أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ، وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَنَعَهُمَا مِمَّا يَمْنَعُ غَيْرَهُمَا (وَسُنَّ لِمُفَارَقَةٍ) وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَذِكْرُ سَنِّهِ فِي الرَّجْعِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا.
(، وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا (تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ) بِمَا يُقْصَدُ (لِزِينَةٍ وَلَوْ) صُبِغَ (قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ كَكَتَّانٍ وَإِبْرَيْسَمٍ لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ زِينَةً كَنَقْشٍ، وَبِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ لَا لِزِينَةٍ بَلْ لِمُصِيبَةٍ أَوْ احْتِمَالِ وَسَخٍ كَالْأَسْوَدِ وَالْكُحْلِيِّ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ، وَإِنْ تَرَدَّدَ الْمَصْبُوغُ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْإِحْدَادُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَهُ لَهَا فِي زَمَنِ الْحَمْلِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر عَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَلَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى مَا بَقِيَ أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا، وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) وَهُوَ مِمَّا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، وَمَا جَازَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ وَجَبَ قَالَ شَيْخُنَا غَالِبًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ) بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ يَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنَّ لُزُومَ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا اهـ م ر اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ إلَخْ) صَرَّحَ بِهَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ السَّنِّ لِلتَّصْرِيحِ بِالرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَالَ م ر وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالْفِرَاقِ إلَخْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ إلَخْ إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ لَهُ الضَّعِيفُ (قَوْلُهُ: مَجْفُوَّةٌ) أَيْ مُبْتَذَلَةٌ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ فَلَا تَحْزَنُ عَلَيْهِ بَلْ تَتَمَنَّى هَلَاكَهُ اهـ شَيْخُنَا وَفِي الْمُخْتَارِ الْجَفَاءُ مَمْدُودٌ ضِدُّ الْبِرِّ، وَقَدْ جَفَوْته أَجْفُوهُ جَفَاءً مَجْفُوٌّ، وَلَا تَقُلْ: جَفَيْته وَتَجَافَى جَنْبُهُ عَنْ الْفِرَاشِ تَبَاعَدَ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ: جَفَا السَّرْجُ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ يَجْفُو جَفَاءً ارْتَفَعَ، وَمِنْهُ جَافَيْته فَتَجَافَى إذَا بَعُدْت عَنْ مَوَدَّتِهِ، وَجَفَوْت الرَّجُلَ أَجْفُوهُ أَعْرَضْت عَنْهُ أَوْ طَرَدْته، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ جَفَاءِ السَّيْلِ، وَهُوَ مَا نَفَاهُ السَّيْلُ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ بُغْضٍ وَجَفَا الثَّوْبُ يَجْفُو إذَا غَلُظَ فَهُوَ جَافٍ، وَمِنْهُ جَفَاءُ الْبَدْوِ، وَهُوَ غِلْظَتُهُمْ وَفَظَاظَتُهُمْ اهـ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ سَنَةٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِحْدَادُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا لَمْ تَرْجُ رَجْعَةً كَالْبَائِنِ وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ إلَخْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تَرْجُو رَجْعَتَهُ وَلَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ فِي فَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لُغَةً الْمَنْعُ) لِأَنَّ الْمُحِدَّةُ تَمْنَعُ نَفْسَهَا الطِّيبَ وَالزِّينَةَ اهـ ح ل وَفِي الْمِصْبَاحِ حَدَّتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحُدُّ وَتَحِدُّ حِدَادًا بِالْكَسْرِ فَهِيَ حَادٌّ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَأَحَدَّتْ إحْدَادًا فَهِيَ مُحِدٌّ وَمُحِدَّةٌ إذَا تَرَكَتْ الزِّينَةَ لِمَوْتِهِ اهـ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيُقَالُ بِالْجِيمِ بَدَلَ الْحَاءِ اهـ وَقَوْلُهُ تَحُدُّ وَتَحِدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ، وَبَيَّنَ الْمَضْمُومَ بِأَنَّهُ مِنْ بَابِ رَدَّ وَلَمْ يُبَيِّنْ بَابَ الْمَكْسُورِ (قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا تَرْكُ لُبْسٍ إلَخْ) فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تُرُوكٍ ثَمَانِيَةٍ تَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَيْ الْإِحْدَادُ الْوَاجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُ هَذِهِ الْأُمُورِ مَا دَامَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ أَشْهُرٍ أَوْ حَمْلٍ فَفِي الْأَشْهُرِ ظَاهِرٌ، وَفِي الْحَمْلِ يَسْقُطُ عَنْهَا الْوُجُوبُ بِوَضْعِهِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ بِلَحْظَةٍ (قَوْلُهُ: بِمَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ) إنَّمَا قَدَّرَ هَذَا فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا لُبْسُ الْمَصْبُوغِ بِقَصْدِ الزِّينَةِ لَا مَا صُبِغَ لَا بِقَصْدِ الزِّينَةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ فِي نَفْسِهِ زِينَةً فَأَشَارَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ إلَى امْتِنَاعِ جَمِيعِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْصَدَ لِلزِّينَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِصَبْغِهِ خُصُوصُ زِينَةٍ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنِ الْغَايَةُ الْأُولَى لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَحِلُّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْمِيمِ هَكَذَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَنِيعِ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَشِنَ) أَيْ وَلَوْ خَشِنَ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى صُبِغَ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى زَوْجٍ) أَيْ فَلَا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بَلْ تُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَأَرْبَعَةٌ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْ نَكْتَحِلَ أَيْ وَنُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى فِعْلٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ اهـ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَنْ نُحِدَّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَكُنَّا نُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ أَيْ مَعَ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَرْكِ الِاكْتِحَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِحْدَادَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ كَانَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ نَعَمْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ إذَا قُدِّرَ مُضَافٌ أَيْ وَعَنْ تَرْكِ الِاكْتِحَالِ إلَخْ، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى عَطْفِهِ عَلَى أَنْ نُحِدَّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ إلَّا عَلَى زَوْجٍ فَلَا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ بَلْ نُؤْمَرُ بِأَنْ نُحِدَّ وَأَنْ نَكْتَحِلَ إلَخْ مَعَ أَنَّ الِاكْتِحَالَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ وَتَرْكُ الِاكْتِحَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَكَتَّانٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِبْرَيْسَمٍ) ، وَهُوَ الْحَرِيرُ الْأَبْيَضُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ فِيهِ) هَذَا وَاضِحٌ عِنْدَ قَوْمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute