أَوْ بِتَخْلِيَتِهَا لِلرَّعْيِ وَوُرُودِ الْمَاءِ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ كَالْفَوَاسِقِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَفُ دَوَابِّهِ وَسَقْيُهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُحْتَرَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (وَلَهُ مَالٌ) آخَرُ (أُجْبِرَ عَلَى كِفَايَةٍ أَوْ إزَالَةِ مِلْكٍ) هِيَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: بَيْعٍ (أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ) مِنْهَا صَوْنًا لَهَا عَنْ التَّلَفِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ) مِنْهُ وَيَقْتَضِيهِ الْحَالُ، وَهَذَا مَعَ قَوْلِي: وَلَهُ مَالٌ مِنْ زِيَادَتِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ أُجْبِرَ عَلَى أَحَدِ الْأَخِيرَيْنِ أَوْ الْإِيجَارِ فَإِنْ امْتَنَعَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكِفَايَتُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَلَا يَحْلُبُ) مِنْ لَبَنِهَا (مَا يَضُرُّ) هَا أَوْ وَلَدَهَا وَإِنَّمَا يَحْلُبُ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ، وَقَوْلِي يَضُرُّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ يَضُرُّ وَلَدَهَا (وَمَا لَا رُوحَ لَهُ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهُ) لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الرُّوحِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ
ــ
[حاشية الجمل]
الْغَصْبِ إنْ تَعَيَّنَا، وَلَمْ يُبَاعَا كَمَا يَجُوزُ سَقْيُهَا الْمَاءَ، وَالْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ بَلْ يَجِبُ مِنْهُمَا حَيْثُ لَمْ يَخَفْ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَعَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ اقْتِنَاؤُهُ أَنْ يُطْعِمَهُ أَوْ يُرْسِلَهُ لِيَأْكُلَ لَا كَسَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ يَدْفَعَهُ لِمَنْ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ
وَلَا يَحِلُّ لَهُ حَبْسُهُ لِيَهْلِكَ جُوعًا، وَلَا يَجُوزُ حَبْسُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ لِيَهْلِكَ جُوعًا بَلْ يَحْسُنُ قَتْلُهُ بِحَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ: وَتُعْتَبَرُ رَغْبَتُهُ وَزَهَادَتُهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مَعَهُ مِنْ التَّرَدُّدِ عَلَى الْعَادَةِ وَيَدْفَعُ أَلَمَ الْجُوعِ لِإِتْمَامِ الشِّبَعِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ، وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَمِثْلُهُ فِي حَجّ ثَمَّ وَأَحَالَ حَجّ مَا هُنَا وَنَفَقَةَ الرَّقِيقِ بَعْدَ التَّعْبِيرِ فِيهِمَا بِأَوَّلِ الشِّبَعِ عَلَى مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِأَوَّلِ الشِّبَعِ هُنَا الشِّبَعَ عُرْفًا لَا الْمُبَالَغَةَ فِيهِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ كِفَايَةُ دَوَابِّهِ إلَخْ) وَلَا يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِثْلُ الضَّرْبِ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِتَخْلِيَتِهَا لِلرَّعْيِ) أَيْ إنْ اكْتَفَتْ بِهِ فَإِنْ لَمْ تَكْتَفِ بِهِ لِجَدْبِ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ أَضَافَ إلَيْهِ مِنْ الْعَلَفِ مَا يَكْفِيهَا اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ وَلَوْ خَلَّاهَا لِلرَّعْيِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا تَذْهَبُ وَلَا تَعُودُ إلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مِنْ بَابِ تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ هَذَا لِلضَّرُورَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ مَلَكَ حَيَوَانًا بِاصْطِيَادٍ، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا يَتَضَرَّرُونَ بِفَقْدِهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ تَخْلِيَتِهِ لِيَذْهَبَ لِأَوْلَادِهِ، وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّسْيِيبِ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ لَهُ نَعَمْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ خَلَّاهَا لِلرَّعْيِ، وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَعُودُ بِنَفْسِهَا لَكِنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّبِعَهَا فِي الْمَرَاعِي، وَيَرْجِعَ بِهَا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ دُونَ مَا إذَا كَانَتْ مَشَقَّةٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ اهـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ) لَكِنْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَبْسُهَا مَعَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ لِلتَّعْذِيبِ اهـ سم (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ دَوَابِّهِ الْمُحْتَرَمَةِ وَانْظُرْ حِينَئِذٍ مَا مُفَادُ هَذِهِ لَا يُقَالُ: مُفَادُهَا الِاخْتِصَاصُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْفَوَاسِقُ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهَا يَدٌ لِأَحَدٍ بِمِلْكٍ، وَلَا بِاخْتِصَاصٍ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: الْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ إزَالَةِ مِلْكٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ) وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ، وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا، وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَيَذْبَحُ الْمَأْكُولَ أَوْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا، وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ اهـ وَالرَّاجِحُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ فِي الْحَالَيْنِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ بِأَنْ يَذْبَحَ لَهُ الْمَأْكُولَ اهـ ع ش عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدْتُ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ مَا نَصُّهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَأْكُولَ يُذْبَحُ لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّيَمُّمِ بِأَنْ يَذْبَحَ شَاتَهُ لِكَلْبِهِ الْمُحْتَرَمِ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ، وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ شَيْئًا مِنْهُمَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا وَتَقَدَّمَ لحج فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ أَنَّ الْحَاكِمَ يُرَاعِي مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ بَيْعِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَكِفَايَتُهَا إلَخْ) وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ اهـ شَرْحُ م ر أَيْ مِنْ كَوْنِهِ قَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلُبُ مَا يَضُرُّ) فِي الْمِصْبَاحِ حَلَبْتُ النَّاقَةَ وَغَيْرَهَا حَلْبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ، وَالْحَلَبُ بِفَتْحَتَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْضًا، وَعَلَى اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ، فَيُقَالُ: لَبَنٌ حَلَبٌ وَحَلِيبٌ وَمَحْلُوبٌ وَنَاقَةٌ حَلُوبٌ وَزَانُ رَسُولٍ أَيْ ذَاتُ لَبَنٍ يُحْلَبُ فَإِنْ جَعَلْتَهَا اسْمًا أَتَيْتَ بِالْهَاءِ وَقُلْتَ هَذِهِ حَلُوبَةُ فُلَانٍ مِثْلُ الرَّكُوبَةِ وَالرَّكُوبِ، وَالْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَوْضِعُ الْحَلْبِ، وَالْمِحْلَبُ بِكَسْرِهَا الْوِعَاءُ يُحْلَبُ فِيهِ، وَهُوَ الْحِلَابُ أَيْضًا مِثْلُ كِتَابٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلُبُ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غِذَاءُ الْوَلَدِ كَمَا فِي وَلَدِ الْأَمَةِ بَلْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ كَانَ لَبَنُهَا دُونَ غِذَاءِ وَلَدِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ غِذَائِهِ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَحْلُبُ الْفَاضِلَ عَنْ رِيِّهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مَا يُقِيمُهُ حَتَّى لَا يَمُوتَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا التَّوَقُّفُ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَصْحَابِ بَلْ يَتْرُكُ لَهُ مَا يُنْمِيهِ نُمُوَّ أَمْثَالِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِإِلْحَاقَةِ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا عَدَلَ بِهِ إلَى غَيْرِ لَبَنِ أُمِّهِ وَاسْتَمْرَأَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ سَقْيُهُ مَا يَحْيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute