للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ لَا شَيْءَ فِيهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ نَعَمْ عَلَيْهِ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ كَفَّارَةٌ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ رَمَاهُ) أَيْ الْعَبْدَ أَوْ الْحَرْبِيَّ أَوْ الْمُرْتَدَّ بِسَهْمٍ (فَعَتَقَ وَعُصِمَ) قَبْلَ إصَابَةِ السَّهْمِ ثُمَّ مَاتَ بِهَا (فَدِيَةُ خَطَأٍ) تَجِبُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةَ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ وَالرَّمْيَ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ بِذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ وَمَاتَ) سِرَايَةً (فَنَفْسُهُ هَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ حِينَئِذٍ مُبَاشَرَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَالسِّرَايَةُ أَوْلَى (وَلِوَارِثِهِ) لَوْلَا الرِّدَّةُ وَلَوْ مُعْتَقًا (قَوَدُ الْجُرْحِ إنْ أَوْجَبَهُ) أَيْ الْجُرْحُ الْقَوَدَ كَمُوضِحَةٍ وَقَطْعِ يَدٍ عَمْدًا ظُلْمًا اعْتِبَارًا بِحَالِ الْجِنَايَةِ وَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْرِ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوَدُ لِلْوَارِثِ لَا لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّشَفِّي وَهُوَ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقَوَدَ (فَا) الْوَاجِبُ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٍ) لِلنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ قَطْعَ يَدٍ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَجَبَتْ دِيَةٌ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ (فَيْئًا) لَا يَأْخُذُ الْوَارِثُ مِنْهُ شَيْئًا وَتَعْبِيرِي بِوَارِثِهِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ وَقَوْلِي فَيْئًا مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ أَسْلَمَ) الْمُرْتَدُّ

ــ

[حاشية الجمل]

وَهِيَ قَوْلُهُ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ رَمَاهُ فَعَتَقَ مِنْ قَبِيلِ الثَّالِثَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَفِي الْقَوَدِ الْكَفَاءَةُ إلَخْ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ إلَخْ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ إلَخْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَاعِدَةٍ لِلرَّافِعِيِّ وَهِيَ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ مَضْمُونٌ ثُمَّ هُدِرَ الْمَضْمُونُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ إلَّا ضَمَانُ الْجُرْحِ كَأَنْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ.

