وَلَوْ (مُرْتَدًّا بَعْدَ وَطْءٍ) أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ فَيَصِحُّ لِعَانُهُ، وَإِنْ قَذَفَ فِي الرِّدَّةِ، وَأَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ فِي النِّكَاحِ فِيمَا إذَا لَمْ يُصِرَّ، وَكَمَا لَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَبَانَهَا فِيمَا إذَا قَذَفَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ، وَأَصَرَّ، وَكَمَا لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُضَافٍ إلَى حَالِ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا فِي الرِّدَّةِ، وَأَصَرَّ وَثَمَّ وَلَدٌ (لَا إنْ أَصَرَّ وَقَذَفَ فِي رِدَّةٍ وَلَا وَلَدَ) ثَمَّ فَلَا يَصِحُّ لِعَانُهُ لِتَبَيُّنِ الْفُرْقَةِ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ مَعَ وُقُوعِ الْقَذْفِ فِيهَا وَلَا وَلَدَ (وَيُلَاعِنُ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ كَالْبَيِّنَةِ وَصَدَّنَا عَنْ الْأَخْذِ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦] مِنْ اشْتِرَاطِ تَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ الْإِجْمَاعُ فَالْآيَةُ مُؤَوَّلَةٌ بِأَنْ يُقَالَ فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي الْبَيِّنَةِ فَيُلَاعِنُ كَقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ، وَسَبَبُ الْآيَةِ كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ فَاقِدًا لِلْبَيِّنَةِ.
وَشَرْطُ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْقَيْدُ عَلَى سَبَبٍ فَيُلَاعِنُ مُطْلَقًا (لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْ عُقُوبَةٍ) لِقَذْفٍ (وَبَانَتْ) مِنْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ (وَلِدَفْعِهَا) أَيْ الْعُقُوبَةَ بِطَلَبٍ لَهَا مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الزَّانِي
ــ
[حاشية الجمل]
زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا بِلَا لِعَانٍ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ فَإِنْ حُدَّ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الْقَذْفِ عُزِّرَ لِلثَّانِي كَمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً فَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا هَذَا إنْ لَمْ يُضِفْ الزِّنَا إلَى حَالِ الْبَيْنُونَةِ كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ لِئَلَّا يُشْكِلَ بِمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ مُتَعَدِّدٌ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ حَدَّ الْقَذْفِ الْأَوَّلِ حَتَّى قَذَفَهَا فَإِنْ لَاعَنَ لِلْأَوَّلِ عُزِّرَ لِلثَّانِيَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَلَيْسَ مِنْ الْعَفْوِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَالْقَذْفِ فَيَتَّفِقُ لِلْمَقْذُوفِ تَرْكُ الْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعَفْوِ أَوْ مَا مَعْنَاهُ إذْ مُجَرَّدُ الْإِعْرَاضِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ بَلْ هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مُطَالَبَتِهِ، وَإِثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ مَتَى شَاءَ وَلَا سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْخُصُومَةَ لِعَجْزِهِ أَوْ خَوْفًا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ نَحْوِهِ وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ. اهـ ح ل وَقَوْلُهُ: وَالزَّوْجَةُ كَغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ أَيْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ، وَأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا ثُمَّ حُدَّ ثُمَّ قَذَفَ ثَانِيًا لَمْ يُحَدَّ، وَأَنَّهَا لَوْ عَفَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا لَمْ يَجِبْ لَهَا عَلَيْهِ حَدٌّ. اهـ عِ ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ وَطْءٍ) أَعَادَ الشَّارِحُ لَوْ لِأَجْلِ الْقَيْدِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالرِّدَّةِ وَقَيَّدَ بِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ التَّفَاصِيلَ الْآتِيَةَ لَا تَكُونُ إلَّا حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَهُوَ يُلَاعِنُ، وَإِنْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْوَطْءِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَوْ بَانَتْ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ. اهـ شَيْخُنَا وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ كَمَا سَيَقُولُ: وَيُلَاعِنُ لِدَفْعِهَا، وَإِنْ بَانَتْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرْتَدًّا بَعْدَ وَطْءٍ) اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ إمَّا فِي الرِّدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ إمَّا أَنْ يُصِرَّ أَوْ لَا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدٌ أَوْ لَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ قَذَفَ فِي الرِّدَّةِ أَيْ سَوَاءٌ قَذَفَ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا وَبِقَوْلِهِ، وَأَصَرَّ عَلَيْهَا أَيْ سَوَاءٌ أَصَرَّ أَوْ لَا أَخْرَجَ الْمَتْنُ مِنْهَا وَاحِدَةً اشْتَمَلَتْ عَلَى ثَلَاثِ قُيُودٍ أُخِذَ مَفْهُومُهَا بِقَوْلِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُصِرَّ وَفِي هَذَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَبِقَوْلِهِ فِيمَا إذَا قَذَفَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ وَفِيهِ صُورَتَانِ وَبِقَوْلِهِ أَوْ قَذَفَهَا فِي الرِّدَّةِ إلَخْ وَفِيهِ صُورَةٌ. اهـ شَيْخُنَا هَذَا وَلَوْ نُظِرَ لِكَوْنِ اللِّعَانِ فِي صُوَرِ عَدَمِ الْإِصْرَارِ الْأَرْبَعِ يَقَعُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا لَكَانَتْ الصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ) أَيْ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ لِعَانُهُ) أَيْ فِي حَالِ رِدَّتِهِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ قَيْدًا عَلَى مَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ:، وَأَصَرَّ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَيْ أَصَرَّ عَلَى الرِّدَّةِ فِي الْعِدَّةِ أَيْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا لِلْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا إلَخْ) وَقَوْلُهُ: وَكَمَا لَوْ أَبَانَهَا الْكَافُ لِلْقِيَاسِ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ لِعَانُهُ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ فَلَا يَنْدَفِعُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ. (قَوْلُهُ: لِتَبَيُّنِ الْفُرْقَةِ إلَخْ) الْعِلَّةُ مَجْمُوعُ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا) أَيْ سَوَاءٌ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ، وَأَقَامَهَا أَوْ لَمْ يُقِمْهَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ إقَامَتِهَا بِالْفِعْلِ فِي هَذَا التَّعْمِيمِ لِأَجْلِ الْحَوَالَةِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ أَيْ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ فَقَوْلُهُ: هُنَاكَ كَمَا عُرِفَ أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ: فَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا وَهَذَا الْحُكْمُ قَدْ عُرِفَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ هُنَا وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا إلَخْ، وَكَوْنُ الصُّوَرِ ثَلَاثَةً إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَلِدَفْعِهَا فَلَا يَتَأَتَّى الِاثْنَتَانِ وَهُمَا عَدَمُ الْبَيِّنَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وُجُودُهَا بِدُونِ إقَامَتِهَا، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَهِيَ مَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْفِعْلِ فَمُعَطَّلَةٌ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَدَّنَا) أَيْ مَنَعَنَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ اشْتِرَاطِ تَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ) بَيَانٌ لِلظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: فَالْآيَةُ مُؤَوَّلَةٌ) أَيْ فَيَنْبَغِي تَأْوِيلُهَا لِتَلْتَئِمَ مَعَ الْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَالَ فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي الْبَيِّنَةِ) أَيْ لِعَدَمِهَا أَوْ لِوُجُودِهَا مِنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ فِيهَا لِصِدْقِ السَّالِبَةِ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ، لَكِنْ تَوَقَّفَ سم فِي هَذَا التَّأْوِيلِ مَعَ التَّقْيِيدِ فِي الْآيَةِ بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ مَعْنَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} [النور: ٦] لَمْ يَرْغَبُوا فِي إقَامَتِهِمْ لَكِنْ كَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يُقَالَ وَلَمْ يَرْغَبُوا فِي إقَامَتِهِمْ فَلَا يَأْتِي بِالْفَاءِ وَلَا بِحَرْفِ الشَّرْطِ وَلَا يُفْرَدُ الضَّمِيرَ، وَكَأَنَّهُ حِلٌّ مَعْنًى، وَبَعْدَ هَذَا التَّأْوِيلِ لَمْ تَصْدُقْ الْآيَةُ بِأَنَّ لَهُ اللِّعَانَ مَعَ إقَامَتِهَا بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ رَغِبَ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ سَوْقِ الْآيَةِ أَنَّ اللِّعَانَ فِيهَا لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ لَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَاللِّعَانُ لِدَفْعِ الْعُقُوبَةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي صُورَتَيْنِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ) أَيْ وَتَجْرِي عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: خَرَجَ عَلَى سَبَبٍ أَيْ ذُكِرَ لِأَجْلِ مُوَافَقَةِ سَبَبٍ وَقَوْلُهُ: كَانَ الزَّوْجُ فِيهِ، هُوَ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ وَقَوْلُهُ: فَيُلَاعِنُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَلِدَفْعِهَا) أَيْ الْعُقُوبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute