للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالدِّيَةُ) عِنْدَ سُقُوطِهِ بِعَفْوٍ عَنْهُ عَلَيْهَا أَوْ بِغَيْرِ عَفْوٍ (بَدَلٌ) عَنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوَدِ النَّفْسِ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (فَلَوْ عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ مَحْجُورَ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ (عَنْهُ مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلدِّيَةِ (فَلَا شَيْءَ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ وَالْعَفْوُ إسْقَاطٌ ثَابِتٌ لَا إثْبَاتٌ مَعْدُومٌ (أَوْ) عَفَا (عَنْ الدِّيَةِ لَغَا) لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَمَّا لَيْسَ مُسْتَحَقًّا فَهُوَ فِيهَا لَغْوٌ كَالْمَعْدُومِ (فَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (عَقِبَ عَفْوِهِ مُطْلَقًا أَوْ عَفَا عَلَيْهَا بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهَا وَجَبَتْ) فَاخْتِيَارُهَا فِي الْأُولَى وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي كَالْعَفْوِ عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَ الْعَفْوُ عَنْهَا لَغْوًا فِي الثَّانِيَةِ صَحَّ الْعَفْوُ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ جَانٍ) بِشَيْءٍ مِنْ اخْتِيَارِ الدِّيَةِ أَوْ الْعَفْوِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تَجِبُ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ كَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَضْمُونِ عَنْهُ (وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقَوَدِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا) أَيْ الدِّيَةِ

ــ

[حاشية الجمل]

كَمَا مَرَّ فِي قَتْلِ مُرْتَدٍّ مُرْتَدًّا وَفِيمَا لَوْ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا حَزُّ الرَّقَبَةِ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ أَوْ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا وَقَدْ لَا يَجِبُ إلَّا التَّعْزِيرُ وَالْكَفَّارَةُ كَمَا فِي قَتْلِ السَّيِّدِ قِنَّهُ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ وَالْعَفْوُ مَعْطُوفٌ عَلَى مُوجِبِ الْقَوَدِ أَيْ فَصْلٌ فِي مُوجِبِ الْقَوَدِ وَفِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ بَدْلٌ عَنْهُ) فِي شَرْحِ م ر أَنَّ الدِّيَةَ هِيَ الْوَاجِبَةُ فِي النَّفْسِ وَالْوَاجِبُ فِي غَيْرِهَا يُقَالُ لَهُ: أَرْشٌ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع ش قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَاجِبَ مَا دُونَ النَّفْسِ لَا يُسَمَّى دِيَةً وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَامُوسِ الدِّيَةُ حَقُّ الْقَتِيلِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْآتِي مَا نَصُّهُ وَهِيَ أَيْ الدِّيَةُ الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ وَمَا سَيَأْتِي إطْلَاقٌ شَرْعِيٌّ

(قَوْلُهُ أَيْضًا وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْقَوَدِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ عَنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَكُونَ مَخْرَجًا لِلْمَتْنِ عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عَنْهُ وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْأَصْحَابِ وَصَرَّحُوا بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي قَوَدِ النَّفْسِ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَ الْمَرْأَةَ بِقَتْلِهَا الرَّجُلَ دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ رُدَّ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فَلَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْخِلَافِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْنَا كَانَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَكَانَ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ بَدَلًا عَنْهُ لَا عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ كَحَيَاةِ الْقَتِيلِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ عَفْوٍ) الْمُرَادُ بِغَيْرِهِ مَوْتُ الْقَاتِلِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ وَلَا يُصَوَّرُ الْغَيْرُ أَيْضًا بِقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ ابْتِدَاءً وَالْكَلَامُ هُنَا فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ اهـ عَبْدُ الْبِرِّ بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِ مَا يَشْتَمِلُ قَتْلَ الْوَالِدِ وَلَدَهُ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ مَا يَشْمَلُ عَدَمَ ثُبُوتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا بَدَلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ) أَيْ لَا بَدَلُ الْجَانِي وَبَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ دِيَةُ الْمَقْتُولِ وَهِيَ بَدَلٌ عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي هُوَ قَتْلُ الْجَانِي الَّذِي هُوَ بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ الْقَوَدِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ اهـ ح ل

