قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غِدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً وَذِكْرُ تَقْدِيرِ الْقَاضِي اللَّحْمَ مِنْ زِيَادَتِي، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ.
(وَ) يَجِبُ لَهَا (كِسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] (تَكْفِيهَا) وَتَخْتَلِفُ كِفَايَتُهَا بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا وَهُزَالِهَا وَسِمَنِهَا وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (مِنْ قَمِيصٍ وَخِمَارٍ وَنَحْوِ سَرَاوِيلَ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ (وَ) نَحْوِ (مُكَعَّبٍ) مِمَّا يُدَاسُ فِيهِ
ــ
[حاشية الجمل]
وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فَيَكُونُ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَوْلُهُ: وَيُزَادُ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْضَحَ وَقَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَيْ يَنْبَغِي فَلَيْسَ هُنَاكَ مُشَبَّهٌ وَمُشَبَّهٌ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ، الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِكُلِّ يَوْمٍ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا إلَخْ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأُدْمَ لَا يَسْقُطُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْبِهُ إلَخْ) قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ: الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيِّنِ؛ إذْ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ: إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إدَامٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ وَجَبَ قَالَهُ فِي التَّفْقِيهِ، وَقَوْلُهُ الَّذِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَذَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَيُقَالُ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر وَنَصُّهَا وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمٍ يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً وَاعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَلَوْ تَضَجَّرَتْ بِجِنْسٍ مِنْ الْأُدْمِ الْوَاجِبِ لَهَا لَمْ يُبَدَّلْ لِرَشِيدَةٍ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ وَصَرْفُهُ لِلْقُوتِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ إبْدَالِ الْأَشْرَفِ بِالْأَخَسِّ، وَيَتَعَيَّنُ اعْتِمَادُهُ إنْ أَفْضَى إلَى نَقْصِ تَمَتُّعٍ بِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ بِالْأَوْلَى أَمَّا غَيْرُ رَشِيدَةٍ لَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِإِبْدَالِهِ فَيُبْدِلُهُ الزَّوْجُ لَهَا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ
وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا وُجُوبُ سِرَاجٍ لَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَلَهَا إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ أَصْلًا كَمَنْ تَنَامُ صَيْفًا بِنَحْوِ سَطْحٍ، وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالسِّرَاجِ جَمِيعَ اللَّيْلِ لَا يَجِبُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ عَدَمِ وُجُوبِهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ؛ إذْ هِيَ إطْفَاؤُهُ قَبْلَ النَّوْمِ لِلْأَمْرِ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ وُجُوبُهُ عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَوُجُوبِ الْحَمَّامِ لِمَنْ اعْتَادَتْهُ مَعَ كَرَاهَةِ دُخُولِهِ لِلنِّسَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَلَهَا إبْدَالُهُ أَيْ السِّرَاجِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِهِ أَيْ بِأَنْ تَصْرِفَهُ لِغَيْرِ السِّرَاجِ اهـ حَجّ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ تَرْكُ السِّرَاجِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالسِّرَاجِ، وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ فَإِنْ أَرَادَهُ لِنَفْسِهِ هَيَّأَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَدَاءً) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُؤْكَلُ قَبْلَ الزَّوَالِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {آتِنَا غَدَاءَنَا} [الكهف: ٦٢] وَبِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْعَشَاءِ اهـ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ تَكْفِيهَا) وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ عَادَةِ أَهْلِ بَلَدٍ تَقْصِيرَ ثِيَابَهُنَّ كَثِيَابِ الرِّجَالِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَهَا ذِرَاعًا أَيْ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ نِصْفِ سَاقَيْهَا أُجِيبَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ سِتْرِهَا الَّذِي حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ عَلَيْهِ دُونَهَا نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ نَحْوِ الطَّحْنِ، وَإِنْ خَاطَتْ بِنَفْسِهَا اهـ شَرْحُ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ وَالْفِرَاشِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْمِنْدِيلُ الْمُعْتَادُ لِلْفِرَاشِ وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَهُ حَصَّلَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَحْصِيلُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْكَافِ) ، وَهُوَ الْأَفْصَحُ اهـ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: تَكْفِيهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي كِفَايَتِهَا بِأَوَّلِ فَجْرِ الْفَصْلِ فَلَوْ كَانَتْ هَزِيلَةً عِنْدَهُ وَجَبَ مَا يَكْفِيهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ سَمِنَتْ فِي بَاقِيهِ اهـ م ر.
(فَرْعٌ) لَوْ اعْتَادُوا الْعُرْيَ وَجَبَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ تَجِبُ بَقِيَّةُ الْكِسْوَةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْأَرِقَّاءِ إذَا اعْتَادُوا الْعُرْيَ أَوْ يَجِبُ سِتْرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ الْبَقِيَّةِ هُنَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَمْلِيكٌ وَمُعَاوَضَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَلْبَسْهَا وَلَمْ تَحْتَجْ إلَيْهَا، وَكِسْوَةُ الرَّقِيقِ إمْتَاعٌ اهـ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَسِمَنِهَا) عِبَارَةُ حَجّ وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ بَرْدًا وَحَرًّا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا ثَوْبًا لِلنَّوْمِ وَجَبَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ السَّرَاوِيلِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مُكَعَّبٍ) كَقَبْقَابٍ وَخُفٍّ وَزَرْمُوزَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْتَادُ لُبْسَ شَيْءٍ فِي رِجْلِهَا كَنِسَاءِ الْقُرَى لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ اهـ ح ل (قَوْلُهُ: مُكَعَّبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَفَتْح ثَالِثِهِ مُثَقَّلًا وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا هُوَ الْمَدَاسُ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْمِكْعَبُ وِزَانُ مِقْوَدٍ الْمَدَاسُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ غَيْرُ عَرَبِيٍّ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute