فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَلْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ بُلُوغَ مَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ دِيَةَ الْيَدِ (وَالشِّجَاجُ) فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ بِكَسْرِ الشِّينِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهَا وَهِيَ جُرْحٌ فِيهِمَا أَمَّا فِي غَيْرِهِمَا فَيُسَمَّى جُرْحًا لَا شَجَّةً عَشْرٌ (حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ وَهِيَ مَا (تَشُقُّ الْجِلْدَ) قَلِيلًا نَحْوُ الْخَدْشِ وَتُسَمَّى الْحَرْصَةَ وَالْحَرِيصَةَ وَالْقَاشِرَةَ (وَدَامِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ الشَّقُّ بِلَا سَيَلَانِ دَمٍ وَإِلَّا تُسَمَّى دَامِعَةً بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ الشِّجَاجُ إحْدَى عَشْرَةَ (وَبَاضِعَةٌ) مِنْ الْبَضْعِ وَهُوَ الْقَطْعُ (تَقْطَعُ اللَّحْمَ) بَعْدَ الْجِلْدِ
ــ
[حاشية الجمل]
الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الْيَدِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي صُورَةِ الْجُمْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي صُورَةِ الْمِنْشَارِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ صُورَةِ التَّمْيِيزِ مَثَّلَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ لِصُوَرِ الِاشْتِرَاكِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَحُلُّ الْإِشْكَالَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنَّ الْإِمْرَارَ يُصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَعَاوَنَا فِي كُلِّ جَذْبَةٍ وَإِرْسَالِهِ فَيَكُونُ مِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاكِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَجْذِبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ نَفْسِهِ وَيَفْتُرَ عَنْ الْإِرْسَالِ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ الْبَعْضُ مَقْطُوعَ هَذَا وَالْبَعْضُ مَقْطُوعَ ذَاكَ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَا صَوَّرَ بِهِ الْإِمَامُ كَلَامَ الْجُمْهُورِ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُلَخَّصًا اهـ سم (قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ لِأَنَّ جِرَاحَةَ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ تَنْتَهِ إلَى عَظْمٍ وَلَا اُسْتُوْفِيَ بِهَا مَفْصِلٌ وَلَيْسَ كَقَطْعِ بَعْضِ الْأُذُنِ وَالْمَارِنِ؛ لِأَنَّ هُنَا مِنْ الْعُرُوقِ وَالْأَعْصَابِ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ التَّسَاوِي فِي الْبَعْضِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ جَرَّ الْمِنْشَارَ بَعْضُهُمْ فِي الذَّهَابِ وَبَعْضُهُمْ فِي الْإِيَابِ حَتَّى أَبَانُوا الْمَفْصِلَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ اهـ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ هُنَاكَ إلَخْ أَقُولُ اُنْظُرْ هَذَا الْفَرْقَ إذْ يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَطْعِ الْوَاحِدِ جَمِيعَ الْيَدِ وَبَيْنَ قَطْعِهِ نِصْفَهَا فَهَلَّا قُطِعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ يَدِهِ فِيمَا إذَا قَطَعَ كُلٌّ نِصْفَ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْقِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَلَوْ مَنَعَهُ مَنَعَ الْقِصَاصَ إذَا قَطَعَ وَاحِدٌ كُلَّ الْيَدِ وَحْدَهُ تَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ الْكُلَّ صَارَ الْمَقْصُودُ إتْلَافَ الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْبَعْضِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ تَأَمَّلْهُ عَمِيرَةُ اهـ سم.
وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَيْسَ قَاطِعًا لِلْيَدِ وَأَمَّا فِي الْجِرَاحَاتِ فَكُلُّ وَاحِدٍ قَاتِلٌ لِلنَّفْسِ أَيْ مُزْهِقٌ لِلرُّوحِ؛ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ لَا يَتَجَزَّأُ بِخِلَافِ الْقَطْعِ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ) أَيْ إنْ عُرِفَتْ وَإِلَّا فَيَحْتَاطُ الْقَاضِي فِي فَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ ظُلْمٌ لِأَحَدِهِمَا وَلَا نَقْصٌ لِمَجْمُوعِ الْحُكُومَتَيْنِ عَنْ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكُومَةِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ وَالشِّجَاجُ حَارِصَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَشِجَاجُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشْرٌ بِاسْتِقْرَاءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ وَجُرْحُ غَيْرِهِمَا لَا يُسَمَّى شَجَّةً فَدَعْوَى أَنَّ الْإِضَافَةَ إلَيْهِمَا مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ لَيْسَا عَيْنَ الشَّجَّةِ بَلْ شَرْطَانِ فِي تَسْمِيَتِهَا شَجَّةً، فَالْأَقْرَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقَ الْجُرْحِ، وَأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّخْصِيصِ وَمَحِلُّ مَا ذَكَرَ فِي الشَّجَّةِ حَيْثُ أُطْلِقَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُضِيفَتْ كَمَا هُنَا عَلَى أَنَّ جَمَاعَةً اُطْلُقُوهَا عَلَى سَائِرِ جُرُوحِ الْبَدَنِ أَوَّلُهَا طَبْعًا وَوَضْعًا حَارِصَةٌ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ طَبْعًا وَوَضْعًا قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَطْعِ جِلْدٍ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَارِصَةِ وَلَا مَا بَعْدَهَا وَالتَّرَتُّبُ الطَّبِيعِيُّ مِنْ ضَابِطِهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ عِلَّةً لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ) أَشَارَ إلَى تَقْيِيدِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ لَكِنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ اللُّغَوِيُّ، وَلَوْ تَرَكَ الشَّارِحُ الْمَتْنَ لِيَعُمَّ سَائِرَ الْجِرَاحَاتِ كَانَ أَفْيَدَ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ جَمْعُ شَجَّةٍ إلَخْ) فِي الْمِصْبَاحِ الشَّجَّةُ الْجِرَاحَةُ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْجَمْعُ شِجَاجٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَشَجَّاتٌ أَيْضًا عَلَى لَفْظِهَا وَشَجَّهُ شَجًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ عَلَى الْقِيَاسِ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا شَقَّ جِلْدَهُ، وَيُقَالُ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ شَجَّتْ السَّفِينَةُ الْبَحْرَ إذَا شَقَّتْهُ جَارِيَةً فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيُسَمَّى جُرْحًا لَا شَجَّةً) وَأَمَّا الْأَسْمَاءُ الْآتِيَةُ مِنْ الْحَارِصَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْعَشْرِ فَلَا تَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ بِضَمِّ التَّاءِ) أَيْ مَعَ سُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً وَمَعَ فَتْحِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً قَالَ فِي الْقَامُوسِ دَمِيَ كَرَضِيَ وَأَدْمَيْته وَدَمَيْتُهُ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ تَقْطَعُ اللَّحْمَ) أَيْ وَلَا تَغُوصُ فِيهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ بَعْدَ الْجِلْدِ) اُنْظُرْ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْبَاضِعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ قَطْعُ اللَّحْمِ بَعْدَ قَطْعِ الْغَيْرِ لِلْجِلْدِ اهـ سم وَوَجَدْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ بِهَامِشٍ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ هَلْ هُوَ قَيْدٌ إلَخْ نَعَمْ هُوَ قَيْدٌ إذْ الْمُرَادُ مِنْ الشِّجَاجِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ لِيَحْصُلَ ضَمَانُهَا بِمَا قُدِّرَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَوْ حَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ حَصَلَ مَا قَبْلَهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْبَاضِعَةِ بَعْدَ الدَّامِيَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالثَّانِي إلَّا الْحُكُومَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute