للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) تَرْكُ (تَحَلٍّ بِحَبٍّ) يُتَحَلَّى بِهِ كَلُؤْلُؤٍ (وَمَصْبُوغٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَنُحَاسٍ إنْ مُوِّهَ بِهِمَا أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ تَتَحَلَّى بِهِ (نَهَارًا) كَخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَخَاتَمٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا وَخَرَجَ بِالتَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ التَّحَلِّي بِغَيْرِهِ كَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ عَارٍ بَيِّنٍ عَمَّا مَرَّ، وَبِالنَّهَارِ وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي التَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ لَيْلًا فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَاجَةٍ وَمَعَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَ) تَرْكُ (تَطَيُّبٍ) فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ وَلَوْ غَيْرَ مُحْرِمٍ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ.

وَاسْتَثْنَى اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَلِيلًا مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْبَخُورِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَى تَطَيُّبٍ جَازَ كَالِاكْتِحَالِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ (وَ) تَرْكُ (دُهْنِ شَعْرٍ) لِرَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ بِخِلَافِ دَهْنِ سَائِرِ الْبَدَنِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) تَرْكُ (اكْتِحَالٍ بِكُحْلِ زِينَةٍ) كَإِثْمِدٍ وَلَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْضَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا طِيبٌ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ (إلَّا لِحَاجَةٍ) كَرَمَدٍ (فَ) تَكْتَحِلُ بِهِ (لَيْلًا) وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا وَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ نَهَارًا، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ، وَقَدْ جَعَلَتْ فِي عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ: اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» وَالصَّبْرُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَخَرَجَ بِكُحْلِ الزِّينَةِ غَيْرُهُ كَالتُّوتِيَاءِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا؛ إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِإِثْمِدٍ وَقَوْلِي قَلِيلًا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) تَرْكُ (اسْفِيذَاجٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ رَصَاصٍ يُلَطُّ بِهِ الْوَجْهُ (وَدِمَامٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ حُمْرَةٌ يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ (وَخِضَابُ مَا ظَهَرَ) مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ (بِنَحْوِ حِنَّاءٍ) كَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ، وَقَوْلِي: مَا ظَهَرَ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الرُّويَانِيِّ لَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَفِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الجمل]

لَا يَتَزَيَّنُونَ بِذَلِكَ، وَهَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ حَجّ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا نَصَّ لَهُمْ فِيهِ أَنَّهُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا، وَأَمَّا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ فَيُرَاعَى، وَإِنْ اطَّرَدَ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ حَجّ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: نَهَارًا) رَاجِعٌ لِلتَّحَلِّي كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ فِي الْمَفْهُومِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ يَمْتَنِعُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَانْظُرْ مَا الْفَارِقُ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَفَارَقَ حُرْمَةُ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَلُبْسُ مَصْبُوغٍ أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا نَعَمْ يَكْفِي سَتْرُهُ إذَا لَبِسَتْهُ لِحَاجَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ وَالْمُحَرَّمُ بِأَنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فَهَذَا التَّعْمِيمُ رَاجِعٌ لِلتَّطَيُّبِ اهـ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَأَنْ يُقَالَ لِتَطَيُّبِ غَيْرِ الْمُحَرَّمَةِ: إنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَالْحَالَةُ أَنَّهَا مُحِدَّةٌ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْكُحْلِ، وَالْمُحَرَّمُ مِنْهُ مَا فِيهِ زِينَةٌ، وَغَيْرُ الْمُحَرَّمِ مَا لَا زِينَةَ فِيهِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: مَتَى كَانَ الْكُحْلُ مُطَيَّبًا حَرُمَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ زِينَةٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ قُسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَالضَّمُّ أَكْثَرُ اهـ مِصْبَاحٌ اهـ ع ش عَلَى م ر وَالْقُسْطُ طِيبُ الْأَعْرَابِ، وَالْأَظْفَارُ ضَرْبٌ مِنْ الْعِطْرِ عَلَى شَكْلِ أَظْفَارِ الْأَنِسَانِ يُوضَعُ فِي النُّحُورِ اهـ قَسْطَلَّانِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: وَتَرْكُ اكْتِحَالٍ) هَلْ يَشْمَلُ الْعَمْيَاءَ الْبَاقِيَةَ الْحَدَقَةِ، وَلَا يَبْعُدُ الشُّمُولُ؛ لِأَنَّهُ مُزَيِّنٌ فِي الْعَيْنِ الْمَفْتُوحَةِ، وَإِنْ فُقِدَ بَصَرُهَا اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَكَكُحْلٍ أَصْفَرَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَيَحْرُمُ اكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطَيَّبٍ، وَإِنْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ الْأَصْفَرُ، وَهُوَ الصَّبْرُ انْتَهَى، وَفِي الْمُخْتَارِ الصَّبْرُ الدَّوَاءُ الْمُرُّ (قَوْلُهُ: عَلَى «أُمِّ سَلَمَةَ) زَوْجَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَيْهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا» وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ النَّظَرِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ حَقِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ نَظَرُهُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ، وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا، أَوْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُقَاسُ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا طِيبٌ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ طِيبٌ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَتَطَيُّبٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكُحْلَ الَّذِي لِلزِّينَةِ حَرَامٌ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ طِيبٌ أَوْ لَا، وَحُرْمَةُ الْأَوَّلِ لِلطِّيبِ وَالثَّانِي لِوُجُودِ الزِّينَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ) أَيْ إنْ كُنْت مُحْتَاجَةً إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ حُمْرَةٌ يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِحُسْنِ يُوسُفَ، وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا جَلَسَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ وَاغْتَابُوا شَخْصًا طَرَدَهُمْ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَالَ

حَسَدُوا الْفَتَى أَنْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ ... فَالْكُلُّ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ

كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا ... حَسَدًا وَبُغْضًا إنَّهُ لَدَمِيمُ

وَالْحَسَدُ جَمْعُ حَاسِدٍ كَرَكْبٍ جَمْعِ رَاكِبٍ اهـ شَيْخُنَا مَدَابِغِيٌّ فِي قِرَاءَةِ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ: وَخِضَابُ مَا ظَهَرَ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمَهْنَةِ، وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ فَانْدَفَعَ بِهِ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ هُنَا أَمَّا مَا تَحْتَ الثِّيَابِ فَلَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ حِنَّاءٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مُذَكَّرٌ يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ وَبِالْجَمْعِ وَاحِدُهُ حِنَّاءَةٌ بِالْمَدِّ أَيْضًا اهـ ق ل عَلَى الْخَطِيبِ وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَاحِدُهُ حَنَأَةٌ بِوَزْنِ عَتَبَةٍ اهـ سُمِّيَتْ حِنَّاءً؛ لِأَنَّهَا حَنَّتْ لِآدَمَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ فَكَانَ كُلَّمَا أَخَذَ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَرَقًا يَسْتَتِرُ بِهِ طَارَ عَنْهُ إلَّا وَرَقَ الْحِنَّاءِ (قَوْلُهُ: كَوَرْسٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>