للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ بِالسُّكْنَى سُنَّ لِلسُّلْطَانِ إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَمُعْتَدَّةِ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَهِيَ حَائِلٌ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ كَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهَا قَبْلَهَا، وَالنَّفَقَةُ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَطَعَتْ، وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى فَإِنَّمَا تَجِبُ (فِي مَسْكَنٍ) لَائِقٍ بِهَا (كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ) كَانَ (مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ) كَصُوفٍ مُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا، وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَعَدَدٌ تَخَيَّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ

ــ

[حاشية الجمل]

مَسْكَنِهَا، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَجَرَى السُّبْكِيُّ عَلَيْهِ وُجُوبُهَا عَلَيْهَا فِي الْمَحَلِّ اللَّائِقِ بِهَا الَّذِي كَانَتْ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ مُوَافَقَتُهَا بِالْأُجْرَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ وَكَذَا عَلَى مَالِكِهِ، وَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ مِنْ أَنَّ مَنْ يُوجِبُ إسْكَانَهَا لَا يُوجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَسْكَنِ الَّذِي كَانَتْ بِهِ إسْكَانَهَا أَيْ لَا يُجْبَرُ مَالِكُهُ عَلَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا اهـ ح ل (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَبَرَّعْ الْوَارِثُ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِذَلِكَ لَزِمَتْهَا الْإِجَابَةُ، وَقَوْلُهُ: سُنَّ لِلسُّلْطَانِ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يُسْكِنْهَا حَيْثُ شَاءَتْ اهـ شَرْحُ م ر وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مُلَازَمَةُ مَا سَكَنَتْ فِيهِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَتَحَرَّى الْأَقْرَبَ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي فُورِقَتْ فِيهِ مَا أَمْكَنَ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَمُعْتَدَّةُ نَحْوِ طَلَاقٍ بَائِنٍ) بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَلَوْ حَامِلًا فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ اهـ سم (قَوْلُهُ: دُونَ النَّفَقَةِ) أَيْ فَلَا تَجِبُ لَهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا، وَلَوْ طَلُقَتْ رَجْعِيًّا قَبْلَ الْوَفَاةِ، وَمَاتَ زَوْجُهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ) هَذَا بَيَانٌ لِحِكْمَتِهَا فِي الْأَصْلِ وَإِلَّا فَهِيَ تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاءٌ يُصَانُ كَالصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَزَوْجَةِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ هَذَا أَصْلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَلَا يُنْتَقَضُ بِوُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ صَغِيرَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِهَذَا إبْدَاءُ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى كَمَا لَا تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَتَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ وَالثَّانِي لَا سُكْنَى لَهَا كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ السُّكْنَى لِصِيَانَةِ مَائِهِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ وَالنَّفَقَةِ لِسَلْطَنَتِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ انْقَطَعَتْ وَبِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقُّهَا فَسَقَطَتْ إلَى الْمِيرَاثِ، وَالسُّكْنَى حَقٌّ لَهُ - تَعَالَى -، فَلَمْ تَسْقُطْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْوَفَاةِ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْهَا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِالْمَوْتِ لَكِنْ حَكَى الْجُرْجَانِيُّ طَرْدَ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا، وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْكِتَابِ هُنَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لَهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي مَسْكَنٍ إلَخْ أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ إلَخْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: فِي مَسْكَنٍ لَائِقٍ بِهَا) أَيْ وَكَانَ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا) أَيْ الْبَدْوِيَّةُ بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِقَامَةُ، وَإِنْ لَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِلَّةُ، وَقَوْلُهُ: وَفِي الْبَاقِينَ أَيْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَوْ عَادَ وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعَوْدَ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَنْزِلُ بَدْوِيَّةٍ، وَبَيْتُهَا مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ كَصَرْفِ مَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ فِي لُزُومِ مُلَازَمَتِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ ارْتَحَلَ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ كُلُّ الْحَيِّ ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ لِلضَّرُورَةِ أَوْ ارْتَحَلَ بَعْضُهُمْ، وَكَانَ غَيْرَ أَهْلِهَا، وَفِي الْمُقِيمِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ امْتَنَعَ ارْتِحَالٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَحِلُ أَهْلَهَا وَفِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ وَمَنَعَةٌ خُيِّرَتْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالِارْتِحَالِ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ، وَهَذَا مِمَّا تُخَالِفُ فِيهِ الْبَدْوِيَّةُ الْحَضَرِيَّةَ فَإِنَّ أَهْلَهَا لَوْ ارْتَحَلُوا لَمْ تَرْتَحِلْ مَعَهُمْ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ: مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْبَائِنِ بِالطَّلَاقِ أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلِمُطَلِّقِهَا طَلَبُ إقَامَتِهَا إذَا كَانَ فِي الْمُقِيمِينَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرَّجْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ الرَّجْعِيَّةَ حَيْثُ شَاءَ.

وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَغَيْرِ هَا كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَلَهَا فِي حَالَةِ ارْتِحَالِهَا مَعَهُمْ الْإِقَامَةُ مُتَخَلِّفَةً دُونَهُمْ فِي نَحْوِ قَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ لِتَعْتَدَّ فَإِنَّهُ أَلْيَقُ بِحَالِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ سَيْرِهَا وَإِنْ هَرَبَ أَهْلُهَا خَوْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَأَمِنَتْ امْتَنَعَ عَلَيْهَا الْهَرَبُ لِعَوْدِهِمْ بَعْدَ أَمْنِهِمْ، وَلَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحُ سَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ، وَكَانَ مَسْكَنُهَا السَّفِينَةَ اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْ مُطَلِّقِهَا بِمَسْكَنٍ بِمَرَافِقِهِ فِيهَا لِاتِّسَاعِهَا مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبَيْتٍ مِنْ خَانٍ، وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ لَهَا يُمْكِنْ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِ السَّفِينَةِ أُخْرِجَ الزَّوْجُ مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا وَاسْتَحَقَّ الْمَحْرَمُ أُجْرَةَ تَسْيِيرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا مُتَّصِفًا بِذَلِكَ خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ خُرُوجُهَا تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ: وَعَدَدٌ) أَيْ كَثْرَةٌ فَهُوَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>