(فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا
ــ
[حاشية الجمل]
قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) أَيْ وَلَوْ إمَامًا أَوْ مُتَغَلِّبًا وَمِنْهُ إمَامٌ خِيفَ مِنْ سَطْوَتِهِ لِاعْتِيَادِهِ فِعْلَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ لَوْ خُولِفَ فَأَمْرُهُ كَالْإِكْرَاهِ اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ كَتَبَ كِتَابًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَالْكَاتِبُ ذُو سَطْوَةٍ لَا يَتَخَلَّصُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِامْتِثَالِهِ فَكَاللَّفْظِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَكَذَا قَوْلُهُ وَعَلَى مُكْرَهٍ بِفَتْحِهَا أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ فِي الْأَظْهَرِ لِإِيثَارِهِ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ، وَإِنْ كَانَ كَالْآلَةِ فَهُوَ كَمُضْطَرٍّ قَتَلَ غَيْرَهُ لِيَأْكُلَهُ وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِهِ وَقِيلَ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ بَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ انْتَهَتْ وَلَا خِلَافَ فِي إثْمِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَتُبَاحُ بِهِ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي أَيْ غَيْرُ الزِّنَا وَالْقَتْلِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يُبَاحَانِ بِهِ أَيْ الْإِكْرَاهِ كَمَا قَرَّرَ.
وَفِي سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ وَالْكَلَامُ فِي الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ لِغَيْرِهِ كَقَتْلِ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ وَنِسَائِهِمْ فَيُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ)
لَا يُبِيحُ الْإِكْرَاهُ الْقَتْلَ الْمُحَرَّمَ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ كَنِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، وَكَذَا لَا يُبَاحُ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَيُبَاحُ بِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَالْخُرُوجُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَيُبَاحُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ كُفْرٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ أَوْجُهٌ الْأَوَّلُ الْأَفْضَلُ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَنْطِقَ بِهَا، وَالثَّانِي الْأَفْضَلُ مُقَابِلُهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ الثُّبُوتُ، وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْقِيَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْطِقَ بِهَا لِمَصْلَحَةِ بَقَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الثَّبَاتُ وَيُبَاحُ بِهِ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ، وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ بَلْ يَجِبُ وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَجَزَمَ بِالْوُجُوبِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا) الْإِشَارَةُ لِآدَمِيٍّ عَلِمَهُ الْآمِرُ فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ آدَمِيًّا وَعَلِمَهُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ اُخْتُصَّ الْقَوَدُ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ، فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ اهـ ح ل.
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَخْصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ صَيْدًا فَرَمَاهُ فَمَاتَ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ مَعَهُ كَالْآلَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ارْتِكَابُ حُرْمَةٍ وَلَا قَصْدُ فِعْلٍ مُمْتَنِعٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَالْآلَةِ، وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ الصَّيْدَ مَثَلًا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُهُ وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ أَيْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا أَيْ فَلَيْسَ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ شَرِيكًا لِلْمُكْرِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ قَتْلُهُ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا يُقْتَلُ، وَقَوْلُهُ فَجُعِلَ أَيْ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَهُ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا كَالْآلَةِ أَيْ فَكَانَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ هُوَ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ، وَالْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ آلَةٌ لَا شَرِيكٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ نَحْوَ مُخْطِئٍ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمُكْرِهَ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُكْرَهُ مُبَاشِرٌ وَلَا إلَى أَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْآلَةِ إذْ الْإِكْرَاهُ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ فَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقْصِدُ بِهِ الْإِهْلَاكَ غَالِبًا، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ هُنَا إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ قَتْلٍ لَهُ لَا لِنَحْوِ وَلَدِهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَيْ بِحَيْثُ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ غَالِبًا.
وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ إنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخْشَى مِنْهُ الْهَلَاكُ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَالْقَطْعِ وَالْجُرْحِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ فِيهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