(قَوْلُهُ لَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ أَوْ حَرْبِيًّا إلَخْ) وَلَوْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مَعْصُومًا ثُمَّ عُصِمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَإِنْ عُصِمَ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ ضَمِنَهُ بِالْمَالِ لَا الْقَوَدِ اهـ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ وَلَوْ رَمَاهُ إلَخْ) هَذَا مِنْ الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَوَدِ الْكَفَاءَةُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ أَيْ انْتِهَاءِ الْفِعْلِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَالرَّمْيِ كَالْمُقَدِّمَةِ إلَخْ) وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا يُنَافِي الْآتِيَ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ أَوَّلَ الْجِنَايَةِ وَنُزِّلَ عُرُوضُ الْعِتْقِ أَوْ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ مُرُورِ شَخْصٍ بَيْنَ السَّهْمِ وَهَدَفِهِ الَّذِي رُمِيَ بِهِ إلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا عَسَاهُ يُقَالُ كَيْفَ يُسَمَّى هَذَا خَطَأً مَعَ أَنَّ فِيهِ قَصْدَ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ تَنْزِيلُ تَغَيُّرِ الصِّفَةِ مَنْزِلَةَ تَغَيُّرِ الشَّخْصِ اهـ ح ل فَلَمَّا حَصَلَتْ الْإِصَابَةُ وَالْمَرْمِيُّ مُتَّصِفٌ بِوَصْفٍ غَيْرِ وَصْفِهِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الرَّمْيِ صَارَ الرَّامِي كَأَنَّهُ رَمَى إلَى شَيْءٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ) أَيْ بِالْعِصْمَةِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ تَشْمَلُهُ وَتَشْمَلُ الْأَمَانَ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ جَرِيحٌ إلَخْ) وَهَذَا عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلِوَارِثِهِ قَوَدُ الْجُرْحِ) فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَوْ مُعْتَقًا) غَايَةٌ لِلتَّعْمِيمِ قُصِدَ بِهَا الْإِشَارَةُ إلَى تَصَوُّرِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْقَرِيبِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ قَوَدُ الْجُرْحِ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ قِصَاصَ الطَّرَفِ لَا يَتَغَيَّرُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ وَجَاءَ آخَرُ فَحَزَّ رَقَبَتَهُ وَكَمَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ عَمْدًا وَجَاءَ آخَرُ فَقَطَعَ طَرَفًا آخَرَ خَطَأً وَمَاتَ مِنْهُمَا يَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الطَّرَفِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا قِصَاصُ النَّفْسِ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ صِحَّةُ مَا بَحَثْنَاهُ مَعَ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا مَرَّ اهـ سم (قَوْلُهُ لِلتَّشَفِّي) مَعْنَاهُ تَحْصِيلُ الشِّفَاءِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ الْغَيْظِ هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ وَتَشَفَّى مِنْ غَيْظِهِ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ شَفَا اللَّهُ الْمَرِيضَ يَشْفِيهِ مِنْ بَابِ رَمَى شِفَاءً عَافَاهُ وَأَشْفَيْت بِالْعَدُوِّ وَشَفَيْت بِهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَضَبَ الْكَامِنَ كَالدَّاءِ فَإِذَا زَالَ بِمَا يَطْلُبُهُ مِنْ عَدُوِّهِ فَكَأَنَّهُ بَرِئَ مِنْ دَائِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ) فَلَوْ عَفَا الْوَارِثُ عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مَالٍ صَحَّ وَكَانَ فَيْئًا اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقَوَدَ) أَيْ كَالْجَائِفَةِ وَكَقَطْعِ الْيَدِ خَطَأً شَرْحِ الرَّوْضِ.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْهُ كَالْجَائِفَةِ أَوْ عَفَا بِمَالٍ وَجَبَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ وَدِيَةِ النَّفْسِ وَيَكُونُ فَيْئًا اهـ سم. (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقَوَدَ) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَلَمْ تُوجَدْ الْمُكَافَأَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَجْهٌ فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْلِيلَ بِالتَّغْلِيظِ بِسَبَبِ الرِّدَّةِ اهـ أُشْبُولِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ أَيْ لِأَنَّ الْأَقَلَّ اتَّفَقَ السَّبَبَانِ عَلَى إيجَابِهِ إذْ الْمُوجِبُ لِلْأَكْثَرِ مُوجِبٌ لِلْأَقَلِّ فِي ضِمْنِ الْأَكْثَرِ بِخِلَافِ مَا زَادَ فَإِنَّ السَّبَبَ الْمُوجِبَ لَهُ عَارَضَهُ السَّبَبُ الْآخَرُ فَنَفَاهُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ إيجَابُهُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِكَاتِبِهِ وَفِي الْحَاشِيَةِ إيضَاحٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْفَهَّامَةُ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ إيضَاحُهُ أَنَّ وُجُوبَ الدِّيَةِ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ فَهُوَ مُسَاوٍ لِنَظِيرِهِ مِنْ الْمُسَلَّمِ، وَأَمَّا إيجَابُ الْأَرْشِ إذَا كَانَ أَقَلَّ فَلِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْجِنَايَةِ أَرْشٌ وَالرِّدَّةُ مَنَعَتْ مِنْ وُجُوبِ شَيْءٍ بَعْدَهَا وَلَا تُسْقِطُ مَا وَجَبَ قَبْلَهَا كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ نَفْسَهُ اهـ عَمِيرَةُ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَيَكُونُ الْوَاجِبُ فَيْئًا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ (فَرْعٌ)

لَوْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ قَبْلَ الْمَوْتِ كَانَ الْقِصَاصُ لَهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَلِيُّهُ وَلِلْمَالِ الْوَاجِبِ لَهُ بِالْجُرْحِ حُكْمُ مَالِهِ الثَّابِتِ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَخَذَهُ الْإِمَامُ اهـ شَرْحُ الرَّوْضِ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِوَارِثِهِ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ الْقَرِيبَ الْغَيْرَ الْوَارِثِ وَيُدْخِلُ ذَا الْوَلَاءِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ بِقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ فَيَخْرُجُ عَنْهُ قَرِيبُهُ الَّذِي لَيْسَ بِوَارِثٍ، وَيَدْخُلُ ذُو الْوَلَاءِ وَكَانَ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِذَلِكَ اهـ أَيْ وَآثَرَ التَّعْبِيرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ فَلَا وَارِثَ لَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَارِثِ احْتَاجَ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِقَوْلِهِ لَوْلَا الرِّدَّةُ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ إيهَامٌ فَأَشَارَ إلَى هَذِهِ النُّكْتَةِ اللَّطِيفَةِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَقُلْ فَيْئًا كَمَا زَادَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>