للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَمَاتَ سِرَايَةً فَدِيَةٌ) كَامِلَةٌ تَجِبُ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ حَالَ الْعِصْمَةِ فَلَا قَوَدَ وَإِنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ لِتَخَلُّلِ حَالَةِ الْإِهْدَارِ (كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حُرٌّ عَبْدًا) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ وَمَاتَ سِرَايَةً) فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي قَدْرِ الدِّيَةِ بِحَالِ اسْتِقْرَارِ الْجِنَايَةِ لَا قَوَدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ (وَدِيَتُهُ) فِي الثَّانِيَةِ (لِلسَّيِّدِ) سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهَا بَلْ لِلْجَانِي الْعُدُولُ لِقِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ أُجْبِرَ السَّيِّدُ عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ إلَّا بِالدِّيَةِ (فَإِنْ زَادَتْ) أَيْ الدِّيَةُ (عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِجُرْحِهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَإِلَّا فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهِ وَالدِّيَةِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي.

(وَلَوْ قَطَعَ) الْحُرُّ (يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَالْأَرْشِ) أَيْ أَرْشِ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ الْقَطْعُ وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

الْمُصَنِّفُ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مَالُهُ فَيْءٌ فَأَشَارَ إلَى هَذِهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَالْمُصَنِّفُ لَمَّا عَبَّرَ بِالْوَارِثِ رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّ الْمَالَ لَهُ فَاحْتَاجَ إلَى دَفْعِهِ بِمَا زَادَهُ تَأَمَّلْ اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ فَمَاتَ سِرَايَةً فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَجِبُ نِصْفُهَا تَوْزِيعًا عَلَى الْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ أَيْضًا فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ دِيَةُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مَعْصُومٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ حِينَئِذٍ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ لِتَخَلُّلِ الْمُهْدِرِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَوَدِ، وَقِيلَ إنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ أَيْ زَمَنُهَا بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لِلسِّرَايَةِ أَثَرٌ فِيهِ وَجَبَ الْقَوَدُ لِانْتِفَاءِ تَأْثِيرِ السِّرَايَةِ فِيهَا انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا إلَخْ) وَقَدْ أَفْتَيْت فِيمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّا مَعًا وَأَسْلَمَا مَعًا ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ بِلُزُومِ الْقَوَدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُكَافَأَةُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَى الْفَوَاتِ وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَهُمَا مُتَكَافِئَانِ كَذَلِكَ أَيْ وَالْمَقْتُولُ مَعْصُومٌ عَلَى الْقَاتِلِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْفِعْلِ إلَى الِانْتِهَاءِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَيْهِ مَنْ أَنَّ شَرْطَ لِقَوَدٍ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ مُهْدِرٌ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ عِصْمَتُهُ عَلَى الْقَاتِلِ لَا عِصْمَتُهُ فِي نَفْسِهِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ إلَخْ) كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ هَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ نَظِيرُ الَّتِي اُبْتُدِئَ الْفَصْلُ بِهَا لَكِنَّهَا تُفَارِقُهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَجْرُوحَ مَضْمُونٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ اهـ سم

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ دِيَةُ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مَعْصُومٍ اهـ ح ل وَلَا يَضُرُّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ مَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ سِرَايَةً مَا لَوْ انْدَمَلَتْ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا انْدَمَلَتْ اسْتَقَرَّتْ وَخَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ جِنَايَةً عَلَى النَّفْسِ فَيُنْظَرُ إلَى حَالِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ وَكَانَ مَمْلُوكًا حِينَئِذٍ فَيَجِبُ أَرْشُهَا اهـ عَمِيرَةُ وسم. (قَوْلُهُ سَاوَتْ قِيمَتَهُ أَوْ نَقَصَتْ) فَالْمَأْخُوذُ حَقِيقَةً أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدِّيَةِ اهـ ح ل أَيْ مَعَ أَنَّ السِّرَايَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ حَتَّى تُعْتَبَرَ فِي حَقِّ السَّيِّدِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ إلَخْ) عُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ لِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ، وَيَتَخَيَّرُ الْجَانِي حِينَئِذٍ بَيْنَ تَسْلِيمِ حِصَّةِ السَّيِّدِ مِنْ الدِّيَةِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) وَهَذَا مِنْ الْقَاعِدَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ حَقُّهُمْ فِي الْإِبِلِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْإِبِلِ وَحَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا حَتَّى لَوْ دَفَعَ إلَيْهِمْ الدَّرَاهِمَ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ) أَيْ وَمَا زَادَ فِي حَالِ الْحُرِّيَّةِ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ عَنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ نَقَصَ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ.

قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَفِي قَوْلِ الْأَقَلِّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ الَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا يَتَّجِهُ غَيْرُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَلَا يَصِحُّ التَّعْوِيلُ فِي الْفَرْقِ عَلَى مُجَرَّدِ كَوْنِ الْأَرْشِ هُنَا مُقَدَّرًا وَفِي الْأُولَى غَيْرُ مُقَدَّرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ وَأَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ كَمَا لَوْ جَرَحَ إلَخْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَالْأَرْشِ) فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَقَلُّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ هُوَ الْأَقَلُّ أَخَذَهُ السَّيِّدُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ الدِّيَةِ يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ الدِّيَةَ فَلَا وَاجِبَ غَيْرُهَا أَوْ أَرْشُ الْجُرْحِ فَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِهِ وَالزَّائِدُ لِلْوَرَثَةِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ لَوْ انْدَمَلَ الْقَطْعُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَيْ أَرْشُ الْيَدِ إلَخْ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ هُنَاكَ أَرْشٌ لِلْيَدِ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَرْشُ عِنْدَ الِانْدِمَالِ فَاعْتِبَارُ الْأَرْشِ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِفَرْضِ الِانْدِمَالِ اهـ تَقْرِيرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ نِصْفُ قِيمَتِهِ) أَيْ لَا قِيمَةُ نِصْفِهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ لَا الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتِهِ) أَيْ كَمَا هُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي الْمِنْهَاجِ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى رَدِّهِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ إلَخْ أَيْ فَلَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ كَامِلَةً.

وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ الَّذِي هُوَ أَرْشُ الْجُرْحِ الْوَاقِعِ فِي مِلْكِهِ لَوْ انْدَمَلَ، وَالسِّرَايَةُ لَمْ تَحْصُلْ فِي الرِّقِّ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لَهُ انْتَهَتْ أَيْ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>