للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ.

(وَيَجِبُ قَوَدٌ) أَيْ قِصَاصٌ (بِسَبَبٍ) كَالْمُبَاشَرَةِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِي بِحَبْلٍ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ

ــ

[حاشية الجمل]

أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُدَّتَيْنِ بَلَغَ الْمُدَّةَ الْقَاتِلَةَ، وَأَنَّهُ مَاتَ بِذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ بَعِيدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ عَمْدًا أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ ح ل إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا أَيْ كَوْنُ الْقَتْلِ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ مُحْتَمِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ خَطَأً لَكِنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَاجِبِ نِصْفَ دِيَةٍ أَوَّلًا فَبَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَاد الْعَمْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ السَّبَبُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَغَرْزِ إبْرَةٍ أَوْ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ كَأَنْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ أَوْ ضَيْفِهِ بِمَسْمُومٍ، وَإِلَّا فَهَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَتْلَ بِالسَّبَبِ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمْدِ وَأَنَّ الْعَمْدَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهَذَا مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْقَوَدِ بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ أَيْ أَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَجِبُ بِهِ بَلْ تَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَدِّ مَعَ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْقَوَدَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ إمَّا مَعَ وُجُوبِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ أَوْ بِدُونِ وُجُوبِهِ بِهَا كَمَا فِي شَهَادَةِ الزُّورِ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَهُ مَدْخَلٌ فِي الزَّهُوقِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ مُبَاشَرَةٌ وَسَبَبٌ وَشَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَثَّرَ فِي الزَّهُوقِ وَحَصَلَ بِدُونِ وَاسِطَةٍ فَالْمُبَاشَرَةُ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي حُصُولِهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الزَّهُوقِ فَالسَّبَبُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الزَّهُوقِ وَلَا فِي الْحُصُولِ فَالشَّرْطُ فَالْأَوَّلُ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ وَالْقَدِّ وَالْجِرَاحَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ، وَالثَّانِي كَالْإِكْرَاهِ، وَالثَّالِثُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ إنْ اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَقَدْ يُغَلَّبُ الثَّانِي كَالْقَدِّ مَعَ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ، وَقَدْ يُغَلَّبُ الْأَوَّلُ كَالشَّهَادَةِ وَقَدْ يَعْتَدِلَانِ كَالْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ

وَالسَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْمُبَاشَرَةُ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَحَصَّلَهُ، وَالسَّبَبُ مَا أَثَّرَ فِيهِ فَقَطْ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ وَمِنْهُ مَنْعُ الطَّعَامِ السَّابِقِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي فَإِنَّ الْمُفَوَّتَ هُوَ التَّخَطِّي جِهَتَهُ وَالْمُحَصِّلَ هُوَ التَّرَدِّي فِيهَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْحَفْرِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ مُطْلَقًا، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يُغَلَّبُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَعَكْسِهِ، وَأَنَّهُمَا قَدْ يَعْتَدِلَانِ ثُمَّ السَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ فَلَوْ شَهِدَا عَلَى آخَرَ بِقِصَاصٍ أَيْ مُوجِبِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا وَمِثْلُهُمَا الْمُزَكِّيَانِ وَالْقَاضِي، وَقَالَا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ فِيهَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا أَوْ قَالَ كُلٌّ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ أَوْ زَادَ وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ لِتَسَبُّبِهِمَا إلَى إهْلَاكِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَمُوجِبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَالتَّعَمُّدِ مَعَ الْعِلْمِ لَا الْكَذِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَيَقَّنَّا كَذِبَهُمَا بِأَنْ شَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا قِصَاصَ لِجَوَازِ عَدَمِ تَعَمُّدِهِمَا

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت أَنَا وَصَاحِبِي وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي قُتِلَ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُقِرُّ بِمُوجِبِ الْقَوَدِ وَحْدَهُ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا قُبِلَا إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِقُرْبِ عَهْدِهِمَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِمَا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ قَبُولَ شَهَادَتِنَا لِوُجُودِ أَمْرٍ فِينَا يَقْتَضِي رَدَّهَا، وَالْحَاكِمُ قَصَّرَ فِي اخْتِيَارِنَا فَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِمَا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُمَا الْعَاقِلَةُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِكَذِبِهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا بَلْ هُوَ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِانْقِطَاعِ تَسَبُّبِهِمَا وَإِلْجَائِهِمَا بِعِلْمِهِ فَصَارَا شَرْطًا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَاعْتِرَافُهُ بِعِلْمِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا أَثَرَ لَهُ فَيُقْتَلَانِ، وَاعْتِرَافُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا حِينَ الْحُكْمِ أَوْ الْقَتْلِ مُوجِبٌ لِقَتْلِهِ أَيْضًا رَجَعَا أَمْ لَا، وَمَحِلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ وَارِثُ الْقَاتِلِ بِأَنَّ قَتْلَهُ حَقٌّ وَلَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَخَرَجَ بِالشَّاهِدِ الرَّاوِي كَمَا لَوْ أَشْكَلَتْ قَضِيَّةٌ عَلَى حَاكِمٍ فَرُوِيَ لَهُ فِيهَا خَبَرٌ فَقَتَلَ بِهِ الْحَاكِمُ آخَرَ، ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ، وَقِيَاسُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا لَوْ اسْتَفْتَى الْقَاضِي شَخْصًا فَأَفْتَاهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ رَجَعَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَالْمُبَاشَرَةِ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>