وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى، فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَالْأَوْقَافِ وَمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ تَجِبْ الْعِمَارَةُ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرَهُ وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ كَذَا عَلَّلَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَشُقُّ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الجمل]
بِهِ فَإِنْ أَبَاهُ، وَلَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَحَقَّ بِلَبَنِ أُمِّهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلُبَ مَا يَضُرُّهَا لِقِلَّةِ الْعَلَفِ، وَيَحْرُمُ تَرْكُ الْحَلْبِ إنْ ضَرَّهَا، وَإِلَّا كُرِهَ لِلْإِضَاعَةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ بَلْ يَتْرُكَ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا، وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا فَإِنْ تَفَاحَشَ طُولُهَا وَكَانَ يُؤْذِيهَا حَرُمَ عَلَيْهِ حَلْبُهَا مَا لَمْ يَقُصَّ مَا يُؤْذِيهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ
وَكَذَا حَلْقُهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَرْمَلَةٍ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَارِّ وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ النَّحْلِ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ قَدْرَ حَاجَتِهَا إنْ لَمْ يَكْفِهَا غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي الشِّتَاءِ وَتَعَذَّرَ خُرُوجُهَا كَانَ الْمُبْقَى أَكْثَرَ فَإِنْ قَامَ شَيْءٌ مَقَامَ الْعَسَلِ فِي غِذَائِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعَسَلُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكُوَّارَةِ فَتَأْكُلُ مِنْهَا وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ دُودِ الْقَزِّ إمَّا تَحْصِيلُ وَرَقِ التُّوتِ، وَلَوْ بِشِرَائِهِ، وَإِمَّا تَخْلِيَتُهُ لِأَكْلِهِ إنْ وُجِدَ لِئَلَّا يَهْلِكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيَجُوزُ تَشْمِيسُهُ عِنْدَ حُصُولِ نَوْلِهِ، وَإِنْ هَلَكَ بِهِ كَمَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَهَذَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ عَقَارِهِ، وَحِفْظُ شَجَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْمُطْلَقِ أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِهِ عِمَارَتُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مُسْتَحَقِّيهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا إمَّا مِنْ رِيعِهِ أَوْ مِنْ جِهَةٍ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ، وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَأَمَّا لَوْ آجَرَ عَقَارَهُ ثُمَّ اخْتَلَّ فَعَلَيْهِ عِمَارَتُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ انْتَهَتْ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ تَجِبْ الْعِمَارَةُ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَخْ) وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَرُبَّمَا قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ مَقْصِدًا صَالِحًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ طَالَتْ وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَأَنَّ فِيهِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ لِلْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ عَلَى النَّاسِ وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ خَدَمِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ وَأَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبَ لَهُ» وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَالتَّأْدِيبِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ، وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ إلَخْ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى الْخَرَابِ) فِي الْمُخْتَارِ خَرِبَ الْمَوْضِعُ بِالْكَسْرِ يَخْرَبُ بِالْفَتْحِ خَرَابًا فَهُوَ خَرِبٌ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ صُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ وَالْوَقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ إلَخْ) هَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ اغْتَرَفَ مِنْ الْبَحْرِ بِإِنَاءٍ ثُمَّ أَلْقَى مَا اغْتَرَفَهُ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ مِلْكُهُ تَنَازَعَ فِيهِ الْفُضَلَاءُ، وَيُتَّجَهُ وِفَاقًا لِشَيْخِنَا طب عَدَمُ التَّحْرِيمِ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا يُغْتَرَفُ مِنْ نَحْوِ الْبَحْرِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ حَقِيرًا، وَمِنْ جِنْسِ الْحَقِيرِ غَالِبًا، وَمِمَّا وُضِعَ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالِاشْتِرَاكِ، وَمِمَّا لَا يَحْصُلُ بِإِلْقَائِهِ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إلْقَاءُ الْحَطَبِ مِنْ الْمُحْتَطِبِ، وَكَذَا الْحَشِيشُ أَقُولُ: وَيُتَّجَهُ جَوَازُ إلْقَاءِ مَا اغْتَرَفَهُ مِنْ الْبَحْرِ عَلَى التُّرَابِ أَيْضًا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقَدْ تَمَّ الْجُزْءُ الرَّابِعُ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ جَمْعُ الْفَقِيرِ إلَى اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - سُلَيْمَانُ الْعُجَيْلِيُّ عَامَلَهُ اللَّهُ بِلُطْفِهِ وَأَعَانَهُ عَلَى إكْمَالِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَيَتْلُوهُ بِعَوْنِ اللَّهِ الْكَلَامُ عَلَى رُبْعِ الْجِنَايَاتِ نَسْأَلُ اللَّهَ - تَعَالَى - أَنْ يُعِينَ عَلَيْهِ آمِينَ، وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَحْرِيرِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ الْمُبَارَكِ لِخَمْسَةٍ بَقَيْنَ مِنْ شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ شُهُورِ عَامِ سَنَةِ ١١٨٤ أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute