للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] وَقِيسَ بِهِ الْفَسْخُ بِأَنْوَاعِهِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ فِي الْحَيَاةِ وَلِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ فِي الْوَفَاةِ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا، وَقَالَتْ: إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا حَيْثُ (تَجِبُ نَفَقَتُهَا) عَلَى الزَّوْجِ (لَوْ لَمْ تُفَارِقْ) فَلَا تَجِبُ سُكْنَى لِمَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ نَاشِزَةٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ وَصَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ وَأَمَةٍ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا كَمَا لَا تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا نَاشِزَةً، وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي فِي مُعْتَدَّةِ فَسْخٍ أَوْ وَفَاةٍ وَحَيْثُ لَا تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةٍ فَلِلزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ إسْكَانُهَا حِفْظًا لِمَائِهِ، وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَحَيْثُ لَا تَرِكَةَ

ــ

[حاشية الجمل]

تَرِثْ أَيْ لِإِقْرَارِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ الْإِبَانَةِ اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَفَاةٍ) أَيْ حَيْثُ وُجِدَتْ تَرِكَةٌ وَتُقَدَّمُ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي ع ش عَلَيْهِ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا خَلَّفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَلَمْ تُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ (قَوْلُهُ: {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: ٦] مِنْ تَبْعِيضِيَّةٌ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَسْكِنُوهُنَّ مَكَانًا هُوَ بَعْضُ مَسْكَنِكُمْ اهـ شَيْخُنَا وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ كَوْنِهَا ظَرْفِيَّةً (قَوْلُهُ: فُرَيْعَةَ) هِيَ أُخْتُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (قَوْلُهُ: فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ) أَيْ إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: فِي الْحُجْرَةِ) أَيْ حُجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: «اُمْكُثِي فِي بَيْتِك» ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي كُنْت فِيهِ، وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَتُهَا) أَيْ بِقَيْدِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاشِزٍ، وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) .

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طَلَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهَا لَا سُكْنَى لَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ عَادَ حَقُّ الْمَسْكَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَفِي مُدَّةِ النُّشُوزِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا مُسْتَحِقُّ الْمَسْكَنِ بِأُجْرَتِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَ الزَّوْجِ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ اهـ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ هُوَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَصُورَةُ، ذَلِكَ أَنْ تُعَدَّ بِسُكْنَاهَا غَاصِبَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا الزَّوْجُ سَاكِنَةً وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِخُرُوجٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ اخْتِيَارًا فَلَا أُجْرَةَ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلسُّكْنَى بِرِضَا الزَّوْجِ اُسْتُصْحِبَ ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْأَزْوَاجِ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْبَيْتِ بِسَبَبِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَاشِزٍ وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) كَأَنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِذَا عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ رَجَعَتْ السُّكْنَى، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ السُّكْنَى لَيْسَتْ خُصْلَةً وَاحِدَةً بَلْ أَجْزَاؤُهَا مُعْتَبَرَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُفَارِقِ بِإِطَاعَتِهَا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا نَشَزَتْ ثُمَّ عَادَتْ لَا بُدَّ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ أَنْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ بِإِطَاعَتِهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ) فَإِنْ رَجَعَتْ لِلطَّاعَةِ رَجَعَ حَقُّهَا فِي السُّكْنَى اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَصَغِيرَةٌ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ) وَيُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ وَكَذَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ اهـ زي، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَى الصَّبِيَّةِ إذَا وُطِئَتْ تَهَيُّؤُهَا لِلْوَطْءِ فَإِنْ لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُ فَلَا عِدَّةَ لَهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَاءِ لَا يُوجِبُهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّهَيُّؤِ هُنَا التَّهَيُّؤُ بِالْفِعْلِ وَهُنَاكَ بِاعْتِبَارِ السِّنِّ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِيمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجَتَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقِهِمَا الرَّجْعِيِّ لِلْقَطْعِ بِعَدَمِ تَهَيُّئِهِمَا لِلْوَطْءِ لِكَوْنِهِمَا دُونَ الْحَوْلَيْنِ فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِ الْمُحَشِّي مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَهَيُّؤِ الصَّغِيرَةِ لِلْوَطْءِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْتَبِرْ م ر كحج هَذَا الْقَيْدَ إلَّا فِي الصَّبِيِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَمَةٌ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُسَلَّمَةً لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فَلَوْ تَرَكَتْ خِدْمَةَ سَيِّدِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَكَثَتْ فِي مَحَلِّ عِدَّتِهَا وَجَبَ إسْكَانُهَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: حِفْظًا لِمَائِهِ) لَا يَشْمَلُ نَحْوَ الصَّغِيرَةِ.

(فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ إسْكَانُهَا، وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ كَمَا قَدَّمْته اهـ وَقَوْلُهُ كَمَا قَدَّمْته أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَعَلَيْهَا أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مُلَازَمَتُهُ أَيْ الْمَسْكَنِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عَلَى الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ مُلَازَمَةَ الْمَسْكَنِ وَلِلْوَاطِئِ إلْزَامُهَا السُّكْنَى وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً، وَانْظُرْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الزَّوْجِ إسْكَانُهَا وَلَمْ يَطْلُبْهُ مِنْهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا مُلَازَمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>