أَوْ مَسْبِيَّةٍ لِذَلِكَ وَلِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ الزَّوْجِ فَلَا يُكْتَفَى بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً بِالْوَضْعِ بِأَنْ مَلَكَهَا مُعْتَدَّةً عَنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ عَتَقَتْ حَامِلًا مِنْهَا وَهِيَ فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا لَمْ تَسْتَبْرِئْ بِالْوَضْعِ لِتَأَخُّرِ الِاسْتِبْرَاءِ عَنْهُ.
(وَلَوْ مَلَكَ) بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ (نَحْوَ مَجُوسِيَّةٍ) كَوَثَنِيَّةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ (أَوْ) نَحْوَ (مُزَوَّجَةٍ) مِنْ مُعْتَدَّةٍ عَنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ أَوْ مَعَ جَهْلِهِ وَأَجَازَ الْبَيْعَ (فَجَرَى صُورَةُ اسْتِبْرَاءٍ) كَأَنْ حَاضَتْ (فَزَالَ مَانِعُهُ) بِأَنْ أَسْلَمَتْ نَحْوُ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ طَلُقَتْ الْمُزَوَّجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الزَّوْجِ أَوْ الشُّبْهَةِ (لَمْ يَكْفِ) ذَلِكَ لِلِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ التَّمَتُّعِ الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً فَحَاضَتْ.
(وَحَرُمَ قَبْلَ) تَمَامِ (اسْتِبْرَاءٍ فِي مَسْبِيَّةٍ وَطْءٌ) دُونَ غَيْرِهِ كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَبَّلَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ
ــ
[حاشية الجمل]
أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً بِغَيْرِ الْوَضْعِ كَمَا إذَا طَلُقَتْ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زِنًا فَإِنَّهَا تَسْتَبْرِئُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَسْبِيَّةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَسْبِيَّةً وَحِينَئِذٍ لَا تَكْرَارَ فِيهِ إلَّا أَنَّ فِيهِ بُعْدًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْغَايَةَ رَاجِعَةٌ لِلْحَامِلِ الشَّامِلَةِ لِلْمَسْبِيَّةِ مُطْلَقًا أَيْ فَالْمَسْبِيَّةُ الْأُولَى غَيْرُ مُزَوَّجَةٍ وَالثَّانِي مُزَوَّجَةٌ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْبِيَّةَ الْأُولَى لِلتَّمْثِيلِ وَالثَّانِيَةَ لِلتَّعْمِيمِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْكِيدِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي إبْدَاءِ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الضَّعِيفُ الْقَائِلُ بِأَنَّ وَضْعَ حَمْلِ الزِّنَا لَا يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا لَا يَكْفِي فِي الْعِدَّةِ.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر (قُلْت) يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًا لَا تَحِيضُ مَعَهُ، وَإِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ مُضِيِّ مُحَصَّلِ اسْتِبْرَاءٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ جَمْعٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ وَلِلْبَرَاءَةِ، وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِهِ كَمَا لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِاخْتِصَاصِ الْعِدَّةِ بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكَرُّرِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِأَنَّهَا حَقُّ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَكْتَفِ بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهُ تَعَالَى أَمَّا ذَاتُ أَشْهُرٍ فَيَحْصُلُ بِشَهْرٍ مَعَ حَمْلِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ قِيَاسًا عَلَى مَا جَزَمُوا بِهِ فِي الْعَدَدِ انْتَهَتْ.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زِنًا أَيْ حَيْثُ لَا تَحِيضُ مَعَهُ، وَإِلَّا حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ أَوْ مُضِيِّ شَهْرٍ وَهِيَ لَا تَحِيضُ، وَإِلَّا اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَوْ طَرَأَ بَعْدَ الشِّرَاءِ انْتَهَتْ (فَإِنْ قُلْت) : الزَّوْجَةُ الْحَامِلُ الَّتِي لَا تَعْتَدُّ بِالْوَضْعِ لَا يَكُونُ حَمْلُهَا إلَّا مِنْ زِنًا، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ زِنًا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ (قُلْت) يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِالْحَمْلِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ مُسْتَحَبٌّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ هـ: وَلَوْ مِنْ زِنًا مُحْتَاجٌ إلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: صُورَةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ حَيْضَةٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ وَضْعُ حَمْلٍ، وَفِي وَضْعِ الْحَمْلِ يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحَامِلَ تَسْتَبْرِئُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ قَائِمًا حَيْثُ قَالَ: وَمُزَوَّجَةٌ، وَالْمُزَوَّجَةُ قَامَ بِهَا الْمَانِعُ، وَقَالَ هُنَا أَوْ نَحْوُ مُزَوَّجَةٍ اُنْظُرْ مَا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُزَوَّجَةَ الْمَذْكُورَةَ أَوَّلًا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ مِنْهُ، وَهُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمُزَوَّجَةِ مِنْ غَيْرِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: أَوْ طَلُقَتْ الْمُزَوَّجَةُ إلَخْ؛ إذْ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا مُزَوَّجَةٌ مِنْ غَيْرِهِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَزَالَ مَانِعُهُ) أَيْ مَانِعُ الْحِلِّ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ حِلَّ التَّمَتُّعِ) أَيْ لَا يُعْقِبُهُ حِلُّ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ اهـ ع ش عَلَى م ر، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَأْتِي فِي الْمُحْرِمَةِ إذَا اسْتَبْرَأَهَا مُحْرِمَةً ثُمَّ حَاضَتْ مَثَلًا مَعَ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ الْقَصْدُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ) ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَفَّالُ: كُلُّ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْ إلَّا اسْتِبْرَاءَ الْمَرْهُونَةِ قَبْلَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لِلرَّاهِنِ وَطْؤُهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ مَحَلُّ الِاسْتِمْتَاعِ، وَفَرَّقَ حَجّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمَةً، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ حَيْثُ لَا يُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَائِهَا قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا بِإِذْنِ الْعَبْدِ وَالْغُرَمَاءِ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ إلَخْ) وَهَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ الْأَقْرَبُ
(فَرْعٌ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَا لَمْ يُخَفْ الزِّنَا فَإِنْ خَافَهُ جَازَ لَهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ قَبْلَ اسْتِبْرَاءٍ فِي مَسْبِيَّةٍ وَطْءٌ) وَلَوْ وَطْئًا السَّيِّدُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ ثَانٍ فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَيْضِ بَقِيَ تَحْرِيمُهَا إلَى وَضْعِهَا أَوْ فِي أَثْنَائِهِ حَلَّتْ بِانْقِطَاعِهِ لِتَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا إنْ مَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَضَعَ كَمَا لَوْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ الْحَيْضِ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَبَّلَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ) أَيْ لَمَّا نَظَرَ عُنُقَهَا كَالْإِبْرِيقِ الْفِضَّةِ فَلَمْ يَتَمَالَكْ الصَّبْرَ عَنْ تَقْبِيلِهَا، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ كَإِبْرِيقِ الْفِضَّةِ أَيْ كَسَيْفٍ مِنْ فِضَّةٍ فَإِنَّ الْإِبْرِيقَ لُغَةً السَّيْفُ، وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قَصَدَ إغَاظَةَ الْمُشْرِكِينَ بِمَا فَعَلَهُ حَيْثُ يَبْلُغُهُمْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا مِنْ بَنَاتِ عُظَمَائِهِمْ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ) عِبَارَةُ الْخَطِيبِ مِنْ سَبَايَا جَلُولَاءَ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ جَلُولَاءَ كَانُوا مُعَاوِنِينَ لِهَوَازِنَ لِكَوْنِهِمْ كَانُوا مِنْ حُلَفَائِهِمْ، وَصَادَفَ أَنَّ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِمْ سُبِيَتْ، وَهَذَا لَا يُنَافِي فِي أَنَّ حَرْبَ جَلُولَاءَ كَانَ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمُدَّةٍ؛ لِأَنَّ ذَاكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحَرْبِ الْمَنْسُوبِ لَهُمْ لِكَوْنِهِمْ الْمُحَرِّكِينَ لَهُ وَالْمُتَعَاطِينَ لِأَسْبَابِهِ، وَهَذَا إنَّمَا كَانَ لِهَوَازِنَ وَإِنْ اتَّفَقَ مُوَافَقَةُ بَعْضٍ مِنْ جَلُولَاءَ لَهُمْ مُعَاوَنَةٌ فَلَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِمْ بَلْ لِهَوَازِنَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