(قَوْلُهُ فَلَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إذَا كَانَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ وَرَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْعَفْوِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالصُّلْحُ عَلَى الْمَالِ لَا يُسَمَّى عَفْوًا اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ مَحْجُورَ فَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ) هَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ عَفْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمُطْلَقَ أَوْ مَجَّانًا يُوجِبُ الدِّيَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَصْلِهِ وَقَدْ أَوْضَحَ الشَّارِحُ الرَّدَّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ (قَوْلُهُ أَوْ سَفَهٍ) لَوْ كَانَ السَّفِيهُ هُوَ الْقَاتِلُ فَصَالَحَ الْقَوَدَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَعَلَ وَلَوْ طَلَبَ وَلِيُّهُ الصُّلْحَ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّ الدَّمِ إلَّا بِهِ وَطَلَبَ السَّفِيهُ قَتْلَ نَفْسِهِ أُجِيبَ مَنْ طَلَبَ الْحَقْنَ اهـ سم (قَوْلُهُ مَجَّانًا أَوْ مُطْلَقًا فَلَا شَيْءَ) وَلِأَحَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ الْعَفْوُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَاقِينَ لِعَدَمِ تَجْزِيءِ الْقَوَدِ وَكَذَا لَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْجَانِي سَقَطَ عَنْ كُلِّهِ كَمَا أَنَّ تَطْلِيقَ بَعْضِ الْمَرْأَةِ تَطْلِيقٌ لِكُلِّهَا وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ كُلَّمَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِرَبْطِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَعْضَاءِ يَقَعُ الْعَفْوُ بِرَبْطِهِ بِهِ وَمَا لَا فَلَا وَلَوْ عَفَا بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَطْلَقَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ وَوَجَبَتْ حِصَّةُ الْبَاقِينَ مِنْ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَخْتَارُوهَا لِأَنَّ السُّقُوطَ حَصَلَ قَهْرًا كَقَتْلِ الْأَصْلِ فَرْعَهُ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ مَجَّانًا) بِأَنْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ أَوْ عَفَوْت مَجَّانًا اهـ حَلَبِيٌّ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إلَخْ) رَدَّ بِهِ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ عَفْوَ مَحْجُورِ الْفَلَسِ عَنْ الْقَوَدِ مَجَّانًا تَجِبُ بِهِ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ بِفَلَسٍ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ لَزِمَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ لِتَكْلِيفِهِ حِينَئِذٍ الِاكْتِسَابَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ عَفْوُهُ مَجَّانًا إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْعَفْوِ لِتَفْوِيتِهِ مَا لَيْسَ حَاصِلًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابَ) أَيْ فَصَحَّ عَفْوُهُ عَنْ الْقِصَاصِ بِلَا بَدَلٍ وَقَوْلُهُ إسْقَاطُ ثَابِتٍ أَيْ وَهُوَ الْقِصَاصُ لَا إثْبَاتُ مَعْدُومٍ وَهُوَ الدِّيَةُ فَلَا يَلْزَمُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ إسْقَاطِ ثَابِتٍ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ) أَيْ ابْتِدَاءً لَغَا لِأَنَّهُ عَفْوٌ عَمَّا لَيْسَ مُسْتَحَقًّا لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا إنْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ عَلَيْهَا اهـ ح ل

(قَوْلُهُ عَقِبَ عَفْوِهِ) بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ أَوْ الْعِيِّ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَأَنْ لَا يَأْتِيَ بِكَلِمَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَإِلَّا كَانَ مُتَرَاخِيًا اهـ ح ل أَيْ فَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَغْوٌ حِينَئِذٍ لِصِحَّةِ الْعَفْوِ الْمُطْلَقِ وَتَرَاخِي

<<  <  ج: ص:  >  >>