للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتِبْرَاءٍ تَزْوِيجُ مَوْطُوءَتِهِ) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ مَوْطُوءَةً مُسْتَوْلَدَةً كَانَتْ أَوْ لَا حَذَرًا مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءِ أَمَّا غَيْرُ مَوْطُوءَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مُطْلَقًا أَوْ مَوْطُوءَةَ غَيْرِهِ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا مِمَّنْ الْمَاءُ مِنْهُ وَكَذَا مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ (لَا تَزَوُّجُهَا) مُسْتَوْلَدَةً كَانَتْ أَوْ لَا إنْ أَعْتَقَهَا فَلَا يَحْرُمُ كَمَا لَا يَحْرُمُ تَزَوُّجُهُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ أَمَّا غَيْرُ مَوْطُوءَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ أَوْ مَوْطُوءَةَ غَيْرِهِ بِزِنًا وَاسْتَبْرَأَهَا مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا حَرُمَ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا، وَذِكْرُ حُكْمِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي هَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَهُوَ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءُ لِذَاتِ أَقْرَاءٍ (حَيْضَةٌ) لِمَا مَرَّ فِي الْخَبَرِ فَلَا يَكْفِي بَقِيَّتُهَا الْمَوْجُودَةُ حَالَةَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّهْرِ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَهُنَا تَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ، وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْعِدَّةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ فَإِنَّ الْأَقْرَاءَ فِيهَا مُتَكَرِّرَةٌ فَتُعْرَفُ بِتَخَلُّلِ الْحَيْضِ الْبَرَاءَةَ، وَلَا تُكَرَّرُ هُنَا فَيُعْتَمَدُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَيْهَا (وَلِذَاتِ أَشْهُرٍ) مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ أَوْ أَيِسَتْ (شَهْرٌ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْقُرْءِ حَيْضًا وَطُهْرًا غَالِبًا (وَلِحَامِلِ غَيْرِهِ مُعْتَدَّةٍ بِالْوَضْعِ) كَمَسْبِيَّةٍ وَمُزَوَّجَةٍ حَامِلَيْنِ (وَضْعُهُ) أَيْ الْحَمْلِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ (وَلَوْ مِنْ زِنًا)

ــ

[حاشية الجمل]

اسْتِبْرَاءٍ تَزْوِيجُ مَوْطُوءَتِهِ) أَيْ وَلَا يَنْعَقِدُ، وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُهَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الشِّرَاءِ مِلْكُ الْعَيْنِ وَالْوَطْءُ قَدْ يَقَعُ، وَقَدْ لَا بِخِلَافِ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ سِوَى الْوَطْءِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَزْوِيجُ مَوْطُوءَتِهِ) أَيْ أَوْ مَوْطُوءَةِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمَاءُ مُحْتَرَمًا، وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ) أَيْ اشْتِبَاهِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاخْتِلَاطِ، وَهُوَ الِامْتِزَاجُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّحِمَ لَا يَحْتَوِي عَلَى مَاءَيْنِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ أَوْ أَمَةً مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ أَمَةً اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَهُ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَيُذْكَرُ أَنَّ الرَّشِيدَ طَلَبَ حِيلَةً مُسْقِطَةً لِلِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: أَعْتِقْهَا ثُمَّ تَزَوَّجْهَا اهـ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِشَيْخِنَا وَالْوَجْهُ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ لِلْعِتْقِ الْمُتَشَوِّفِ إلَيْهِ الشَّارِعُ، وَلَيْسَ فِيهَا تَفْوِيتُ حَقِّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ حِيلَةِ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَانْدَفَعَ بَحْثُ الزَّرْكَشِيُّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا، وَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَفْتَى الرَّشِيدَ بِأَنَّ مَنْ أَرَادَ وَطْءَ أَمَةٍ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ فَادَّعَتْ أَنَّ أَبَاهُ وَطِئَهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَأَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى إنْسَانٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتٍ فَجَعَلَ عَلَى رَأْسِهِ خَيْمَةً ثُمَّ هُدِمَ، وَخَرَجَ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ قَالَ الْإِمَامُ: وَالْحُكْمُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ وَسَبَقَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلُ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يُنَازَعُ فِيهِ اهـ.

وَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّ نَصْبَ الْخَيْمَةِ وَالْخُرُوجَ سَبَبٌ لِلْبِرِّ فَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي أَنَّهَا تُسَمَّى بَيْتًا وَلَيْسَ هَذَا الْمُرَادَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْبَيْتَ زَالَ اسْمُهُ بِالْهَدْمِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ، وَنَصْبُ الْخَيْمَةِ إنَّمَا ذُكِرَ لِسُتْرَتِهَا وَوِقَايَتِهَا بِمَا يُنْصَبُ عِنْدَ الْهَدْمِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ وَطْؤُهُ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ دُونَ التَّزْوِيجِ وَوَطْءِ الزَّوْجِ فِيمَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ أَوْ وَطِئَ وَاسْتَبْرَأَ وَدُونَ عِتْقِهِ ثُمَّ تَزَوُّجِهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ فِي الْوَطْءِ؛ إذْ لَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِقْلَالًا فَتَوَقَّفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ قَوِيٌّ؛ إذْ لَا يُقْصَدُ إلَّا لَهُ فَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ؛ وَلِذَلِكَ جَازَ وَطْءُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا بِالنِّكَاحِ دُونَ مِلْكِ الْيَمِينِ اهـ سم (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ إلَخْ) فَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ صَاحِبِ الْمَاءِ الْمُحْتَرَمِ، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ حَرُمَ التَّزْوِيجُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَنْ انْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَيْهِ) أَيْ اسْتَبْرَأَهَا بَائِعٌ مَثَلًا انْتَقَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْبَائِعِ إلَى هَذَا الْمُشْتَرِي الَّذِي يُرِيدُ تَزَوُّجَهَا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ مَوْطُوءَتِهِ) هَذَا مُحْتَرَزُ التَّقْيِيدِ بِمَوْطُوءَتِهِ فِي ضِمْنِ الضَّمِيرِ؛ إذْ هُوَ عَائِدٌ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ اهـ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهَا الْوَاوُ لِلْحَالِ؛ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ حَيْضَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ فَأَقَلُّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا جَرَى سَبَبُهُ فِي الطُّهْرِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَيْضَةٌ) فَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَقَلِّ الْحَيْضِ كَفَى ذَلِكَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ انْقَطَعَ الِاسْتِبْرَاءُ، وَبَقِيَ التَّحْرِيمُ إلَى الْوَضْعِ اهـ ح ل وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَطْءُ السَّيِّدِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: تَسْتَعْقِبَ الْحَيْضَةَ) يَجُوزُ رَفْعُهُ وَنَصْبُهُ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ لَكِنَّ النَّصْبَ هُنَا أَظْهَرُ لِئَلَّا تَخْلُوَ الْجُمْلَةُ عَنْ عَائِدٍ فَيُحْتَاجَ لِتَقْدِيرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْعِدَّةِ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَهُوَ حَيْضَةٌ وَلَمْ يَقُلْ، وَهُوَ طُهْرٌ نَظِيرَ مَا قَالَهُ فِي الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْقَدِيمُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَفِي الْقَدِيمِ: وَحُكِيَ عَنْ الْإِمْلَاءِ أَيْضًا، وَهُوَ مِنْ الْجَدِيدِ أَنَّهُ الطُّهْرُ مِنَّا فِي الْعِدَّةِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْعِدَّةَ يَتَكَرَّرُ فِيهَا الْقُرْءُ كَمَا مَرَّ الدَّالُّ تَخَلَّلَ الْحَيْضُ مِنْهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ وَهُنَا لَا تَكَرُّرَ فَتَعَيَّنَ الْحَيْضُ الْكَامِلُ الدَّالُّ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: وَلِذَاتِ أَشْهُرٍ شَهْرٌ) أَيْ مَا لَمْ تَحِضْ فِيهِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهِ اسْتَبْرَأَتْ بِالْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُزَوَّجَةٌ) وَصُورَتُهُ فِي الْمُزَوَّجَةِ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةَ صَغِيرٍ لَا يُولَدُ لَهُ أَوْ مَسْمُوحٍ وَيُشْكِلُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ لِلصَّغِيرِ وَالْمَمْسُوحِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ لَيْسَ مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْهُ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ بَاعَهَا سَيِّدُهَا اعْتَدَّتْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَاسْتَبْرَأَتْ بَعْدَهُ، وَيُجَابُ بِطُرُوِّ الرِّقِّ لَهَا أَوْ طُرُوُّ الْمَسْحِ لَهُ اهـ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ مِثْلُهُ أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَيَشْتَرِيَهَا فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَدَّةٍ أَصْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>