فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ فَمَاتَ.
(وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرَابُ (وَطَلَبًا) لَهُ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَمْنُوعِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَنِ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ
(فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ) مَنْعَهُ (ذَلِكَ) أَيْ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ سَبَقَهُ وَعَلِمَهُ) الْمَانِعُ (فَعَمْدٌ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (فَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِهِ) أَيْ شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ
ــ
[حاشية الجمل]
غَالِبًا كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا أَوْ غَيْرَ غَالِبٍ مَا لَوْ ضَرَبَهُ بِقَلَمٍ إلَخْ اهـ ح ل.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبِ إلَخْ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا هُنَاكَ، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هَذَا سَبَبًا خَفِيًّا جَعَلَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ السَّبَبِ وَالْآلَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا) أَيْ أَوَمَا يَتَدَثَّرُ بِهِ فِي الْبَرْدِ أَوْ رَبْطِ عِصَابَةِ الْفَصْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَنَاوُلُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَطَلَبًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ طَلَبَهُ وَحَصَّلَهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَنَاوُلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَنَعَهُ تَنَاوُلَ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ حَاضِرٍ عِنْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَقَدْ يُقَالُ مَنْعُهُ مِنْ الطَّلَبِ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْهَلَاكِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مَا يَدْفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ مَنَعَهُ شَدَّ مَحَلِّ الْعَصَبِ أَوْ دَخَنَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ حَبَسَهُ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَوْ أَحَدَهُمَا وَالطَّلَبَ لِذَلِكَ أَوْ عَرَّاهُ حَتَّى مَاتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ وَالزَّمَنِ قُوَّةً وَحَرًّا وَضِدَّهُمَا فَعَمْدٌ إحَالَةً لِلْهَلَاكِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الظَّاهِرِ، وَخَرَجَ بِحَبْسِهِ مَا لَوْ أَخَذَ بِمَفَازَةٍ قُوتَهُ أَوْ لُبْسَهُ أَوْ مَاءَهُ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ بِهِ وَبِمَنْعِهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَنَاوُلِ مَا عِنْدَهُ وَعَلِمَ بِهِ خَوْفًا أَوْ حُزْنًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ خَوْفَ عَطَشٍ أَوْ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ أَيْ وَقَدْ جَوَّزَ إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا قَوَدَ بَلْ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ فِي الْبَقِيَّةِ. قَالَ الْفُورَانِيُّ وَكَذَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِلَا مُخَاطَرَةٍ فَتَرَكَهُ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَيْتًا هُوَ جَالِسٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ مِنْهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبْسِ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ هَذَا فِي مَفَازَةٍ يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ لِطُولِهَا أَوْ لِزَمَانَتِهِ وَلَا طَارِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجِهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالْمَحْبُوسِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ انْتَهَتْ. (فَرْعٌ)
وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مَنَعَهُ الْبَوْلَ فَمَاتَ هَلْ يَكُونُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ أَوْ لَا كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا أَقُولُ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ كَأَنْ يَقُولَ إنْ رَبَطَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْبَوْلُ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهُ بَلْ مَنَعَهُ بِالتَّهْدِيدِ مَثَلًا كَأَنْ رَاقَبَهُ وَقَالَ إنْ بُلْت قَتَلْتُك فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعَمْدِ أَيْضًا مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ الْعَوَّامِ جِرَابَهُ مَثَلًا مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْعَوْمِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِأَنْ يَعْرِفَ الْعَوَّامُ الْعَوْمَ أَمْ لَا. (فَرْعٌ)
لَوْ قَطَعَ عَلَى أَهْلِ قَلْعَةٍ مَاءً جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَمَاتُوا عَطَشًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُمْ بِسَبِيلٍ مِنْ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ الْمَانِعِ لِلْمَاءِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرَابُ) أَيْ لِإِيهَامِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا) وَحَدَّ الْأَطِبَّاءُ الْجُوعَ الْمُهْلِكَ غَالِبًا بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةً وَاعْتِرَاضُ الرُّويَانِيِّ لَهُمْ بِمُوَاصَلَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَمْرٌ نَادِرٌ وَمِنْ حَيِّزِ الْكَرَامَةِ عَلَى أَنَّ التَّدْرِيجَ فِي التَّقْلِيلِ يُؤَدِّي لِصَبْرِ نَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرًا وَيَتَّجِهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ التَّقْلِيلَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ) أَيْ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ وَلَكِنْ مَضَى مُدَّةٌ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا اهـ س ل.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا فَإِيهَامُ عُمُومٍ وَإِلَّا هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَقَ وَعَلِمَهُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ إذَا انْضَمَّ إلَى مُدَّةِ الْحَبْسِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مُؤَثِّرًا فِي الْهَلَاكِ غَالِبًا كَمَا يُفْهِمُهُ الْمَقَامُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا حَقِيقَةٍ لَا مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ حَجّ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَعَمْدٌ لِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ ظُهُورُ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ فَإِنْ عَفَا وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِنْ كَانَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ لِشُمُولِ حَدِّهِ السَّابِقِ لَهُ إذْ الْفَرْضُ