَمَا أَتَى بِهِ قَبْلَ التَّلْقِينِ لَغْوٌ إذْ الْيَمِينُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا قَبْلَ اسْتِحْلَافِهِ وَالشَّهَادَةُ لَا تُؤَدَّى إلَّا بِإِذْنِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ: وَالشَّهَادَةُ لَا تُؤَدَّى إلَخْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ شَيْئًا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي أَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي يُسَمَّى شَهَادَةً لَكِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا. اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ قَبْلَ سُؤَالِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَهِيَ مُنْعَقِدَةٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ كَاذِبًا. اهـ ع ش وَالْمُرَادُ بِالتَّلْقِينِ فِيهَا سُؤَالُ الْقَاضِي لَهَا أَيْ أَمْرِ الْحَالِفِ بِهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَقُولَ لَهُ قُلْ كَذَا كَمَا هُنَا. اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) تَنْظِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ لَا لِلنَّفْيِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَيْمَانَ غَيْرَ اللِّعَانِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّلْقِينِ بَلْ عَلَى الطَّلَبِ وَالْأَمْرِ كَمَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى فَتَأَمَّلْ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سم أَنَّ كَلِمَاتِ اللِّعَانِ يَكْفِي فِي تَلْقِينِهَا الْأَمْرُ بِهَا فَهِيَ كَالْأَيْمَانِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْقَاضِي) أَيْ فِيمَا لَوْ أَوْقَعَ اللِّعَانَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ اهـ. حَجّ وم ر وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ غَيْرَ اللِّعَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّلْقِينُ بِخِلَافِ اللِّعَانِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ. اهـ ع ش وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقَاضِي غَيْرَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْقَاضِي وَجَبَ تُرْجُمَانُ. اهـ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْعَجَمِيَّةَ فَقَوْلُهُ: هُنَا فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقَاضِي غَيْرَهَا أَيْ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ. اهـ سم. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ مِنْ شَخْصٍ أَخْرَسَ) أَيْ أَصْلِيِّ الْخَرَسِ أَوْ طَارِئِهِ وَلَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ وَقَوْلُهُ: بِإِشَارَةٍ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ غَالِبًا وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ لَمْ أُرِدْ الْقَذْفَ بِإِشَارَتِي لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ لَمْ يُصَدَّقْ فِيمَا عَلَيْهِ كَالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَالْفُرْقَةِ وَيُقْبَلُ فِيمَا لَهُ كَثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَلُزُومِ الْحَدِّ لَهُ وَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِمَا حَيْثُ لَمْ يَفُتْ وَلَوْ نَطَقَ فِي أَثْنَاءِ اللِّعَانِ بُنِيَ عَلَى مَا أَشَارَ بِهِ أَوْ كَتَبَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كِتَابَةِ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ وَلَهُ كِتَابَةُ بَعْضِهَا وَالْإِشَارَةُ بِالْبَاقِي فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ وَيَكْتُبُ مَعَ الْكِتَابَةِ إنِّي نَوَيْتُ كَذَا. اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَوْ كِتَابَةٍ وَيُكَرِّرُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ خَمْسًا أَوْ يُشِيرُ لِلْبَعْضِ وَيَكْتُبُ الْبَعْضَ. اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: لِمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ إلَخْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ تَعْلِيلَ صِحَّةِ اللِّعَانِ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ لَا يَجْرِي فِي الْقَذْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَغَايَةُ مَا يُمْكِنُ مِنْ الْعِبَارَةِ إرْجَاعُ قَوْلِهِ لِمَا ذُكِرَ لِلْأَخِيرَيْنِ أَيْ قَوْلِهِ: وَمِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَيْ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فِي هَاتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ. (قَوْلُهُ: بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ كَمَا يُسَنُّ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ كَتَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِهِمَا وَعِبَارَتُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ: فَصْلٌ: سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ بِمَا فِي اللِّعَانِ مِنْ زَمَانٍ وَمَكَانٍ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا تَغْلِيظَ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَغْلِيظَ فِيمَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ كَدَهْرِيٍّ وَزِنْدِيقٍ بَلْ يُحَلَّفُ إنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ. انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَالدَّهْرِيِّ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ نِسْبَةٌ لِلدَّهْرِ لِإِضَافَتِهِ الْآثَارَ إلَيْهِ لَكِنَّ الْمَفْتُوحَ حِينَئِذٍ قِيَاسِيٌّ وَالْمَضْمُومَ سَمَاعِيٌّ. اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: وَالدَّهْرِيِّ إلَخْ عِبَارَةُ الصِّحَاحِ وَالدَّهْرِيُّ بِالضَّمِّ الْمُسِنُّ وَبِالْفَتْحِ الْمُلْحِدُ قَالَ ثَعْلَبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute