للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ أَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اعْتَبَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ، وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(وَالْمَفْقُودُ) بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ بِمَا مَرَّ) فِي الْفَرَائِضِ (أَوْ طَلَاقُهُ) بِحُجَّةٍ فِيهِ (ثُمَّ تَعْتَدُّ) كَمَا لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ حَتَّى يَثْبُتَ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ (فَلَوْ حُكِمَ بِنِكَاحِهَا قَبْلَ ثُبُوتِهِ نُقِضَ) الْحُكْمُ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ (وَلَوْ نُكِحَتْ) قَبْلَ ثُبُوتِهِ (وَبَانَ مَيِّتًا) قَبْلَ نِكَاحِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ (صَحَّ) النِّكَاحُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا.

(وَيَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الجمل]

اعْتِبَارِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ حُسْبَانَهَا مِنْ الطَّلَاقِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ التَّعْيِينِ.

فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَحَلَّ حُسْبَانِهَا مِنْ التَّعْيِينِ إنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَتُحْسَبُ مِنْ الطَّلَاقِ بِاتِّفَاقٍ اهـ (قَوْلُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ اعْتِبَارُ عِدَّةِ الْمُبْهَمَةِ مِنْ الطَّلَاقِ لَا مِنْ التَّعْيِينِ كَمَا زَعَمَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ مَضَى قَبْلَ الْمَوْتِ فِرَاقٌ مَثَلًا اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْبَاقِي، وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ لَا مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَمِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ تَأْتِي بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسَ اهـ (قَوْلُهُ: ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) عِبَارَتُهُ: وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ لَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمَّا أَيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اعْتَبَرَ السَّبَبَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَا: إنْ قُلْنَا: الْعِدَّةُ ثَمَّ مِنْ اللَّفْظِ فَهُنَا كَذَلِكَ أَوْ مِنْ التَّعْيِينِ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ فَتَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْتِ انْتَهَتْ.

وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَمَّا إذَا جَعَلْنَا الْعِدَّةَ مِنْ التَّعْيِينِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَالْقِيَاسُ حُسْبَانُ الْأَقْرَاءِ هُنَا مِنْ الْمَوْتِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي حَالَةِ الْإِبْهَامِ: إنْ قُلْنَا: إنَّ الطَّلَاقَ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ فَالْحُكْمُ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنَةً، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ فَوَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا الِاعْتِدَادُ بِالْأَقْصَى لَكِنَّ الْأَقْرَبَ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي أَنَّ كُلًّا تَعْتَدُّ عَنْ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالتَّعْيِينِ وَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ كَأَنَّهُ لَمْ يُطْلِقْ اهـ.

وَالْأَصَحُّ أَنَّ الطَّلَاقَ وَلَوْ فِي حَالَةِ الْإِبْهَامِ يَكُونُ مِنْ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ التَّعْيِينِ الْوَاقِعِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ (فَرْعٌ)

لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ اعْتَدَّ كُلٌّ مِنْ زَوْجَاتِهِ بِالْأَكْثَرِ كَمَا هُنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ) أَيْ وَلَا مُسْتَوْلَدَتُهُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لَا تُنْكَحُ زَوْجَتُهُ حَتَّى يَثْبُتَ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ بِأَحَدِهِمَا حَلَّ لَهَا بَاطِنًا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَيْهِ ظَاهِرًا وَيُقَاسُ بِذَلِكَ فَقْدُ الزَّوْجَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنِكَاحِ نَحْوِ أُخْتِهَا أَوْ خَامِسَةٍ سِوَاهَا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ: وَمَنْ فُقِدَ وُقِفَ مَالُهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِمَوْتِهِ أَوْ يَحْكُمَ قَاضٍ بِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ لَا يَعِيشُ فَوْقَهَا ظَنًّا انْتَهَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَيِّتًا فِي النِّكَاحِ دُونَ قِسْمَةِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ دُونَ النِّكَاحِ فِي طَلَبِ الِاحْتِيَاطِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ أَوْلَى مِنْ الْمَالِ فِي الْمُرَاعَاةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَبَانَ مَيِّتًا) أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ بِشُبْهَةٍ اهـ شَرْحُ م ر وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا عَلَيْهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَاطِنًا فِي الثَّانِي وَلِنُشُوزِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِ الثَّانِي نَعَمْ إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَادَتْ لِمَنْزِلِ الْمَفْقُودِ وَعَلِمَ بِهَا وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: صَحَّ النِّكَاحُ إلَخْ) وَلَا يُشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُرْتَابَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا مَعَ أَنَّ الْحَاصِلَ فِي كُلِّ شَكٍّ فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لِسَبَبٍ ظَاهِرٍ فَأُبْطِلَ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا، وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ ح ل وَفِي سم قَوْلُهُ: وَلَوْ نُكِحَتْ وَبَانَ مَيِّتًا إلَخْ (أَقُولُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ فِي وُجُودِ الْحَمْلِ وَنُكِحَتْ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَوْرَدْت ذَلِكَ عَلَيْهِ فَفَرَّقَ بِأَنَّ النِّكَاحَ هُنَا وَقَعَ بَعْدَ تَرَبُّصِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمِقْدَارِ الْعِدَّةِ وَالْقَدِيمُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ فَرَاعَيْنَاهُ فَأَوْرَدْت عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا إذَا نُكِحَتْ بَعْدَ تَرَبُّصِ الْمَرْأَةِ الْمُدَّةَ بَلْ لَوْ لَمْ تَتَرَبَّصْ وَنُكِحَتْ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْعِدَّةِ فَقَطْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ النِّكَاحُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ لَا سِيَّمَا كَلَامُ الرَّوْضِ فَفُرِّقَ بِمَا لَمْ يَظْهَرْ، وَلَا يُفِيدُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إحْدَادٌ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ) أَيْ وَإِنْ شَارَكَهَا غَيْرُهَا كَأَنْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لِوَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً لِلشُّبْهَةِ فَقَطْ كَأَنْ أَحْبَلَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَاتَ هُوَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَالْحَمْلُ عَنْ الشُّبْهَةِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الْإِحْدَادُ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْوَضْعِ فَيَجِبُ فِيهَا الْإِحْدَادُ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>